آخر تحديث: الجمعة 19 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله

إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله

تاريخ الإضافة: 2006/08/04 | عدد المشاهدات: 5242

أما بعد، فيا أيها الأخوة المؤمنون:

نسمع أخباراً، ونشاهد آثار ظلم وعدوان، ونفقد شهداء منا، ونرى أمام أعيننا ما حلّ بإخوان لنا مؤمنين مسلمين مواطنين أبرياء، فلا يسعنا ونحن نسمع الأخبار ونرى الآثار ونشاهد ما نشاهد، إلا أن نأتي إلى كتاب ربنا لنقرأ فيه من جملة ما نقرأ:

﴿ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين. إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين.

مسنا قرح، ما أظن أن أحداً لم يشعر بهذا القرح الذي مسنا، مسنا قرح في (قانا)، ومسنا قرح في (مارون الرأس) كما يقال، ولا أريد أن أعدد القرى التي نزح أهلها منها وأعداء الله يرمونها بالقنابل والقذائف، مسنا قرح في (غزة)، مسنا قرح في( رام الله)، ولكننا إذ نقرأ قول الله عز وجل: ﴿إن يمسسكم قرح  لقد مسنا قرح ﴿فقد مس القوم قرح مثله أصبنا في ظواهرنا، فقدنا أطفالاً لنا أعزاء، فقدنا شيوخاً، فقدنا نساء، لكن أعداءنا مسهم قرح أيضاً، فقد فقدوا الأمن، فقدوا الطمأنينة التي ينشدونها والتي يقولون لبعضهم بأنها قد أمّنت، فقدوا أشياء كثيرة، فقدوا وفقدوا...

ولكننا وقد مسنا ما مسنا ومسهم ما مسهم، نستشعر بأن المستقبل والنصر لنا، وهذا ما لا يملكه أعداء الله عز وجل، وهذا ما لا يملكه الظالمون، مسنا ما مسنا ومسهم ما مسهم، لكننا لسنا ظالمين، فالله يحبنا بدليل قوله: ﴿والله لا يحب الظالمين فهو لا يحب الظالمين لكنه يحب العادلين، ومن الظالمون بيننا؟ هل نحن ظالمون أم أولئك الذين قتلوا الأطفال والأبرياء والنساء؟ 

لا شك في أن أولئك هم الظالمون والله لا يحبهم، ويحب من خلال هذه الآية ما نفهمه يحب المظلومين وقد ظلمنا أعداء الله عز جل.

أنا لا أريد أن أثير فيكم العواطف، ولكنني سأحكي معكم حكاية تصور بيني وبين نفسي لطالما حورت هذا التصور وهذا الحديث الداخلي وقلت: سأجعل هذا الحديث الذي أحوره بيني وبين نفسي حديثاً علنياً يوم الجمعة: الصهيونية ظالمة مجرمة آثمة، الإدارة الأمريكية آثمة، الإدارة الأمريكية باغية فاسدة مفسدة، كنا نتصورـ وأعتقد أن أغلبكم أو جلّكم يوافقني ـ كنا نتصور منذ أمد غير بعيد أن الصهيونية أو أن إسرائيل بكل صراحة دولة قوية، وقوية جداً إلى حد أننا منعنا في أن نفكر في مواجهتها، أننا منعنا من أن نقف أمامها مجاهدين مقاتلين، فلقد ردد بعض منا وأناس من بني جلدتنا: إياكم أن تفكروا في مواجهة هذه الدولة، فهي قوية وترسانتها السلاحية قوية جداً، وصلت إلى حد الأسطورة. هكذا كنا نتصور، وبالتالي كنا نعيب على من يريد أن يواجه إسرائيل من الدول أو الجيوش أو الحركات أو الفصائل، كنا نقول بيننا وبين أنفسنا إنه يلقي بنفسه في التهلكة.

من ناحية أخرى: كنا نتصور حتى زمن قريب جداً، أن الإدارة الأمريكية دولة تبغي العدل، دولة قوية في ماديتها وفي معنوياتها، وأن القائمين عليها يحبون الخير للإنسانية، ويريدون أيضاً نشر ما يعود على الإنسان بالخير في كل أصقاع الأرض، وكنا نتسابق على مستوى الحكام والشعوب، نتسابق من أجل أن يكون الواحد فينا أسير أمريكا، أسير حب أسير مطاوعة أسير ولاء... هذا ما كان قابعاً في ذهننا حتى أمد قريب جداً، لكننا هل يحق لنا بعد هذا الذي رأينا؟ هل يحق لنا وبكل وضوح ـ وأنا لا أفرض رأياً ولكنني أعرض ما يمكن أن يكون قد دار في خلدي منذ أسبوع وإلى الآن، لكننا ألا يحق لنا أن نقول: إن إسرائيل وأنا لا أستهين بالعدو ولكنني أسائل نفسي وأسائلكم كما قلت: أحور الحديث من حديث داخلي بيني وبين نفسي إلى حديث خارجي بيني وبينكم، ألا يستحق الأمر أن نقول: بأن إسرائيل ليست تلك الدولة التي كنا نتصورها أو ليست تلك الدولة التي كانوا يصورونها لنا بالشكل الذي قلت؟ ألا تستحق إسرائيل بأن نفكر من جديد في مواجهتها؟ فقد بان أو ظهر ولو كان هذا الظهور ضعيفاً أو نصف قوي كما يقال، لقد تجلى لنا بأن إسرائيل إن كنا نحن - أعني العرب أعني المسلمين أعني دول المواجهة - تبين لنا بأن إسرائيل - لم يتبين لنا بشكل كامل ولكن بشكل نسبي - بأن إسرائيل يمكن مواجهتها.

المقاومة في لبنان الآن أنا لا أقول بأنها انتصرت وخذلت إسرائيل، لكنها أربكتها، لكنها قضت على غطرستها بعض الشيء، إذا كانت المقاومة في لبنان قد فعلت هذه الفعلة، تصوروا يا إخوتي لو أننا في بلادنا العربية والإسلامية تحولنا جميعاً أو تحولت جيوشنا إلى مقاومين، تصوروا لو أننا ربينا على الإسلام مقاوماً للظلم، تصوروا لو أننا اجتمعنا في بلادنا العربية وفي بلادنا الإسلامية، وأنا لا أقول بلادنا العربية والإسلامية، ولكنني أقول في دول المواجهة على أقل تقدير، لو أن الشعوب اجتمعت، لو أن الحكام اجتمعوا، لو أن الجيوش اجتمعت وأفرزت هذه الجيوش فصائل ربيت على ما ربيت عليه المقاومة في لبنان.

إن إسرائيل ليست أسطورة لا تقاوَم، إن إسرائيل جيش قابل أن يقاوم، أن يقاوم بما نملك، وبما نستطيع، وبالمقدور الذي بين أيدينا، لكننا وبكل صراحة ما فكرنا جدياً في يوم من الأيام وما فكر حكامنا في يوم من الأيام أن يقاوموا هذه - كما يقال - هذه الغدة السرطانية بجدية. يوم قاوم المقاومون اللبنانيون هذه الغدة السرطانية بجدية - كما قلت لكم - أربكوها على أقل تقدير، جعلوها الآن تفكر بحلول هي أقرب إلى الحلول التي طرحتها المقاومة الإسلامية في لبنان.

أقول هذا ثم ألتفت إلى أمريكا: أمريكا ليست رباً يعبد من دون الله، استيقظوا يا أيها الموالون لأمريكا، استيقظوا نحن بحاجة إلى أن نعلن وبكل قوة وبكل أناقة مع القوة بأن أمريكا هي عدو لدود، - أعني الإدارة الأمريكية - أما الشعب الأمريكي فأنا على علم بأن جله يرفض ما تفعله إدارته، إن الإدارة الأمريكية أثبتت من خلال أفعالها أنها إرهابية، أنها ظالمة، أنها غبية كما قال من قال، أنها حمقاء، أنها لا تريد الخير للإنسان ولا تريد الخير لشعبها ولا تريد الخير للناس كافة، ما فعلته في العراق كان دليلاً على ذلك، وما تفعله الآن مع إسرائيل يدعم الدليل الأول بدليل آخر، وما تفعله وما فعلته في أفغانستان وما فعلته في كل مكان هذا يؤيد ما نقول.

أسأل الله عز وجل وأنا أتحدث هذا الحديث الصريح - ربما كان خاطئاً لكنه حديث جاش في صدري - وأسأل الله وأنا أتحدث إليكم هذا الحديث أن يجعل كيد إسرائيل في نحرها، وأن يجعل كيد الإدارة الأمريكية في نحرها، وأنا أقول لإسرائيل لهذه الدولة المعتدية، لهذا الكيان الغاصب أقول له: سترحل إن أصررت وبقيت على عدوانك، على اعتدائك، على ظلمك، فسيأتي يوم يكثر فيه المقاومون، لأن المقاومة الإسلامية في لبنان جعلت جذوة المقاومة في قلوب أبنائنا تتقد، التقيت كثيراً من شباب وأطفال لم تتجاوز أعمارهم العشرين، سألتهم ما رأيكم في المقاومة ؟ قالوا: لقد ثبتت المقاومة ثقتنا بأنفسنا، فنحن قادرون على أن نواجه إسرائيل ونحن قادرون بما نملك حتى ولو كان الذي نملك قليلاً قادرون على أن نواجه إسرائيل وعلى أن نواجه أمريكا، لأن أمريكا في النهاية يقوم على رعايتها أناس لا أخلاق لهم، فالله أسأل أن يدحر إسرائيل وأن يدحر الإدارة الأمريكية.

أنا ما تعودت - أقول لكم وبكل صراحة وعبر اثنتين وعشرين سنة على هذا المنبر - ما تعودت أن أذكر أحداً ذكراً صريحاً لألعنه أو لأشتمه، لكنني في هذه اللحظة وأنا أرى ما أرى، أرى دعم أمريكا الغاشم لدولة غاشمة، أتوجه في كل يوم في دعائي إلى ربي وأقول: اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم عليك بهم، اللهم انصر المقاومين.

أيها الأخوة: لا تصدقوا بأن المقاومة في لبنان مقاومة فئوية، إنها مقاومة إنسانية ومقاومة لبنانية ومقاومة عربية ومقاومة إسلامية، هي ليست مقاومة فئوية وليست مقاومة من أجل خدمة بعض الناس، ولو كانت كذلك لتوجهت إلى الداخل حتى تجعله تابعاً لها، لكنها لم تتوجه في يوم من الأيام إلى الداخل، توجهت إلى الداخل توجهاً جميلاً، قالت لكل أطياف لبنان: بأنكم معنا ونحن معكم، أنتم دولتنا ونحن رعاياكم، وبالتالي نحن نريد لكم الخير جميعاً وأنتم تريدون لنا الخير، وقد أثبت - كما قلت في الخطبة السابقة - لقد أثبت الشعب اللبناني - وأنا أحييه - أثبت لحمته وتعاونه وتآلفه وتعاضده، ولذلك حييته وناديته وقلت له: ثبتك الله أيها الشعب المتآلف قي مواجهة أعداء الله عز وجل، وأنا أسأل الله عز وجل أن يثبتك دائماً.

أنت شعب حر وأنا لا أجاملك، أنت شعب حر فعلاً مسلمك ومسيحييك وكل واحد فيك، أنت شعب حر، كنت ديمقراطياً حالة الرخاء، والديمقراطية كانت فيك على أشدها، وما أروعك، والآن أثبتَّ حال الحرب بأنك شعب متآلف، اتجهت إلى عدوك ولم تتجه إلى بعضك، ولذلك أكرر مناشدتي أيضاً لشعب العراق قائلاً له: تعلم من شعب لبنان، أيها الشعب العراقي لا أريدك أن توجه سهامك لبعضك ولا أريدك أن توقد أكثر فأكثر النعرة الطائفية فيما بينك وبين نفسك، أريدك أن تكون متوحداً متآلفاً متضامناً فيما بينك ضد احتلال بغيض هزيل، ضد احتلال لا يريد الخير للإنسانية، ضد إدارة أمريكية غاشمة ظالمة، ضد إدارة أمريكية رأت ما أحدثتها ربيبتها إسرائيل من مجازر فما تكلمت ولا نبست شفتها بكلمة أو ببنت كلمة، بل قالت بتعابير ظاهرة واضحة النفاق: بأنها تأسف، أهذا يقال من قبل دولة تزعم بأنها تريد الخير للإنسانية ؟!

اللهم اجعل لعنتك على إسرائيل وعلى الإدارة الأمريكية، وإن كنت لم أتعود هذا، ولكنني لم أستطع كتم هذه الكلمة التي تريد منذ أيام أن تخرج، فقلت بيني وبين نفسي: لأجعلنها دعوة أمام الناس من أجل أن يؤمن الناس عليها، ألا لعنة الله عليكِ يا إسرائيل، ألا لعنة الله عليك أيتها الإدارة الأمريكية الفاسدة.

اللهم إني أتوجه إليك بحق دماء أطفال (قانا) وبحق دماء أطفال (مروحين) وبحق دماء أطفال (البازورية) وبحق دماء أطفال كثيراً من القرى الجنوبية وبحق أطفال (الضاحية) وبحق أطفال كل لبنان وكل سورية وكل فلسطين. وأنتم تشاهدون الأطفال الذين يقتلون في فلسطين في (غزة) في (الضفة) في كل مكان، اللهم بحق هذه الدماء وإن كنا يا رب تعلمنا أن نتخذ الأسباب وأن ندعوك، نتوكل بعد أن نتخذ الأسباب، يا رب لكننا ونحن نسعى من أجل اتخاذ الأسباب والاعتماد عليك بعد اتخاذ الأسباب ونحن نسعى لهذا، ندعوك بين الفينة والأخرى أن تصب جام غضبك على إسرائيل وعلى الإدارة الأمريكية وعلى كل من يدور في فلك إسرائيل وفي فلك الإدارة الأمريكية.

وأما أنتم يا هؤلاء يا من تريدون أن تفرقوا هذه الأمة، يا هؤلاء يا من تفتون فتاوى ما أظن أنها إنسانية فضلاً عن أن تكون إسلامية، أنصحكم وأنتم إخوة لنا على كل حال، أنصحكم أن تؤوبوا وأن ترشدوا وأن تعودوا عن كل ما يقطّع أوصال هذه الأمة، إننا بحاجة اليوم إلى فتاوى توحيدية لا إلى تلفيقات تفريقية، فالفتوى التي تفرق تلفيق، والفتوى التي تجمع هي الفتوى التي نبغيها، الفتوى التي تفرق تلفيق، والفتوى التي تجمع هي الفتوى الصادرة عن القرآن الكريم، عن السنة الشريفة، عن صحابة رسول الله الأكارم، عن كل إنسان خيّر انتمى للإسلام أو لم ينتمِ للإسلام.

نريدكم موحدين، ونريدكم أيها الأخوة القائمون على دين الناس، على رعاية دين الناس موحدين، موحدين لربكم وموحدين الأمة، وكلمة التوحيد - كما قلت في أكثر من مئة مكان - إنما كان الإسلام دين التوحيد لله من أجل أن تتحول كلمة التوحيد إلى كلمة موحدة بين المسلمين، ما الذي بينك وبيني وأنا المواطن الذي أعيش معك، أتقاسم الخبز معك أنت جاري وأنا جارك، أنت مواطن هنا وأنا مواطن هنا، تربطني مشتركات كثيرة حتى ولو كنت أخالفك في المذهب أو أخالفك في الدين، نحن لا نريد أن نبعد المسيحيين عن علاقة طيبة معنا حتى وإن أراد بعضهم أن يبتعد وأن ينأى بنفسه عن أن يكون معنا، فإننا نسعى إلى إدخال من شرد لا إلى تشريد من دخل.

الإسلام أيها الأخوة بكل بساطة واقبلوا مني هذا، الإسلام يجمع بين الإنسان وبين الجماد فضلاً عن أن يجمع بين الإنسان والإنسان ﴿وإن أحد من المشركين استجارك فأجره فأجره، نحن أمة تجير، نحن أمة فيها عبارة (ذمة)، ذمتنا واسعة تتسع للمسلم ولغير المسلم، تتسع لغير المسلم وللمسلم من باب أولى، وإن اختلف معنا المسلم في مذهب فقهي أو في مذهب فكري، نحن أمة أوجدنا مصطلح (الذمة)، و(الذمة) كلمة عظيمة ومن لم تكن له ذمة فليس بإنسان، و (من آذى ذمياً فقد آذاني) هم في ذمتنا.

قال لي مرة رجل مسيحي: نحن نشعر بالغضاضة إذ تسموننا أهل ذمة، قلت له: وأنا لا أشعر بالغضاضة إن قلتم عنا في ديانتكم بأننا بالنسبة لكم أهل ذمة، وهل هنالك كلمة أجمل من أن تكون أنت في ذمتي وأكون أنا في ذمتك، قل عني في دينك بأنني أهل ذمة بالنسبة لك، فهذا ما يفرحني، قل هذا عني وأنا راض، ومن ذا الذي لا يرضى في أن يقول له من يساكنه من يعيش بجانبه: بأنك في ذمتي وأنت تملأ ذمتي وأنت أهل ذمتي.

الإسلام يجمع الناس كافة، يجمع المسلم وغير المسلم في ذمة واحدة، وما أروع حديثك يا سيدي فيما يخص المسلمين، ما أروع حديثك يا سيدي يا رسول الله عندما قلت: (المسلمون ذمة واحدة يجير عليهم أدناهم) نحن ذمة واحدة، فلماذا يا هذا تريد أن تخرج من هذه الذمة التي جمعنا فيها سيدي رسول الله والحديث صحيح؟ (المسلمون ذمة واحدة يجير عليهم أدناهم) لماذا تريد أن تخرج أيها السني الشيعي من ذمة وضعكم النبي فيها؟ لماذا تريد أيها الشيعي أن تخرج السني من ذمة وضعكم النبي فيها فقال: (المسلمون ذمة واحدة)؟ ومَنْ هم المسلمون؟ ذكرت منذ أكثر من عشرين سنة، تحدثت عن المحيط الأوسع وعن تعريف و تحديد هذا المحيط الأوسع الذي يضم المسلمين والذي على أساسه يقال للمسلمين: بأنهم مسلمون و أصحاب ذمة واحدة، تحدثت عن هذا.

أيها الأخوة بكل بساطة: من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله، آمنت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبالقرآن كتاباً وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم نبياً ورسولاً ولم يأتِ بمكفر متفق عليه بين كل المسلمين، فهو من أولئك الذين قال عنهم سيدي رسول الله: (المسلمون ذمة واحدة).

لا أريد أن أطيل في مثل هذا الحديث، من أجل أن يرسخ كل ما قلت في أذهانكم، فأنا أخشى إن أطلت أن يذهب آخر الحديث أوله.

ألخص قائلاً: إسرائيل ليست أسطورة، وهي قابلة لأن تكسر إذا ما صمم المسلمون على أن يكونوا مقاومين عادلين يبتغون كلمة الله ليرفعوها، ويبتغون وجه الله، ويبتغون مرضاة الله، إسرائيل ليست أسطورة، وهذا ما بينته لنا الأيام، وما أظن أن العقلاء يستمدون الأفكار من غير تجاويف ومفرزات الأيام.

أمريكا، والإدارة الأمريكية على الأخص، إدارة غاشمة حمقاء غبية تريد الشر للإنسانية كلها، ولولا ذلك لماذا أرسلت القنابل الذكية إلى إسرائيل علناً وجهاراً؟ لماذا ؟ لماذا أرسلت إلى إسرائيل الأسلحة وترسل وما زالت ترسل الأسلحة تلو الأسلحة ؟ فالإدارة الأمريكية إدارة غبية قاتلة آثمة باغية، وأنا أنصح كل من يريد أن يوالي أمريكا أن يفكر إن كان من المسلمين أو غير المسلمين، أن يعدّ ـ كما يقال ـ للعشرة، أنا أتمنى من هؤلاء الذين يريدون موالاة أمريكا، أن يفكروا بمصيرهم، لأن أمريكا ستقتلهم وستقتل ذريتهم، فأمريكا لا أخلاق لها، وأعني الإدارة الأمريكية،  فأنا لست ضد الشعب الأمريكي هذا رأيي على الأقل، ولكنني ضد الإدارة الأمريكية، لأن الإدارة الأمريكية تريد قتلهم وتريد قتل كل خير في الإنسانية على الإطلاق، وما ضربت لبنان إلا لأن لبنان في رأيي نازعت أمريكا ديمقراطياً ونازعت إسرائيل ديمقراطياً، وأمريكا لا تريد أن ترى دولة راقية خيرة نشأت في الشرق الأوسط، ولكنها تريد للشرق الأوسط أن يكون كله بؤرة فساد، وأن يكون بؤرة للتقاتل والدماء، أن ترخص دماء الأرض في الشرق الأوسط، هكذا تريد أمريكا لتحصد بعد ذلك ثرواته وكل ما يمكن أن تصدره أراضيه من خيرات حتى تمتلكها وتنفقها على نفسها وعلى عتوها وعلى صلفها وعلى عدوانها وعلى بغضها وعلى وعلى ...

أنا أنادي الشعب الأمريكي من أجل أن يثور على إدارته قائلاً له: أيها الشعب الأمريكي أنا أعلم أن جلك يسعى لأمور اتفقنا عليها أكثر من مرة، يسعى للعلم ويسعى للحرية ويسعى للعدالة ويسعى للفضيلة، لكن إدارتك لم تعد تسعى لا للمعرفة ولا للعدالة ولا للحرية ولا للفضيلة، فثر عليها، فإنها والله لم ترد خيرك ولن تريد خيرك.

أقول في النهاية: كما قلت فلنجتمع ولنتفق ولنكن يداً واحدة، ولنتناسى إن كان فيما بيننا من أخطاء توجهت من بعض منا إلى بعض آخر، فلنتناسى ولنتسامح، ولنكن موحدين في دعائنا، موحدين في ثقافتنا، موحدين حتى في انتقاداتنا بعضنا، فلينتقد بعضنا ولكن من باب النصيحة التي تستند إلى تقدير وحب، قد لا أوافقك الرأي في قضية من القضايا، قل هذا بكل صراحة ولكن على أساس من إرادة خير لي وعلى أساسٍ من إرادة خير لك، وكما توجهت في الأسبوع الماضي إلى الحكام المسلمين والعرب أتوجه وأؤكد التوجه إليهم قائلاً لهم: صالحوا شعوبكم، التفتوا إلى أوطانكم، اعتنوا بأوطانكم، طوّروها، تصالحوا مع شعوبكم، أكرموا شعوبكم، تحدثوا مع شعوبكم حديثاً حراً، حديث إنسان يريد الخير، ولا تسلكوا طريق أولئك الذين يريدون العيش في أبراج عاجية ويريدون أن يوجه من بُعد عبر(الريمونت كما يقال) شعوبهم اختلطوا مع شعوبكم، تعرفوا على آرائهم، على مشاكلهم، على طلباتهم، فشعوبكم في النهاية وأنا لا أمدح الشعوب هكذا جزافاً، فالشعوب العربية في النهاية هي بحق شعوب طيبة بالرغم ما يصدر عنها من أخطاء، بالرغم من كل ما يصدر عنها من هنات وهنات، لكنها طيبة، لكنها مؤمنة، والإيمان لم يغادر حتى الآن - وأسأل الله ألا يغادر-  لم يغادر قلبها، فهي مؤمنة وتحب الخير وتسعى للخير وتستجيب للخير وتنسى ما قد أُسيء إليها إن كان هذا المسيء من بني جلدتها وقد اعتذر إليها بكلمات بسيطة، لا زالت شعوبنا طيبة، فالحمد لله على هذه الشعوب.

فيا أيها الحكام صالحوها واطمئنوا إليها ولبوا طلباتها وحلوا مشاكلها واسعوا من أجل أن تكونوا معها لحمة واحدة، من أجل أن تكونوا معها يداً واحدة وصفاً واحداً.

أقول: ﴿إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين، أقول هذا القول وأستغفر الله.

التعليقات

شاركنا بتعليق