آخر تحديث: الجمعة 19 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
القُدسُ مَكانةً ومَوقِفاً

القُدسُ مَكانةً ومَوقِفاً

تاريخ الإضافة: 2022/04/29 | عدد المشاهدات: 513

أمَّا بعد، فيا أيُّها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

أُطلِقَ على هذا اليوم في العصرِ الرَّاهن من قِبل كثيرٍ من المسلمين المعتَبرين، أُطلِقَ عليه "يومُ القُدس" القدسُ المدينةُ المقدَّسة، القدسُ محضِن بيتِ المقدس، القدسُ تلك القضية التي نخشى أن تزولَ من أذهان شبابنا وأجيالنا، القدسُ وما يُفعَل فيها اليوم بالمادة والمعنى، بالحجر والبشر من قِبل الطُّغاة والعُتاة والمجرمين الآثمين الصَّهاينة المجرمين، فيا أبناءَ هذا الدين الحنيف، ويا أبناء الإنسان عامة: قضيةُ القدس وبيت المقدس قضيةٌ إسلامية بامتياز، وإنسانية بامتياز، وإيَّانا ثم إيَّانا أن نغفل عنها أو أن ننساها أو أن نشتغل بما هو أقلُّ أهمية منها عنها. علِّموا أولادكم وطلابكم ومَنْ حولكم أنَّ بيت المقدس، وأنَّ القدس رمزان وحقيقتان وشَعيرتان تَمُتَّان إلى الإسلام بصِلةٍ لا أقوى ولا أعظم. لذلك قلتُ في نفسي سأحدِّث إخوتي في هذا المسجد المبارك عن القدسِ مكانةً وموقفاً، وأريد أن تبقى هذه اللوحة التي سأرسمها أمامكم في أذهانكم حيةً خالدة لا تَغيب عن ساحِ التفكير الجادّ من أجل التحرير، وما التحريرُ ببعيدٍ عمَّن صدقَ الله وتوجه إلى الله بأمانة ووفاء: (وليَنصُرنَّ اللهُ من ينصره إن الله لقوي عزيز).

أولاً: القدسُ عربيةٌ إسلامية: إسلاميتها تمتدُّ من آدم، فآدمُ مسلم، والإسلام دينُ الأنبياء جميعاً، إسلاميتها تمتد من آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم.

ثانياً: القدسُ تعاقَبَ عليها من الأنبياء ما لم يتعاقب على مكة المكرمة.

ثالثاً: القدسُ هي المحلُّ الأقدس الذي نذرت له امرأةُ عمران ما في بطنها فكان الذي في بطنها مريم عليها السلام.

رابعاً: القدسُ قبلةُ المسلمين الأولى، وقد صلَّى إليها نبيكم صلَّى الله عليه وسلم وأجدادُكم الصَّحابة إن كنتم تنتسبون إليهم حقاً، صلَّوا إليها مُستقبلين المسجد الأقصى سبعة عشر شهراً.

خامساً: القدسُ مُنتهى الإسراء ومٌنطَلق المعراج، ولها المكانة العظمى في نصوصنا، في قرآننا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم فاسمعوا بعضاً منها:

قال اللهُ عزَّ وجل: (سُبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حولَه لنُريه من آياتنا إنه هو السَّميع البصير) تلك آيةٌ في سورة الإسراء، بل هي افتتاحية السورة تتحدث عن بيت المقدس وعن أنه سيبقى رمزاً وشَعيرة لدى المسلمين، لدى قُرَّاء القرآن الكريم، فبالله عليكم لا تقصِّروا في الاهتمام بها إن كنتم مسلمين. وجاء في الحديث: (لا تُشّدُّ الرحالُ إلا لثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا والمسجد الأقصى)، ويروي الإمامُ أحمد في مسنده َّأن مَيمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت للنبي يوماً صلى الله عليه وسلم: أَفتِنا يا رسولَ الله في بيت المقدس ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (نِعْمَ المصلَّى هُو، أرضُ المحشر والمنشر، إيتوه فصلُّوا فيه، فإنَّ صلاةً فيه كألفِ صلاة) قالت له السيدة ميمونة: يا رسول الله بأبي أنت وأمي: ومَنْ لم يُطِق أن يأتيه ؟! إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يأتي بيت المقدس فماذا يفعل ؟ قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (فليُهدِ له زيتاً يُسرَجُ فيه، فإنَّ من أهدى إليه كمن صلَّى فيه). سألوني مرة: كيف تُفسِّر هذه الهدية (الزيت) ؟ قلتُ وأجبت: لعلَّ الزيت اليوم يتنزَّل على "البترول العربي"، فيا دُول "البترول": عليكم أن تقتطعوا من واردت البترول لتُقدِّموا هذا الذي تقتطعونه لدعمِ الجهاد في بيت المقدس، وهذا واجبٌ عليكم لتدعموا أولئك الذين يُقاومون الطُّغاة الصَّهاينة، أولئك الذين يستبيحون المسجد الأقصى، أولئك الذين يستحيون نساءَكم ويقتِّلون أطفالكم ويدخلون لينتهكوا حرماتكم. (فليُهدِ إليه زيتاً يُسرَجُ فيه، فإنَّ مَن أهدى إليه كمن صلَّى فيه) والزيتُ اليوم كما قلتُ لكم هو "البترول" لأنه يُطلق على البترول الزيت، وإلا إن لم يكن هذا الأمر فبالله عليكم كيف نُفسِّر الزيتَ الذي يُهدَى لبيت المقدس.

حديثٌ آخر يرويه الإمام أحمد أيضاً يقول فيه صلى الله عليه وسلم: (لا تزالُ طائفةٌ من أمتي على الحقِّ ظاهرين، لعدوِّهم قاهرين، لا يضرُّهم مَن خالفهم ولا ما أصابهم من البلاء حتى يأتيَ أمرُ الله وهم كذلك) يُقاتلون ويقهرون العدو وهم أولئك الذين يجاهدون اليوم، هم الشرفاء من أبناء فلسطين، ومن أبناء الدول الأخرى التي تدعم فلسطين، هم الشرفاء، (لا يضرُّهم مَن خالفهم ولا ما أصابهم من البلاء حتى يأتي أمر الله وهم كذلك) قالوا: يا رسول الله وأينَ هم ؟ قال: (في بيتِ المقدس وفي أكناف بيت المقدس).

تلكُم بعض ما يمكن أن يُقال عن المكانة فاحفظوا هذا وضَعوه في وَعيكم ولا تنشغلوا عنه، وقلتُ لكم من قبل: لتكن لك قضية وأنت تدعو ربك عز وجل، قضيتنا المركزية أن ينصرنا الله على أولئك الصهاينة المجرمين المحتلين لفلسطين، وعلى من يدعمهم وعلى من يسير في فَلَكهم ويؤيدُ نهجهم، وعلى من يشتغل معهم.

أما الموقف الأول الذي يجب أن نتبنَّاه: الجهادُ هو السبيل الوحيد فليسمع المجاهدون في كل العالم، والمجاهدة الحقَّة في تحرير فلسطين، في تحرير بيت المقدس من براثن العدو الصهيوني الأثيم، الجهاد هو السبيل الوحيد لتحرير فلسطين، المقاوَمة ولا المساوَمة.

الأمر الثاني: لا تَنازُل عن حقِّ العودة أيها الإخوة الفلسطينيون، علينا أن ننادي وأن ينادي إخوتنا في فلسطين ومن كل العالم المسلم لا تنازل عن حق العودة، سنعودُ لفسطين، وستعودُ فلسطين لنا بإذن الله تعالى: (ويومئذٍ يفرحُ المؤمنون بنصر الله).

الأمر الثالث: لا اعتراف بشبرٍ واحد من أرض فلسطين للعدو الأثيم، صحيحٌ أننا ضعفاء اليوم، ولكن "الضَّعف العابر لا يُغيِّر الحقَّ الثابت"، لا اعترافَ لإسرائيل بذرَّة من ذرات تُربِ وتراب فلسطين التي تضمُّ بيت المقدس والقدس.

أيها الإخوة المسلمون: وأنتم تودِّعون شهرَ الصِّيام، وتعيشون العشر الأخير: في دعائكم وأنتم تفطرون، في دعائكم وأنتم تركعون وتسجدون قولوا: اللهم هيِّئ لبيتِ المقدس الطائفة التي تقهر العدو، الطائفة المخلصة التي تظهرُ على العدو، الطائفة المسلمة القوية المجاهدة التي تستعلي على العدو، وبلدنا هذا سيبقى دائماً وأبداً يدعو إلى تحرير فلسطين بلسانه وحاله، فاللهمَّ بسِرِّ مُحمد وآل مُحمد أَعِدْ إلينا بيتَ المقدس، واجعَله مِحورَ لقاء المسلمين على ما يُرضيك يا ربَّ العالمين، نِعْمَ مَن يُسألُ أنت، ونِعْمَ النَّصيرُ أنت، أقولُ هذا القول وأستغفر الله.

أُلقِيت في جامع "السيِّدة نفيسة عليها السلام" بحلب الجديدة بتاريخ 29/4/2022

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/cI3yJAUNYy/

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

التعليقات

شاركنا بتعليق