قال لي: أنا أعلم أنَّ الباري جلَّ وعلا لا يظلم مثقال ذرَّة وإن تكن أقلّ منها أتى بها وكفى به حاسباً عليماً خبيراً، فهل الناس المؤمنون العقلاء لا يظلمون أيضاً متخلقين بأخلاق الله ؟! أجبته: وضِّح وبيِّن. فقال: إنسان صمد وصبر، وآخر هرب وهجر، هل يستويان في التكريم والتقدير والاحتفاء ؟!! فأجبت: الجواب لديك، واستفتِ قلبك وضميرك، وإذا كانا لدى المولى عزَّ شأنه لا يستويان فكذلك لدى من يُوالون المولى سبحانه، وهذا يكفينا ويريحنا ويرضينا، أما ما يحدث في الظاهر فلا تُعوِّل عليه يا سائلي ولا يحزنك، ولا تعُدُّه من عالم الحقيقة. وقديماً قال لنا أشياخنا: العاقل مَن اكتفى بعلم الله فيه، والمهم أن من نبغي مرضاته ونحيا لرضاه لا يضيع عمل عامل ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة، وكذلك قلوب أوليائه وأصفيائه، فدع عنك "الهيصات" و "البهرجات" فما كل ذلك من الجزاء المنشود، بل هو ابتلاء يُضاف إلى ابتلاءات.

الدنيا – يا سائلي – تتسع للجميع واسعَ من أجل أن تكون الأوسع والمستوعِب، وادعُ لنفسك ولكل الآخرين بالصلاح والفلاح ظاهراً وباطناً، وجاهد لتتحقق: إلهي أنت مقصودي ورضاك مطلوبي، واللهم لا عيش إلا عيش الآخرة. سلام على الجميع، وربنا لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا... والحمد لله رب العالمين.

حلب

23/6/2019

محمود عكام