آخر تحديث: الأربعاء 27 مارس 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
مَسَاراتُ الإِصلاح

مَسَاراتُ الإِصلاح

تاريخ الإضافة: 2021/05/30 | عدد المشاهدات: 765

أما بعد، فيا أيُّها الإخوة المؤمنون:

سَألني أستاذٌ في المدرسة قال لي: ما الغايةُ التي يجب أن أضَعَها نُصْبَ عيني حتى أُحقِّقها، وكانَ من قَبْلُ قد سألني إنسانٌ يعمل بالتجارة نفس السؤال، ومن بعدُ سألني شيخٌ كذلك نفسَ السُّؤال، وكانَ الجواب للجميع: اقرأ معي قولَ الله عز وجَلَّ على لسانِ سيِّدنا شُعيب عليه السَّلام: (إن أُريدُ إلا الإصلاحَ ما استطعتُ وما تَوفيقي إلا باللهِ عليهِ توكلتُ وإليه أُنيب).

أيها الإنسان حيثما كنت في هذا البلدِ الكريم: يا مَنْ تشغلُ مساحةً عُنوانها مسؤولية صَغُرَت هذه المساحة أم كَبُرَت: غايتك الإصلاح، والإصلاح له ثلاثةُ مَسارات: إرضاءُ الدَّيَّان، وبِناءُ الإنسان، وخِدمةُ الأوطان.

المسارُ الأول: إرضاءُ الديَّان: عَبْرَ الإيمان به جَلَّ وعَلا، عَبْرَ الإيمان الحقيقي الراسخ في القلب وفي الفؤاد، وليقُل كُلٌّ منا حيثما كان وأينما كان صباحَ مساء: (آمنتُ بالله رباً، وبالإسلامِ ديناً، وبالقرآن كتاباً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً)، فمَن قال ذلك فقد استكمل عُرى الإيمان. إرضاءُ الديان من خلالِ الإيمان به جل وعلا ومن خلال الالتزام بأوامره واجتناب نواهيه، وليكن حالك دائماً بينك وبين نفسك، في سِرِّك: (الهي أنتَ مقصودي ورضاك مطلوبي)، ولا تلتفت لا إلى هؤلاء ولا إلى أولئك. باللهِ عليك اسعَ مِنْ أجل أن يَرضى ربك عنك ولو كان ذلك على حساب الناس كلهم. فيا أبناءَنا ويا شبابنا ضعوا هذا أمامكم، سنُرضي ربَّنا، اسعَوا إلى ذلك، سنُرضي خالقنا، ليكُن هَمُّك وأنت تستيقظ: يا رب: هيِّئني لمرضاتك، يا رب: إن لم يكن بِكَ غضبٌ عليَّ فلا أُبالي، مَدَحني هؤلاء أو أولئك، ذَمَّني هؤلاء أو أولئك، إن لم يكن بِكَ غضبٌ عليَّ فلا أُبالي.

المَسار الثاني: بناءُ الإنسان: وأنتَ أيها الإنسان عَقْلٌ وقلبٌ وجَسد، بناءُ العقل بالعلم والمعرفة، تعلَّموا يا إخوتي، والقرآنُ مصدر علمنا، (وقُل ربِّ زِدني علماً) نحنُ نبني العقلَ بالعلم والمعرفة: (اقرأ باسمِ ربِّك الذي خَلَق) لا تُضِّيعوا الأوقاتَ يا شبابنا، ولكن التزموا العلمَ والمعرفة التي تُفضي إلى ما قاله القرآن: (والرَّاسخون في العلم يقولون آمنا به كلٌّ من عند ربنا) نبني العقل بالعلم والمعرفة، ونبني القلب بالإيمان بالله عز وجل وبالعبودية لربِّ العزة جلَّت قدرته، قُل وأكثر: (اللهم إني عبدُك وابن عبدك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حُكمك، عَدْلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكلِّ اسمٍ هو لك سمَّيت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علَّمتَه أحداً من خلقك، أو استأثرت به في مكنون الغيب عندك أن تجعلَ القرآن العظيم ربيعَ قلبي وجَلاء حُزني وذهابَ هَمِّي وغَمِّي) يا ربَّ العالمين. وأما الجسدُ والجوارحُ فهيا من أجلِ أن تبنيها بالطاعات والعبادة على أساسٍ من صحة وعناية، عنايةٍ بصحَّتها المادية، نحن مأمورون بالعناية بالجسد ليستوي هذا الجسد وهو يتوجَّه إلى العلي القدير بالعبادة الصحيحة.

المَسارُ الثالث: خدمة الأوطان: جاء في الحديث الشريف: (من قُتل دون أهله فهو شهيد، ومن قُتل دونَ ماله فهو شهيد، ومن قُتل دونَ عِرضه فهو شهيد) وهل الوطن في النهاية إلا الأهل والمال والعرض والأرض والمدرسة والجامعة والمسجد وكل مكانٍ نأوي إليه من أجلِ أن يلمَّنا ويجمعنا. خدمة الأوطان تعني حمايته من كل مفسد، حمايته من كل ضال، حمايته من نفسك حينما تأتيك هذه النفس لتوسوس لك بفعلة لا تصبُّ في مَصَبِّ منفعة الوطن. حمايةُ الوطن من كل فساد وضلال وكيد وشر، فاللهم جنِّب أوطاننا الشرَّ والفَساد والكيدَ والضر والحربَ وكُلَّ ما يُسيءُ إلى وطننا الغالي، وتعني بعدَ الحماية الرعاية، والرعاية تعني أن نعملَ من أجل أن يزدهر الوطن في زراعته وصناعته ودينه وعلمه وثقافته وتربيته، الرعاية تعني وطناً مُستقلاً مُستقراً، وَطناً مزدهراً، وَطناً يقول أبناؤه الأوفياء بصوتٍ واحد: سنجعلُ من وطننا مكاناً وبؤرةً للخير العَميم النافع، سنجعلُه منبعَ عطاء ورحمة، سنجعله لكل واحد منا.

أرأيتم يا إخوتي إلى الإصلاح، هل تحمل أنت راية الإصلاح، هل فكَّرتَ في أن تكونَ مُصلحاً حيث كنت، إن كنت قد فكَّرت في أن تكون مصلحاً فقد قدمتُ لك عناوينَ الإصلاح، وأذكِّركم بأننا لا نسعى إلى الصَّلاح، ولكننا نسعى إلى الإصلاح، فالإصلاحُ صَلاح وزيادة، الإصلاحُ مجاوزةٌ للصلاح من أجل أن يَسري الصلاحُ مني إليك، ومنك إليَّ، ومنكَ إلى الذي بجانبك.

هذه هي مَعالم الإصلاح، فهل فكَّر الطالب والمدرس والضابط والأب والابن والزوجة والزوج والشيخ والعالم، هل فكَّر في أن يضعَ نُصب عينيه: (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله) في هذا الإصلاح، عليه توكَّلتُ وحده، ولن أتوكل على أحدٍ من الناس، إلهنا لئن توكَّل غيري على غيرك، فأنا الذي لا أتوكل إلا عليك، ولئن لاذَ غيري بغيرك فأنا الذي لا ألوذ إلا بك، ولئن اعتمد غيري على غيرك فأنا الذي لا أعتمد إلا عليك، آمنتُ بك، نِعْمَ من يُسألُ ربُّنا، ونعمَ النَّصير إلهنا، أقول هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت بتاريخ 28/5/2021

لمشاهدة فيديو الخطية، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/5PLsNsfqeF/

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

التعليقات

شاركنا بتعليق