آخر تحديث: الإثنين 15 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
الذكر وثمراته

الذكر وثمراته

تاريخ الإضافة: 2004/07/23 | عدد المشاهدات: 2995

أما بعد ، أيها الإخوة المؤمنون :
الحديث عن الذكر يجب أن يستمر ، والذكر لا شك في أنه ركن من أركان شخصيتنا ، فشخصيتنا تقوم على الذكر والعمل والدعوة والجهاد والعلم ، ولكننا إذ نتحدث عن الذكر نتساءك : ما المقصود بالذكر ؟ قبل أن نتحدث عن ذكر الله وهو المَعنِيُّ في خطبتنا نقول : المقصود بالذكر بشكل عام حينما أقول لك : اذكرني ، وحينما تقول لولدك أو لزميلك أو لمن تحب اذكرني ، فالذكر يعني التذكر ، والتذكر هو أن تتذكر حسنات هذا الإنسان ، أن تتذكر فضله وما له من أيادٍ بيض ، وأن لا تنسى واجبك نحوه . هذا معنى الذكر ، لذلك يتكلمون عن العشاق فيقولون : قال العاشق لمعشوقه : اذكرني دائماً . فأجابه المعشوق : لن أنساك أبداً .
حينما نُحوِّل الذكر إلى ذكر لله عز وجل فإننا نطبق عليه هذا المعنى
﴿ اذكروا الله ذكراً كثيراً الأحزاب : 41 ، ﴿ والذاكرين الله كثيراً والذاكرات الأحزاب : 35 حينما نحول هذا المعنى إلى ذكر الله فإننا نعني بذلك أن تتذكر باستمرار فضل الله عليك ، وأن لا تنسى واجبك نحوه ، وإذا فعلت ذلك وتذكرت فضل الله عليك ، وأعظم فضل من الله أنه خلقك ، أن لا تنسى واجبك نحوه ، وأن واجبك نحو الله عبودية وعبادة ، إذا كنت على هذا الذكر الذي يعني التذكر لفضل الله عليك وعدم نسيان واجبك نحو ربك ، فالله عز وجل سيذكرك بالعطاء والكفاية ، جاء في صحيح البخاري أن النبي عليه وآله الصلاة والسلام قال عن رب العزة جلت قدرته : " من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين " إن تذكرت فضل الله عليك ولم تنس واجبك نحوه فسيذكرك الله بالعطاء ، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في صحيح الإمام مسلم عن رب العزة : " عبدي : اذكرني بعد الفجر ساعة ، وبعد العصر ساعة أَكفِكَ ما بينهما " لذلك قلنا : فسيذكرك ربك بالعطاء والكفاية .
ثانياً : إن تذكرت ربك بفضله عليك ولم تنس واجبك نحوه ذكرك ربك بالحب ، فقد جاء في سنن الدارقطني أن سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام قال : " يا رب ! وددت لو أعلم من تحب من عبادك فأحبه " فقال الله عز وجل : " يا موسى ! إذا رأيت عبدي يذكرني ، فأنا أذنت له وأنا أحبه ، وإن رأيت عبدي لا يذكرني فأنا حجيجه وأنا أبغضه .
ثالثاً : إن تذكرت ربك بفضله عليك ولم تنس واجبك نحوه غفر الله لك ذنبك ، جاء في صحيح الإمام مسلم أن النبي عليه وآله الصلاة والسلام خرج فوجد بعضاً من أصحابه في حلقة ، فقال : " ما أجلسكم ؟ " قالوا : جلسنا نذكر الله ونحمده على ما من به علينا وهدانا للإسلام . فقال : " آلله ما أجلسكم إلا هذا ؟ أما وإني لم أستحلفكم تهمة لكم ، ولكن أتاني جبريل فقال : إن الله يباهي بكم ملائكته " وفي رواية " ولكن أتاني جبريل فأخبرني بأن الله قد غفر لكم " اذكروا الله يا شبابنا ويا بناتنا ويا ضباطنا ويا جيوشنا ويا أساتذتنا ويا معلمينا ويا أبناء وطني تذكروا فضل الله ونعمه عليكم . إن أحسن إليكم إنسان أوصى بعضكم بعضاً أن لا ينسى هذا الإحسان ، عندما يقوم أحد منا بعملٍ تجاه الآخرين فالآخرون يتواصون فيما بينهم من أجل أن يتذكروا هذا الإحسان ، ويقولون : مِنَ الإحسان أن تكرم من أكرمك ، وأن لا تنسى واجب رد الجميل على من أحسن إليك ، هكذا نتواصى فلماذا لا نتواصى ؟ عندما يقوم رئيس الدولة بعمل جميل تتكلم الصحف والإذاعات ، ويقولون عمل فلان هذا العمل الجميل ، أفلا نتواصى بتذكر جميل الله علينا ! من سواك ومَدَّك وأوجدك وأنعم عليك ، وجعلك مهدياً إلى دين الله ؟ من ؟ الله عز وجل . هل تتذكره ، وإذا تذكرت فضله فاذكر واجبك نحوه . عندما تكون في مكان ما تصطاف تذكر أن ربك هو صاحب الفضل عليك ، رزقك من أجل أن تأتي إلى هنا ، وأمدك بعافية وجعلك قوياً قادراً على أن تأتي هنا ، لذلك تذكر واجبك نحوه ، وأن لا تعصيه ، وأن ترفع رأسك داعياً حامداً شاكراً
﴿ رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين القصص : 17 فلن أعصيك ، ولن ألجاً ولن أركن إلا إليك ، رب بما أنعمت علي فلن أساوم على دينك ، ولن أكون إلا معك ، فلن أكون إلا طائعاً قانتاً لك .
يا إخوتي في فلسطين : اذكروا الله ، تذكروا فضل الله عليكم ، وأنكم مسلمون ، وأنكم مؤمنون ، وأنكم في صف الجهاد في سبيل الله ، تذكروا هذا ولا تنسوا واجبكم نحو ربكم ، وواجبكم أن تتحدوا ، أن تعلنوا الإسلام راية ، أن تتآلفوا ، أن لا تتعادوا فيما بينكم ، لا نريد أن نُفرِح أعداءنا بنسياننا واجباتنا نحو ربنا ، بقتالنا بعضنا ، بقتالنا أنفسنا .
يا إخوتنا في العراق : لا يقتل بعضكم بعضاً ، تذكروا فضل الله عليكم ، ولا تنسوا واجبكم نحوه ، في أن تجتمعوا وتتآلفوا ، في أن لا يقتل بعضكم بعضاً ، تجنبوا المسلم فلا تقتلوه ، وتجنبوا المعاهد فلا تقتلوه ، وعليكم بالعدو الماكر فاجتمعوا عليه وقاتلوه كلٌ بحسب ما يملك إن بالسلاح وإن بالكلمة ، وإن بالدعاء ، فكثيرة هي وسائل الجهاد ، والسبف وسيلة من وسائل الجهاد ، وليس السيف كل وسائل الجهاد ، لا تنسوا واجبكم نحوه فسيكفيكم ربكم ، وسيعطيكم وسيحبكم وسيغفر لكم ذنوبكم ، وسيطمئن قلبكم
﴿ الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب الرعد : 28 نعم . تطمئن القلوب بذكر الله إن تذكرت فضل الله عليك ولم تنس واجبك نحوه اطمأن قلبك ، جاء في سنن الترمذي أن رجلاً أقبل إلى النبي عليه وآله الصلاة والسلام فقال يا رسول الله : إن شرائع الإسلام كثرت علي فمرني بشئ أتشيث به . فقال صلى الله عليه وآله وسلم : " لا يزال لسانك رطباً بذكر الله " وذكر اللسان عَونٌ على التذكر ، فذكر اللسان من أجل تذكر فضل الله علينا وأن لا ننسى واجبه علينا في كل مكان وفي كل آن ، تذكر وأنت أب فضل الله عليك إذ جعلك أباً ، ولا تنس واجبك في كل وقت وفي كل آن ، تذكر وأنت أب فضل الله عليك إذ جعلك أباً ، ولا تنس واجبك نحو الله في تربيتك أولادك ، تذكر وأنت زوج فضل الله عليك ولا تنسى واجبك نحو الله في أن تكون على شرع الله في معاشرتك زوجتك ، وهكذا في كل عمل وفي كل حال ، في متجرك بأن تتحرى الحلال وأن تبتعد عن الحرام وتجانبه ، وفي مدرستك بأن تلقن من أمامك مبادئ الطهر والفضيلة والخير والإيمان والإسلام والقرآن والإحسان ، وهكذا دواليك .
هذا هو الذكر ، فلنتذكر فضل الله علينا ، وما أكثر وأعظم فضله علينا ، وعلينا في كل حين وآن أن لا ننسى واجبنا نحو ربنا جلت قدرته ونحو الناس .
وها نحن في نهاية هذا الكلام : نتجه بالشكر لرئبس الدولة ، لقرار الإفراج عن مساجين الرأي ( عن أربعمائة سجين ) ونقول إلى المزيد ، لأننا لا نريد أن يبقى سجين رأي في سجن ، وأن يخرج الجميع ليكونوا وحدة تبتغي خير هذا البلد من خلال إرضائها ربها عز وجل ، ونتمنى أن يكون الخير أيضاً يعم إخواننا هناك ، الذين يعبشون خارج سورية ليأتوا إلى بلدهم من أجل تعاون ووحدة وتماسك ، ومن أجل أن نكون جميعاً في خندق الجهاد ، جهاد عدو الله ، جهاد إسرائيل ، قتال هذا العدو ، قتاال امريكا أو الإدارة الأمريكية الفاسدة ، أرجو الله أن يوفقنا لكي نكون مجاهدين في سبيل حق ورفعة وعدالة .
أيها الإخوة الفلسطينيون : اتحدوا وائتلفوا ، وأجمعوا أمركم على دينكم ، فإخواننا في الحركات المقاومة الإسلامية من حماس وجهاد اختطوا لأنفسهم سبيل الإسلام ولذلك تراهم يدعون اليوم إخوانهم في فلسطين إلى الوحدة ضد العدو ، إلى التآلف ، ويقولون لهم بلسان حالهم ومقالهم : إن لم تكونوا على قلب رجل واحد فسيفتك بنا العدو ، وهذا القلب لن يجتمع إلا على حق آت من الله ، إلا على رضاً يتجلى به ربنا على عباده ، يا إخوتي والقلب يدعو لكم بالوحدة ، بالاجتماع على الخير وعلى كلمة الإسلام : هيا إلى لقاء في ساحة قرآن ربكم وعبادة ربكم ، واتباع نبيكم ، وستنتصرون إن فعلتم هذا
﴿ ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين آل عمران : 139 تلك سنة الله في خلقه ، لا رادَّ لها ، لا مَحيد عنها ، اذكروا الله ناصراً ، واذكروا فضل الله عليكم ، فلا ناصر إلا الله ، ولا تنسوا واجبكم نحو الله في أن تعبدوه ، وأن تتوحدوا على كلماته ، أن تتبعوا نبيه ، تلك سنة لا نحيد عنها ، ولا يحيد عنها عاقل ، لأن الله هو الناصر ، ولا ناصر سواه ، ولأن الله هو المعطي ولا معطي سواه ، ولأن الله هو الكريم ولا كريم سواه ، ولأن الله إذ يمن فهو المعطي ، فعطاء الله عطاء ، ومنع الله عطاء . يا رب عودتنا فضلك فأدم فضلك علينا ، يا رب لا تنسنا ولا تجعلنا من الذين ينسون فضلك عبادة وطاعة وقنوتاً ونسكاً ، يا رب : هيئنا من أجل أن نكون على خط الاتباع لسيدنا وحبيبنا وقرة عيوننا محمد عليه وآله الصلاة والسلام .
لكل أولئك الذين بعد الله يقدمون فضلاً وخيراً نذكرهم بالخير ونتمنى أن يكثر العطاء والخير من كلنا لكلنا ، ومن بعضنا لبعضنا ، فنعمت الأمة إذ تتوحد على الله ، وإذ تبغي الخير من الله عز وجل . اللهم اجعلنا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات ، نعم من يسأل أنت ، ونعم النصير أنت ، أقول هذا القول وأستغفر الله .

التعليقات

شاركنا بتعليق