ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان" وفي رواية: "آية المنافق ثلاث وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم". وسمي المنافق منافقاً لأنه فتح نفق اتصال مع الباطل: (الكذب، وإخلاف الوعد ونقضه، والخيانة) وهذا النَّفق خفي يظن أن أحداً لا يعرفه، ثم قام في الظاهر ليدَّعي الصدق والوفاء والأمانة. وعليه أن يعلم علمَ اليقين أنَّ الله يعلم ذلك فيه ويُمهله ولا يهمله، وأنَّ أهل الله يعلمون ذلك أيضاً بإعلامِ الله وتعليمه: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ. يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ. فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ). فانظر يا هذا كيف عبَّر القرآن (يخادعون) - مُفاعلة - تدلُّ على الجهد الكبير الذي يبذلونه ليصدقهم الآخرون على ظاهرهم المدَّعى لكنهم لن يصدِّقوا، وهم - في الحقيقة - يخدعون ويمارسون الخديعة الحقيقية على أنفسهم وما يشعرون. والمنافق قد يكون فرداً أو منظمة أو دولة أو مؤسسة أو جماعة، فلينظر كلٌّ حديثه ووعوده وانتماءاته .ولقد سمعنا - على سبيل المثال - أنه عُقِد مؤتمر حول سورية حضره زعماء دول وخلصوا إلى اتفاق ووعد لكنَّ أحدهم أصرَّ على أن يُظهر حقيقته (النفاقية) فأخلَّ بالاتفاق وبرَّر وسوَّغ، وسواه كثير. فاللهم نسألك أن تُصلح المنافقين وإلا فلا تذر على الأرضِ من المنافقين ديَّاراً، إنك إن تذَرهم يُفسدوا عبادك ولا يورثون إلا منافقين (يتفاظعون) في نفاقهم ويتفوقون في أفانينه على مَنْ سبقهم يا رب العالمين.

حلب

30/11/2018

محمود عكام