نعم ليس كل من في القبور ميتاً، وليس كل من في القصور حيَّاً، وقديماً قالت العرب: كم مَائتٍ عائش، وكم من عائشٍ مَائت، وما كان هذا الذي في قبره ليموتَ وقد ترك آثاراً نافعة خيِّرة يَفيدُ منها مَن بعده في دنياهم وأخراهم، وأوَّلُ أحياء القبور سيِّدُ الأنام محمَّد صلى الله عليه وسلم، وأمثلة أموات القصور رجالات تعرفهم يا قارئي يُسكنون أجسادهم قصوراً ذات كلفة باهظة وباهظة جداً تكاد أثمانها تكفي فقراء المنطقة، لكن هذه الأجساد لا تحوي ولا تعبِّر عن أرواحٍ ولا عن معانٍ إنسانية، بل همُّها ذاتها طعاماً وشراباً ولذة واستمتاعاً، ونسُوا ما ذُكِّروا به:
أقبل على النَّفس واستكمِل فضائلها فأنتَ بالرُّوحِ لا بالجسم إنسانُ
من عاش لرقي الروح وترقيها وارتقائها فلن يموت وسيبقى ذكره في الخلود، ومن ليس كذلك، وكان همُّه بطنَه وجسدَه فقط فهو في عداد الموتى وإن تحرَّك وسُجِّل في السِّجلات المدنية "حياً".
يا ناس: الحياة حياء وحياء خلاصة إيمان، والإيمان بالله هو الإيمان، إذاً فهيا للحياة الحقيقية: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار).
حلب
8/1/2020
محمود عكام
التعليقات