آخر تحديث: الجمعة 19 إبريل 2024
عكام


أخبار صحـفيـة

   
(صاحبة الجلالة) تسأل مفتي حلب عن ظاهرتي زواج القاصرات والزواج العرفي

(صاحبة الجلالة) تسأل مفتي حلب عن ظاهرتي زواج القاصرات والزواج العرفي

تاريخ الإضافة: 2018/08/01 | عدد المشاهدات: 1041

التقت صحيفة "صاحبة الجلالة" عبر موقعها الإلكتروني بتاريخ 3/5/2018 الدكتور الشيخ محمود عكام مفتي حلب وسألته عن ظاهرة زواج القاصرات والتي أدَّت في الكثير من الحالات إلى ضياع حقوق الزوجة وعن انتشار ظاهرة الزواج العرفي، وفيما يلي نصُّ الحوار:

هل زَفافُ الصَّغيرة مع ألعابها يُعتَبر زواجاً مبكِّراً ؟

تنتشر في الآونة الأخيرة ظاهرة زواج القاصرات والتي أدَّت في الكثير من الحالات إلى ضياع حقوق الزوجة أيضاً انتشار ظاهرة الزواج العرفي، إلى جانب ذلك يلمَسُ النَّاظر في أحوالنا الاجتماعيَّة المعاصرة عزوفاً كبيراً للشَّباب عن الزَّواج لأسبابٍ كثيرة منها غلاء المهور، وارتفاع كلف المعيشة، وما تشير إليه الإحصائيات من نسب العنوسة والزواج المتأخر تدلُّ دلالةً كبيرة على وجود مشكلة اجتماعية في المجتمع، والفتاة عادةً ما تكونُ مشغولة التفكير ومضطربة المشاعر حول موضوع الزواج، ولذلك أكَّدت الدِّراسات النفسية على أن الزواج المبكِّر يساهم في القضاء على العُنوسة، علاوةً على ذلك فإنَّ الزَّواج المبكِّر يحقِّق السَّعادة لأفراد المجتمع من خلال استقرارهم وإشباع رغباتهم وحاجاتهم، ولا شكَّ أنَّ ذلك يؤدِّي إلى الرِّضا النفسي والسَّعادة، وإذا ما وُجدت السَّعادة في مجتمعٍ من المجتمعات فهذا يعني زيادة إنتاج الأفراد والحدِّ من الجرائم الأخلاقيّة في المجتمع. لكن هل الزواج المبكِّر هو المقصود منه زواج القاصرات ؟ وكيف يعالج الإسلام قضية زواج القاصرات ؟ وهل يوجدُ دليلٌ شرعيٌّ يحرِّم هذا الزواج ؟

التقت "صاحبة الجلالة" سماحةَ مُفتي حلب الأستاذ الدُّكتور محمود عكام حيث قال:

كلُّ أمرٍ يُنسَب للإسلام وكلُّ حكمٍ يُقال عنه إسلامي يجب ألا يخرج عن منطق العقل والرحمة والعدل وإلا فليس بإسلامٍ، والدليل على ذلك: أن العقلَ هو مَناطُ التَّكليف ومعيارُ القَبول، وأنَّ الرحمة هي جوهر الإسلام فما أرسلَ الله محمَّداً إلا رحمةً للعالمين، كما أنَّ العدلَ أساسُ كل حقٍّ، وبه قامت السَّموات والأرض وهو غايةُ الأديان والشَّرائع، فيا أيها النَّاس هذا هو الإسلام وكل ما يخالف هذه الثُّلاثية ليسَ بإسلامٍ وإلحاقُه بالإسلام زورٌ وبُهتان، وحين نطبِّق هذا على زواج الصَّغيرات والقاصرات فالقضيَّة مرفوضةٌ عقلاً ورحمةً وعدلاً، فأينَ العقلُ في زواج إنسان كبيرٍ راشدٍ من صغيرةٍ قاصرة لا تَعِي ولا تَستوعب موضوعَ عقدِ الزَّواج ولا تَعرفُ ولا تُدركُ مستلزماتِه وأبعادَه الجنسيَّة والاجتماعية والتربوية، لا سيما أنَّ الزواج عقدٌ بين طرفين يُفتَرض في كونهما عارفَين أو متكافِئين في معرفتهما، فالزَّواج ليسَ عملةَ شراءٍ أو استئجارٍ إنَّما هو عقدٌ بين إرادتين عاقلتين واعيتين يتبادلان المشاعر والأحاسيس تبادلاً متكافئاً. وأينَ الرَّحمةُ في زواجٍ من صَغيرةٍ تقعُ تحتَ وطأة ذكَرٍ يأخُذُ منها حظَّه بُرهةً من زمنٍ غادرٍ ويدَعُها بعدَ ذلك حائرةً لا تعرِفُ ما جرى سوى أنَّها كانت محلَّ استغلالِ الجسَدِ البريء؟ ووُضعَت موضعَ الهديَّة الماديَّة المستَهلَكة دونَ نظرٍ أو اعتبارٍ لعقلِها أو لتفكيرها. وأينَ العدلُ حين نشرِّع زواجاً قِوامُه سيِّدٌ مُتسلِّطٌ هو الذَّكرُ وضعيفةٌ لا ترى الذي أماَمها إلا مُفترِساً ؟

ويبيِّن سماحتُه أنَّ الزواجَ عقدٌ اجتماعيٌّ خطير، فإن لم يكن وفقَ العدلِ والعقلِ والرَّحمة فمصيرُه الانهيار. وإن كانَ هنالك من يحتجُّ بزواجِ الصَّغيرات في الإسلام بزواجِ النَّبي صلى الله عليه وسلم من عائشة وهي صغيرةٌ تبلغُ من العمُر ستَّ سنوات أو تسعَ سنوات كما ثبتَ بعدَ التَّحقيق والتَّوثيق التاريخي والعلمي أنَّ السيدة عائشة رضي الله عنها كانت في سنِّ السابعةَ عشرة أو سنِّ الخامسة والعشرين وهو الأقوى عندما تزوَّجها النبيُّ صلى الله عليه وسلم حسب قول سماحته .

ويضيف سماحتُه قائلاً: ما أتمنَّاه أن يكونَ ثمَّة تقاربٌ في السنِّ بين الزَّوجين حتى تتحقَّق غايات الزواج من رحمةٍ واستقرار وتفاهُم، كما أتمنَّى من قانون الأحوال الشخصية ألا يسمحَ للقاضي بتزويجِ مَن هي دونَ السَّابعة عشرة من عمُرها وأن تُلغَى المادَّة المتعلقة بذلك، وما أعظمَ الآيات القرآنية في الدَّلالة على ذلك: (ومن آياته أن خلقَ لكُم من أنفسكم أزواجاً لتسكُنوا إليها وجعلَ بينكُم مودَّةً ورحمة). فأين السَّكنُ المنشود وأنتَ تتزوَّجُ صغيرةً قاصرةً كذلك وأنت تزوِّج صغيراً قاصراً !؟

وأين المودَّة والرَّحمة اللتان تفيضان الرِّعاية والرَّحمة لكلٍّ من الآخر وأنت تزفُّ صغيرةً مسروقةً من ألعابها ومُحيطها النَّاعم المتناغم مع البسمة والضحكة ؟ وبناءً على ذلك صرَّح كثيرٌ من الفقهاء فقال قائلهم: "لا يجوزُ للأب تزويج ابنته الصغيرة إلا أن تبلُغ وتأذن". وذلك في مشروع قانون الأحوال الشخصية الموحَّد بإشرافِ العلامة الزَّرقا في الصفحة61، ويتابع العلامة الزرقا معلَّقاً : "أما زواج الصِّغار فهو مَجلبةٌ للأمراض ومَضيعةٌ للشَّباب ومانعٌ للمرأة من نموِّها الطَّبيعي فضلاً عن أنَّ الأوضاعَ الاجتماعية تأباه، ولا بُدَّ لحملِ الجميع على احترامِ القانون الذي يمنعُ تزويجَ الِّصغار من وضعِ عقوبةٍ زاجرةٍ لكلِّ عاقدٍ دونَ هذه السنِّ وللزَّوجين ولمثلِهما ولشاهدي العقد". المرجع السابق ص 65-66.

ننادي أبناء مجتمعنا إلى الالتزام بما دعا إليه القانون وعدم إجراء عقد الزواج عرفياً.

وعن الزِّواج العُرفي وعدم تسجيله في المحكمة أشارَ سماحتُه إلى أنَّ الإسلام حلَّل وأباحَ صيغةً واحدةً مُحتَرمة لالتقاء المرأة والرَّجل وهذه الصِّيغة هي الزواجُ بأركانه وشُروطه وإيجابه وقبوله، وكلُّ ذلك منثورٌ في كتبِ الفقه، وفي كتبِ شرح الأحوال الشَّخصية، وقد شدَّد القانون على ضرورةِ تسجيل عقدِ الزَّواج لدى محاكم الدَّولة الرسمية المختصة حفاظاً على حقوق الزَّوجين وضماناً لمسيرة العَدالة الاجتماعية الصَّحيحة ومنعٍ مِنْ أَن يُعقد عقدُ الزَّواج خارجَ المحكمة وعاقبَ المخالف. كما أكَّد سماحتُه قائلاً : من مُنطلَق حرصِنا على ما حرص عليه القانون ننادي أبناء مجتمعنا إلى الالتزام بما دَعا إليه القانون وعَدمِ إجراءِ عقد الزَّواج عُرفياً لما قد يتسبَّبُ عن ذلك من تضييعِ حقوقِ المرأة أو عصيانِ بعضِ الأفراد، ونأملُ أن يشدِّد القانونُ أكثرَ فأكثر على ذلك فالأُسر كلُّها يجبُ أن تكونَ مُسجَّلةً في سِجلات الدَّولة ليسَ فيها من شاذٌّ أو متمرِّد ولا نريدُ أن تكونَ في مجتمعاتنا بيوتٌ تعيشُ فيها أُسَر ليس عليها إذنُ وليِّ الأمر أو بمنأىً عن معرفةِ المجتمع بها حتَّى وإن كانت العقودُ التي جمعَت أطرافَ الأسرة شرعيَّة، فالشَّرعُ يأبى أن يكونَ أتباعُه عصاةَ ولِّي الأمر فيما يعودُ على المجتمعِ بالنَّفع.

ودعونا من الزَّواج العُرفي ومن الزَّواج المِسيار ومن كلِّ ما شابهه لأنَّها تضخُّم غير مَدروس وغير مُلاحَظ وغير مُراقَب فهو نموٌّ عشوائي لخلايا المجتمع، والعملُ تحتَ الشَّمس هو العملُ الأنجح، وصدقَ اللهُ إذ يقول: (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا الله مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ واللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ).

لقراءة النص من المصدر، لطفاً اضغط هنا

http://majestynews.com/?p=52415#.Wyt_8E_NuAV

التعليقات

شاركنا بتعليق