آخر تحديث: الجمعة 29 مارس 2024
عكام


فـــتــــاوى

   
حكم التبرع لجمعيات غير إسلامية، وحكم الزكاة لغير المسلمين

حكم التبرع لجمعيات غير إسلامية، وحكم الزكاة لغير المسلمين

تاريخ الإضافة: 2020/04/20 | عدد المشاهدات: 2069

السلام عليكم ورحمته وبركاته. وأرجو أن تكونوا بأحسن حال وأهدأ بال وفي سكينة وطمأنينة لا تنضبان البتة.

أمّا بعد: بادئ ذي بدء، أتضرّع إلى الله أن يكلأك الله برعايته، ويحوطك بعنايته، وأن يسبغ عليك الخيراتِ برُمَّتِها، والمسرَّاتِ جميعها، والنَّجاحاتِ بأسرها، والسَّعاداتِ بحذافيرها، والبركات بأكملها، والمفازات بأتمِّها وأن يبوّئنا الله وإياكم من الفردوس نزلاً ومن الجنات غرفاً، وأن يحشرنا إليه وفداً، ويزفنا إلى روضات الجنات زفاً. وعودٌ على بدء، أرجو من فضلكم الكريم ولطفكم الكبير معاينة الفتاوى الخمس الآتية ذكرها راجياً من فضلكم تكرماً بالإجابة عنها، شاكراً لكم جهدكم الجاهد وهمّتكم المتوثّبة وغيرتكم المتوقّدة على الأحكام الدينيّة والمقاصد الشرعيّة ! وبما أن العمل الخيري في الإسلام هو ميزة رائعة لهذا الدين الحنيف، فقد بدأت تتوالى الاستفسارات حول قبول أموال من غير المسلمين أو إعطاء غير المسلمين أموالاً من زكاة أو صدقات، فبات لزاماً عليَّ أن أكتب بحثًا علمياً أكاديمياً حول الموضوع آنف الذكر سعياً في معاينة الموضوع أيَّما معاينة، مما آلَ بي إلى التوجه إلى حضرتكم حول هذه الاستفسارات لطفًا منكم وكرمًا من حضرتكم. والاستفسارات هي كالآتي:

- هل يجوز التبرّع المالي إلى جمعيات (غير ربحيّة) وهي غير إسلاميّة وهذه الجمعيات قائمة في بلاد إسلاميّة ؟

- هل يجوز التبرّع المالي إلى جمعيّات (غير ربحيّة) وهي غير إسلاميّة وهذه الجمعيات قائمة في بلاد غير إسلاميّة ؟

- هل يجوز قبول التبرّع المالي من جمعيات وصناديق خيريّة غير إسلاميّة أو من أفراد غير مسلمين إلى المسلمين لبناء مشروع خيري أو مركز للقرآن أو سد احتياجاتهم ؟ وهل ثمّة معايير خاصة لقبولها ؟

- هل يجوز التبرّع بالزكاة أو الصدقة لغير المسلمين في بلاد مختلفة، وما المعايير اللازمة لإعطاء الزكاة أو الصدقة ؟

ومن نافلة القول، لا جرم عن شكر حضرتك سلفًا، وأتضرّع إلى الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتكم وأن يدلف عليكم المسرّة والحبور، وأن يردف إليكم المفازة والفلاح، وأن يخوّلكم النعم والآلاء وأن يمنّ عليك بالطوْل والرغد، وأن يجعل مرضاته زلفى منك، وعفوه قربى منك، وشفاعة النبيّ صلى الله عليه وسلم مزدلفة إليك. ملحوظة لا مندوحة عن ذكرها، يمكن أن تكون الإجابات مكتوبة أو مقروءة وفق اختياركم الكريم. أنتم محل مودّتي ومنزل معزّتي وموضع امتناني ومربط شكري

د. مروان أبو غزالة - فلسطين المحتلّة

 


  الإجـابة

سعادة الدكتور مروان وفقه المولى ورعاه.

أولاً: لك امتناني الكبير على دعائك الوفي لي وعلى تلطفك الأخوي النبيل معي، وأسأل المولى جل شأنه أن يجزيك عني أوفر الجزاء وأعظمه، واللهم اغفر لي ما لا يعلمون.

ثانياً: بالنسبة لأسئلتك فالله أسأل أن يوفقني لسداد الإجابة.

- أما السؤالان الأول والثاني فأقول: إذا كان التبرع المعنوي (الكلمة الطيبة والمخالقة بخلق حسن، والمجادلة بالتي هي أحسن، والبر تجاه غير المسلم) جائزاً لغير المسلم كما ورد ذلك في القرآن الكريم وصحيح السنة النبوية الشريفة، بل قد حضَّت الشَّريعة الغَرَّاء عليه، فمن باب أولى جواز التبرع المادي أو المالي، فالمعنى أعلى وأرفع من المبنى.

أما قبول التبرعات من جمعيات غير إسلامية أو أفراد غير مسلمين فجائز أيضاً بناء على ما تقتضيه مصلحة العيش المشترك اليوم في عالم متداخل متواصل يبغي تعاوناً عاماً للقضاء على الفقر والمرض والأوبئة هذا أولاً، وثانياً: التبرع من قبل هؤلاء لنا هو هدية، والهدية مقبولة (شرعاً) من أية جهة كانت، وقد قبل الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم الهدية من مختلف الناس (من حيث الدين والعرق والجغرافية)، أما المعيار فهو ذاك الذي نحكِّمه في كل سلوكاتنا: "لسن بالخبِّ ولا الخب يخدعي"، و: "دع خيراً عليه الشر يربو"، وكما قال الشاطبي: "النظر في مآلات الأفعال معتبر شرعاً". وهكذا...

وأما إعطاء الزكاة لغير المسلم (نعني به الكتابي هنا حصراً) فقد أصدرنا منذ سنوات فتوى في ذلك، وإليكَها:

السؤال: هل يصح إعطاء الزكاة للمسيحي ؟

الجواب: الحمد لله والصلاة على رسول الله، وبعد:

فإننا لا نرى مانعاً شرعياً من إعطاء المسلم زكاته إلى المسيحي "الكتابي"، ولا سيما إذا كان مواطنه، وقد قال الله تعالى: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين...) فأطلق الفقراء ليشمل المسلم وغير المسلم، وما داموا أيضاً في مجتمع واحد وتحت سيادة دولة واحدة، وقد جاء في دستور المدينة الذي وضعه محمد صلى الله عليه وسلم بوحي من ربه: (وأن المسلمين مع مَن معهم أمة واحدة على مَن عداهم) ونُقل هذا الرأي عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعدد من أئمة الصحابة والتابعين، فليُنظر وبالله التوفيق.

 

التعليقات

شاركنا بتعليق