آخر تحديث: الأربعاء 27 مارس 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
"واجِبُنا نحو القُرآن الكَريم"

"واجِبُنا نحو القُرآن الكَريم"

تاريخ الإضافة: 2021/05/21 | عدد المشاهدات: 927

 

أَما بعدُ، فيا أيُّها الإخوةُ المسلمون المؤمنون:

ودَّعنا شهرَ الصِّيام، وشهرُ الصِّيام هو شهرُ القرآن، وبوَداعِنا هذا الشهر ودَّعنا الصِّيام المفروض، لأنَّ صيام رمضانَ فَرض، ولكنَّني أنظُر وأتمنَّى وآمل أن لا نكون قد ودَّعنا القرآن، فكثيرٌ منَّا يجمعُ الصِّيام مع القرآن، يودِّع الصِّيام ويودِّع معه القرآن، وهذا شأنُ من لا يجب أن يكون على الخطِّ الصحيح.

يا إخوتي: علينا أن لا نهجُر القرآن، وأن لا نُودِّع القرآن، وأن نكونَ دائماً على صِلةٍ بالقرآن، وهذا الكلامُ مُوجَّهٌ للناس كافَّةً بشكل عام، ولكني أوجِّهه للشَّباب بشكلٍ خاص، الزموا القرآنَ يا شباب، يا طُلابنا، يا مُثقفينا، يا أساتذتنا، يا مُعلمينا، يا مُوجهينا، وعلينا أن نعلمَ أنَّ الحضارةَ عُرِّفت مِن جُملة ما عُرِّفت: "الحَضَارةُ نَصٌّ"، من ملكَ نصَّاً فيه نَبَأُ ما قَبل، وخَبَرُ ما بَعد، وحُكْمُ ما بين فهو حَضارة، ولقد شرَّفنا الله بحضارة، إذ كانَ القرآنُ العظيمُ نصَّنا، وإذ كانَ القرآنُ العظيم قانوننا، ولا أريدُ أن أسترسل في ذلك، لكنني أتوجَّه إلى هؤلاء الذين أقولُ لهم: الزموا القرآنَ، أتوجَّه إليهم قائلاً: ما واجبكم نحو القرآن ؟ ما الواجبُ الملقى علينا حِيالَ القرآن ؟

واجِبُنا نحوَ القرآن الكريم ثلاثة أمور:

الأمر الأول التلاوة: وهيَ تعني إحسان النُّطق، تعني التَّجويدُ واللغة والإعراب، تعني أن تبذلَ الجُهد لتُخرج الحرفَ والكلمة، وقد أعطيتَ الحرفَ حقَّه، والكلمةَ حقَّها، من حيثُ نطقها وتجويدها، إخراج كُلِّ حرفٍ من مَخرجِه:

والأخذُ بالتَّجويدِ حَتْمٌ لازِمُ                مِنْ لم يُجوِّد القُران آثِمُ.

الأمر الثاني: القراءة: والقراءةُ إحسان الفهم، أن تفهم هذا الذي تقرأ: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) أي اتلُ وأنت تفهم، فإذا تلوتَ وأنتَ تفهم فأنتَ تقرأ: (الماهِرُ بالقرآن) أي الذي يَتلُو ويَفْهَمُ كما قال سيِّدُ الأنام: (الماهرُ بالقرآن مع السَّفرَة البررة الكرام)، و: (مَنْ قرأَ القُرآن وهو يُتَعْتِعُ فيه) أي يقرأ بصُعوبة، يتلوه ويفهمه بصعوبة لكنَّه يُحاول: (وهو يُتَعتِعُ فيه فله أجران) هكذا قال سيِّدنا وسندنا محمد صلى الله عليه وسلم. إحسانُ الفهم، لا نريدُ أن نتلو من غير فهم، ولقد رأيتُ ورأيتم أن جُلَّ اهتمامنا اليوم يَنصَبُّ على التَّجويدِ والتِّلاوة، وهذا جيد، إلا أننا مُقصِّرون بالقراءة، وهي التي تعني إحسانَ الفَهم، مُقصِّرون بالتَّعرف على المعاني والدّلالات والأبعاد والسِّياقات، ولطالما قلتُ لمن حَولي: أليسَ فيكم مَن يسألني عن معنى قولِ الله عزَّ وجل في هذه الآية أو في هذه السورة، أو في هذا الحزب، أو في هذا الجزء، وهذا دليل على أننا مُبتعدون إلى حَدٍّ ما عن القرآن، وإذا كُنَّا نقرأ فإننا نتلو من غَير قراءة، والرسولُ صلَّى الله عليه وسلم يقول: (مَن قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة، والحسنةُ بعشر أمثالها، لا أقولُ ألم حرف، ولكن ألفٌ حرف ولام حرف وميم حرف) إذا كنتَ تتلو وتقرأُ وتفهم. هيا اقرؤوا كتابَ الله تلاوةً وقراءةً تجويداً وفَهماً، رعايةً للنطق ورعايةً للمعنى، وما أجملَ أن يفتحَ الطَّالب في اليوم ليقرأَ صفحة، ليقرأ سطراً، ليقرأ جزءاً بسيطاً لكن مع التلاوة والقراءة، ما أجمل هذا الإنسان، فإنَّك أيها الإنسان بالمحفوظ تُحفَظ، اللهُ قال: (إنَّا نحنُ نَزَّلنا الذكرَ وإنَّا له لحافظون) ومن أرادَ أن يحفظَ فليتمسَّك بالمحفوظ، فسَيَسري حكمُ الحفظِ على المتمسِّك، لأنَّ حكمَ الحفظِ سَارٍ في المتمسَّك به وهو القرآن الكريم.

الأمر الثالث: التدبُّر، وهو إحسانُ التطبيق: (أفلا يَتدبَّرون القُرآن أم على قلوبٍ أقفالها) القلبُ هو مَخزنُ العاطفة، يدفَعُك من أجلِ أن تُطبِّق. قرأتُ منذ عشرين عاماً أنَّ المفكِّر المعروف محمَّد إقبال قال: كنتُ أقرأُ القرآن، وكان يمرُّ بي والدي وأنا أقرأُ ، يقول لي: يا ولدي اقرأ القرآن. أقولُ له: يا أبتِ ها أنذا أقرأُ القرآن. يمرُّ في اليوم الثاني ويقول: يا ولدي اقرأ القرآن. أقولُ له: يا أبتِ ها أنذا أقرأ، يمر في اليوم الثالث يقول لي يا ولدي: لن تكونَ قارئاً للقرآن الكريم إلا إذا قرأتَه وكأنَّه عليك قد أُنزِل. عندما تقرأ آيةً فأنتَ المخاطَب، ولا تقُلْ هذا القرآن جاء خطاباً لغيري، جاءَ خِطاباً لك، عندما تقرأُ قوله تعالى: (وأقرضوا الله قرضاً حسناً)، تقولُ لبيك يا رب، سأقومُ بالإقراض، هيا وقدِّم القرضَ ولو كانَ ليرةً سُورية حتى تكونَ مُستجيباً لداعي الله، لداعي القرآن.

التدبر: إحسانُ التطبيق، وكأنَّه عليك قد أُنزِل. يقولُ أبو عبد الرحمن السُّلَمي وهو من تابعي التابعين، يقول: حَدَّثنا الذين كانوا يُقرؤننا القرآن أنَّهم ما كانوا يقرؤونَ آيةً من كتاب الله إلا ويتعلَّمون ما فيها من العِلم والعَمل، قال: فتعلَّمنا القرآنَ والعلمَ العملَ جميعاً.

حَفِّظُوا قُرآنَكم أبناءَكم                  يحفظِ القرآنُ دِينَ الحافظين

أيُّها المشتاقُ نَجوى ربِّه                   خَاطبِ اللهَ به في كُلِّ حِين

واعبُدِ الرَّحمنَ في قُرآنه                    تغدُو بالقرآنِ زَيْنَ العَابدين

اللهمَّ اجعَلنا من أهلِ القرآن، فأهلُ القرآن هم أهلُ الله وخاصَّته، نِعْمَ مَن يُسألُ ربُّنا، ونِعْمَ النَّصيرُ إلهنا، أقولُ هذا القولَ وأستغفرُ الله.

ألقيت بتاريخ 21/5/2021

 


لمشاهدة فيديو الخطية، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/5DNLMbJ7mo  /

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

التعليقات

شاركنا بتعليق