آخر تحديث: السبت 20 إبريل 2024
عكام


فـــتــــاوى

   
حكم عمل المرأة في الإسلام

حكم عمل المرأة في الإسلام

تاريخ الإضافة: 2012/05/03 | عدد المشاهدات: 1041
السؤال: ما حكم عمل المرأة في الإسلام ؟


  الإجـابة
الجواب: الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين: وبعد: فإن العمل أمر مندوب إليه وشرف وفضيلة، حثَّ عليه شرعنا الحنيف، وجعله حقاً من حقوق الأفراد جميعاً فلهم ممارسته وفق ما أحل الله: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ) الملك15. (وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً ) النبأ11. ويكون العمل واجباً إذا تعيّن طريقاً للحصول على ما يلزم الإنسان من نفقة واجبة عليه، ولتحصيل أسباب العيش من طعام وشراب وسكن، ولئلا يحتاج إلى السؤال مع قدرته على العمل، فإن توافر ذلك له وحصل على أسباب العيش تلك كان العمل في حقه مباحاً. والله سبحانه جعل لكل من الرجل والمرأة مواهب واستعدادات وطاقات تتناسب مع المهمة التي توكل إليه، فالطرفان شريكان في أداء المهمة الإنسانية، ولا يمكن أن يستغني أحدهما عن الآخر، ورتب المولى سبحانه الجزاء على قدر العمل المشروع أيا كان حجمه: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ) ولا يُنكر أن الأصل في وظيفة المرأة الأولى هو إدارة بيتها ورعاية أسرتها وتربية أولادها: "وَالمَرْأةُ رَاعِيَةٌ في بيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا" متفق عليه. لذا كانت مكفية المؤونة، لأن نفقتها على زوجها – إن كانت ذات زوج - وعلى أبيها أو عصبتها إن لم تكن ذات زوج، وليست بذلك عالة على المجتمع، فهي تقوم بمهمة كبيرة جداً تستحق معها الكفاية، ولا يقل شأنها عن كل من يقوم بعمل يستحق عليه التعويض المكافئ، وإن رسالة المرأة في البيت لا تقل أهمية عن رسالة الرجل خارجه كمال قال صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت يزيد وافدة النساء إلى رسول الله: "انصرفي أيتها المرأة وأعلمي مَنْ وراءك من النساء أن حسن تَبَعُّلِ إحداكن لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله" أي الأعمال التي يقوم بها الرجال خارج البيت " البيهقي في الشعب ". ومع ذلك فالإسلام لا يمنع المرأة من العمل فلها أن تبيع وتشتري وأن توكل غيرها وأن تتاجر بمالها ما دامت مراعية لأحكام الشرع وآدابه من لباس وكلام، ولذا أبيح لها كشف وجهها وكفيها لأن الحاجة تدعو إلى ذلك. جاء في الموسوعة الفقهية 7/83. وفي الاختيار: لا ينظر الرجل إلى المرأة الأجنبية إلا إلى الوجه والكفين لأن في ذلك ضرورة للأخذ والعطاء، بل إن احتاجت المرأة إلى العمل تخرج دون منع من أحد. كما في الموسوعة أيضاً. والذي يمكن استخلاصه أن للمرأة الحق في العمل. ومما ورد في السنة عن عمل المرأة: ما كان من أمر أسماء زوجة الزبير رضي الله عنهما حيث قالت كما في الصحيحين: "تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير ناضح وغير فرسه فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء وأخرز غربه وأعجن ولم أكن أحسن أخبز وكان يخبز جارات لي من الأنصار وكن نسوة صدق وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي... " وكذلك إذا كان العمل من فروض الكفايات، جاء في فتح القدير " إن كانت المرأة قابلة أو كان لها حق على آخر، أو لآخر حق عليها أن تخرج بالإذن وبغير إذن. وذكر ابن عابدين عن البحر تقيده بالإذن. ويدخل في فروض الكفايات إذا كانت للمرأة حرفة لا تحسنها كل امرأة، فيجوز أن تباشرها خارج البيت كأن تكون قابلة أو يكون عملها في دور الحضانة للأطفال ولتعليم البنات وعمل الباحثات الاجتماعيات وتعليم الخياطة... وقد جاء في الأدب المفرد أن رفيدة كان لها خيمة خاصة تداوي فيها الجرحى وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يحولوا سعداً إليها. على أننا نؤكد على أن خروج المرأة للعمل – في الأحوال العامة – مرهون بعدم التقصير في الواجب الأساسي وهو المنزل الذي يوفر السكن والمودة ويربي النشىء ويعده لاستمرار الحياة الاجتماعية والإنسانية، ومرهون أيضاً كما قلنا بإذن الزوج فهو المشرف المسؤول عنها في النفقة والحماية، وأن يكون العمل ضمن الدائرة التي تختص ببنات جنسها وتتفق مع تكوينها الجسماني وفطرتها، كما يجب أن تحافظ على كل الآداب الخاصة التي أوجبها الإسلام للعلاقة بين الجنسين صيانة للعرض والعفاف والشرف وأهمها الحجاب وعدم الاختلاط المحرم والذي يكون في الخلوة بأجنبي أو مع التبرج أو الخضوع في القول عند المحادثة حتى لا يكون هناك انحراف يتنافى مع المقصود من مزاولة النشاط خارج البيت. هذا وأن التقصير في الواجب الأساسي للمرأة هو الذي أثار الجدل والنقاش حول عودة المرأة العاملة إلى بيتها فلا بد من الموازنة إذاً بين الكسب والخسارة شأن التاجر الواعي البعيد النظر. ويحسن بنا أن نشير إلى أمر أثبته الواقع – في بعض الظروف أو المجتمعات – وهو أن مزاحمة النساء للرجال في ممارسة الأعمال المنوطة أصلاً بالرجال، ورضاهن بالأجور اليسيرة دفعت بأرباب الأعمال لاختيارهن للعمل دون الرجال مما سبّب بطالة ونتائج غير مرضية، لذا كان لا بد من تحقيق التوازن المنطقي في هذا الأمر تجنباً لكل سلبياته. أخيراً: إن العمل للمرأة خارج المنزل – مع كل مجالات العمل والكسب داخله كثيرة – جائز مع كل التحفظات الشرعية ذلك إن رسول الله  قال: - كما جاء في الصحيحين: "إنه قد أذُن لكن أن تخرجن لقضاء حوائجكن" كما ننصح بأن يتفرغ كل من المرأة والرجل للقيام بأصل واجبه المنوط به خير قيام وأحسنه وفي ذلك الخير العميم إن شاء الله، فإن اقتضت الحاجة مشاركة المرأة وقيامها ببعض الأعمال الخارجية فليكن ذلك عبر جو ملائم بعيد عن كل تجاوز شرعي حرصاً على تحقيق الأداء السليم في المجتمع القويم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

التعليقات

شاركنا بتعليق