آخر تحديث: الثلاثاء 23 إبريل 2024
عكام


كلمة الشـــهر

   
إمــا و إمــا

إمــا و إمــا

تاريخ الإضافة: 2012/02/19 | عدد المشاهدات: 2838

يا شباب : ثمة فرق بين العمل الإسلامي الدعوي العلمي وبين العمل السياسي ( الإسلامي ) وأعتقد أننا إذ نفرق بين هذا وذاك نجد أنفسنا في العمل الدعوي العلمي فلماذا تلحون علينا الانزياح إلى العمل الآخر وهو ما جانبناه من قبل ، ولو أننا كنا نقاربه لعملنا – منذ زمن – على تأسيس حزب أو إنشاء منظمة كذاك الذي قام به الإخوان المسلمون والنهضة والعدالة والقاعدة وسواهم ، وهذا التأسيس وذاك الإنشاء يشكّل أولى أبجديات العمل السياسي الإسلامي ، ثم إننا إن سعينا الآن للعمل السياسي فمن الذي سيتولى الأمر الدعوي ويرعاه، وما الذي سنفعله بالخبرة التي كوّناها وحصّلنا ها لهذا العمل ؟!

وهذه الخبرة – أعني خبرة العمل الدعوي – لا تنفع كثيراً في العمل السياسي ، ولئن سألتموني عن معالم تلك الخبرة لقلت : إنها المعرفة الشرعية والتدريس والخطابة والتوجيه ، وقد أنجزنا في هذا الميدان الكثير والوفير .

يا شباب : لقد أعلنت قبلاً وها أنذا أعلن الآن : إنني رجل دعوة إلى إسلامٍ يُسعد ويسر في الدارين ، ووسيلتي هي : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب الاصطلاح الشرعي الوارد في كتاب ربنا ) وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ( آل عمران 104، ولعلّي بينّت مفّصلاً هذا التوجه في مقال منشور على المواقع بعنوان " مَنْ نحن؟ " فليَرجع إليه .

وأعود الآن إلى أرباب العمل السياسي الإسلامي ناصحاً وقائلاً : الإسلام لا يمنعكم من ممارسة السياسة ولكنه يُلزمكم باستشارة أهل العلم والذكر عن كل ما تريدون نَسبته إلى الإسلام من أقوال وأفعال ، ومما يجب قوله أيضاً هنا : أن لا تخلطوا بين مصطلحاتكم المولّدة وبين مصطلحات الإسلام الأصيلة الثابتة ، فالاهتمام بأمر المسلمين – على سبيل المثال – ليس هو عين السياسة أو ذاتها ، والتظاهر – مهما كان نوعه – ليس  هو كل الحسبة ، أو التجلي الأهم لها وهكذا . وعلى كلّ فنحن لا ننهاكم عن أصل العمل بل ندعوكم إليه لتمارسوه بأناقة وعفة وحكمة وعدل وأمان ، كما أننا نطلب منكم أن لا تدّعوا بأنكم تمثّلون الإسلام كله وأنكم بديل مشروع عنا وعن سوانا ، بل أنتم للعمل السياسي فحسب ، وهناك مَنْ هو للعمل الاقتصادي ، وهكذا ...

وكل هؤلاء وأولئك والذين يعملون في ميادين الحياة المختلفة يجب أن يمروا من قناتنا وعبر جسورنا نحن أرباب العمل الدعوي العلمي الشرعي ليأخذوا ليحصلوا على شرعية النسبة للدين الحنيف فيما يتعلق بمختلف مفردات مسيرتهم .

وفي النهاية : فنحن نأمل ممن يعمل في ميدان العمل السياسي أن يجرد عنوان حزبه من كلمة " الإسلام " حرصاً على تثبيت ثوابت الدين في أذهان المسلمين ، لأن مفردات العمل السياسي متغيرة ومتقلبة وأن ما كان يصلح منها في الماضي قد لا يصلح في الحاضر .

يا شباب : طبنا جميعاً ونحن نتعاون على البر والتقوى، كلّ في ميدانه ومجاله فالجسد الواحد تكوّنه أعضاء متعددة متنوعة فهلا كنا كذلك بعض منا اليد وآخر الرأس وثالث الجذع ورابع القلب وجميعهم في مسار الخير العميم المستمد من خالق الكون و مدّبره

 ) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ( الذاريات 50  ، ولقد روى الحافظ ابن عبد البر في التمهيد : أن عبد الله العُمَري العابد كتب إلى مالك ابن أنس يحضه على الانفراد والعمل فكتب إليه مالك : إن الله قسم الأعمال كما قسم الأرزاق، فربَّ رجل فُتح له في الصلاة ، ولم يفتح له في الصوم، وآخر فُتح له في الصدقة ولم يُفتح له في الصوم وآخر فُتح له في الجهاد ، فنشر العلم من أفضل أعمال البر ، وقد رضيت بما فتح لي فيه ،  وما أظن ما أنا فيه ، بدون ما أنت فيه وأرجو أن يكون كلانا على خير وبرّ .. إعلام النبلاء 15/ 114        

فاللهم وفقنا لإتقان أعمال مشروعة وكلت إلينا، وخذ بأيدينا إلى ما يرضيك عنا جميعاً . والحمد لله رب العالمين .

الدكتور محمود عكام

27 ربيع 1433

19 شباط 2012

التعليقات

شاركنا بتعليق