ويمكن أن نُطلِقَ عليه العُطلة السَّنويَّة أو الاستراحة السنوية، ولا راحة للإنسان إلا بارتياح الرُّوح ولن ترتاحَ الرُّوح إلا إذا سَمَت واتَّصلت بمصدَرِها: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ. فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ). ولهذا كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يعتكفُ في كلِّ رمضان عشرة أيام فلمَّا كان العام الذي قُبضَ فيه اعتكَف عشرين يوماً "البخاري".
فالاعتكاف قُربَة تغدو عبادةً بالنيَّة "طلباً للثواب واقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم" وهذا الاعتكاف ليس له وقتٌ مُحدَّد إذ يتحقَّق بالمكث في المسجد مع نيَّة الاعتكاف طالَ الوقت أم قَصُر ويُثابُ ما بقِيَ في المسجد فإذا خرجَ منه ثمَّ عاد إليه جدَّد النيَّة في الاعتكاف، وللمُعتَكف قطعُ اعتكافه متى شاء، والأفضل أن يكون في المسجد الجامع "تقام فيه صلاة الجمعة"، فإن نوَى الاعتكاف "العشر الأواخر من رمضان" فعليه دخول معتَكَفه قبل غروب الشمس "اليوم العشرون"، ويخرُجُ بعد غروب شمسِ آخر يوم من رمضان، والمستحبُّ أن يخرجَ إلى صلاةِ العيد مباشرة. وعلى المعتكِف أن يشغَل وقتَه بالصَّلاة والنَّوافل من الدُّعاء والذِّكر والصَّلاة على النبي وسواها... ويفسد الاعتكافُ بالوَطء وينتهي بالانتهاء.
والمهم - في النهاية - أنَّ الاعتكافَ راحةٌ بعدَ عملٍ وقبلَ عمل، وكما عبَّرتُ عنه "بالعطلة أو الفرصة الاستجمامية" وهذه الرَّاحة ضمن خطةٍ في عمل مُنظَّم، ولا يمكنُ أبداً أن يكون هُروباً من المسؤولية أو جهداً كبيراً يُستراح بعده، ولعلَّ خيرَ ما يفعله المعتكف في أيامنا دعاؤُه لمن يعمل ويسعى ويجاهد ويعلِّم ويُدير ويُدافع عن البلاد والعباد ويصنع ويبني ويتاجر ويزرع، والله الموفق.
حلب
5/6/2018
محمود عكام
التعليقات