وإذ أُمسكُ بالقلم أحاول الكتابة
عن الأم ينتابني شعور بالتقصير ، وإحساس بأنني مهما جَهِدتُ في رصف الكلمات
المادحة ، ونثر العبارات التقديرية المانحة فلن أوفِّي بعضَ بعضِ حقِّها ، وليس
هذا الإحساس أو ذاك الشعور خاصاً بي أو رَهينُ قلبي ووجداني فحسب ، بل إني
لأظنُّه ساكناً في صدور الأولاد جميعاً ، فمنهم من اعترف ومنهم من عاند لكنهم
جميعاً - في النهاية – على ما ذكرت مفطورون .
فيا أيتها الأم في كل الأرض : تحيةً مني أنا ذاك الذي انبثق من أم قد لا تكون
أفضلَ النِّساء لكنها أمي .
تحيةً مني أنا مَنْ يعتقد ويؤمن أنّ الجنة تحت أقدام الأمهات كما ورد عن سيدي
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
تحيةً لكل أمٍّ مني أنا مَنْ أوصاه وكل الناس نبينا محمد بالتزام رِجلِ الأم
وقَدَمِها فالجنة عندَها . تحيةً للأمِّ مني أنا الذي دُعِيَ من قبل خالقه إلى
الإحسان إلى أمه ، وخفضِ جناحِ الذُلِّ لها ، وتوجيهِ كلِّ قولٍ كريمٍ لجَنابها
.
تحيةً للأم مني أنا المُوقنُ المؤمنُ بضرورة بِرّها وحُسْنِ مصاحبتها والدعاء
لها في حياتها وبعد وفاتها ، وبِرّ وصِلةِ مَنْ كانت تُحبُ وتصادق عبر مسيرة
وجودها في الدنيا .
تحيةً للأم كلِّ أمٍ مني ، فهاأنذا أرجوها أن تملأ فاها بكلماتِ الرّضى عني ،
وأطلبُ منها وأرجوها أن يحتضن قلبها الزكي حبي وعنايةً بي .
تحيتي في آخر المطاف لسيداتي أمهات المؤمنين جميعهن رضي الله عنهن ، ولسيدتي
الزهراء أم السِّبطين الشهيدين سيِّدَي شبابِ أهل الجنة رضي الله عنهما .
ولأمي ( فاطمة ) التي وَلَدَتني وفارقتني إلى ربها صابرةً محتسبةً راضية مَرضية
قبل أن أَبلُغَ العاشرة ، فاجعلها ربِّ في مُستقرِّ الرحمة عندك مع الصِّديقات
.
ولأمي التي رعتني ( مهيبة ) وقد أجابت ربَّها إلى عالم حقّ بعدما سَكَبتْ في
أذني وصدري أجملَ عباراتِ الحبِّ الطاهر ، فلن أنسى عبارةً من هاتيك العبائر إذ
قالت لي يوماً معتذرة : " أتعبتُكَ يا روحي بطلباتي فلا تؤاخذني " . أنقل هذا
عنها وأُقِرُّ وأعترفُ وأشهد الله أن طلباتها ما كانت عِشْرَ مِعشار ما كان يجب
عليّ تجاهها .
اللهَ الله يا أبناء ويا بنات ويا أولاد ويا أحفاد في الأمهات ، ولو صحَّ السجودُ لغيرِ الله لكان للأم ، فهل أنتم مدركون .
د. محمود عكام
21 آذار 2005
التعليقات