لا زلنا في لطائف قوله تعالى ﴿ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً * إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً * إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً﴾.
وقد تحدثنا في الأسبوع الماضي عن بعض لطائف قوله تعالى: ﴿ويطعمون الطعام على حبه﴾، ونكمل اليوم الحديث عن قوله تعالى: ﴿... مسكيناً ويتيماً وأسيراً * إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراًً﴾.
1 - المسكين لغة من السكون، وإنما سمي المسكين مسكيناً لأن الحاجة والافتقار يحملانه على السكون، ويقطعانه عن الحركة. فعلة السكون في المسكين ذاتية، وهي الحاجة والضرورة.
2 - وعليه فاليتيم مسكين أيضاً، ولكن السكون في اليتيم له علتان، إحداهما ذاتية والأخرى من غيره، أما التي من نفسه فهي صغره، وأما التي من غيره فهي فقدان الأب الحامي والمعيل.
3 - وأما الأسير فمسكين أيضاً، وعلة السكون فيه من غيره، وهي القيد، أي تقييد غيره له وحبسه.
4 - هناك بعض المفسرين يقولون: إن الآيات مكية. وهنا يبرز سؤال: إذا كانت الآيات مكية فمن أين يأتي الأسير ؟
والجواب: إذا كانت الآيات مكية فهي تشمل من في يد المشركين من أسرى مشركين غيرهم.
5 – قوله تعالى: ﴿إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا﴾ جملة يسبقها حال، أي: حال كونهم قائلين إنما نطعمكم لوجه الله.
لكني أميل إلى رأي المفسرين الذين يقولون إن هؤلاء المطعَمين لا يقولون ذلك بألسنتهم، بل الله تعالى الذي يعلم السرّ وأخفى يعبر عن حالهم التي علمها منهم.
فقوله تعالى: ﴿إنما نطعمكم لوجه الله ...﴾ حكاية من الله تعالى عن حالهم حين الإنفاق، فهو يحكي على لسانهم الحال التي تحققوا بها.
6- قوله تعالى: ﴿لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً﴾:
الجزاء: هو العوض المادي.
والشكور: هو الثناء المعنوي.
وأذكر هنا قول بعض الصوفية الفاهمين: (نحن نأبى الاحتجاب بالأعواض أو بالأغراض). فالأعواض مادية والأغراض معنوية.
التعليقات