آخر تحديث: الأربعاء 27 مارس 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
التَّكافُل الخُلُقي (إِكرامُ الكِبار)

التَّكافُل الخُلُقي (إِكرامُ الكِبار)

تاريخ الإضافة: 2022/08/20 | عدد المشاهدات: 418

 

أمَّا بعد، فيا أيُّها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله   :

سألني سائلٌ عن التكافل الاجتماعي وعن نسبة تطبيقه في مجتمعنا، فقلت له: التكافل الاجتماعي إلى حَدٍّ ما مُطبَّقٌ بنسبة مقبولة، قد لا تكون النسبة مرغوبة ومطلوبة لكنها مقبولة، والتكافل الاجتماعي أن يكفل القوي الضعيف، والغني الفقير، والقادر العاجز، وهكذا... أجبتُه جواباً آخر، قلت له: ثمة تكافل نحن مُقصِّرون فيه أيَّما تقصير. قال لي: وما هذا التكافل الذي قصَّرنا، ولا زلنا نعيش التقصير فيه ؟ قلت له: التكافل الأخلاقي. والتكافل الأخلاقي أن يقوم كل منا بواجبه الخلقي نحو الآخر، وعلى سبيل المثال: من التكافل الأخلاقي بر الوالدين، من التكافل الخلقي إكرام الكبار، ولا أقول المسنين، إكبارُ من هو أكبر منك وإجلاله، من التكافل الخلقي رعاية الجوار، من التكافل الخلقي العطف على الصغار، من التكافل الخلقي خيرية الرجل لزوجته، من التكافل الخلقي خُلُقية الزوجة لزوجها وهكذا دواليك... واليوم آثرتُ أن أحدثكم عن تَجَلٍّ من تجليات التكافل الأخلاقي المتعلق بإكرام الكبار.

أيها الإنسان: مَنْ كانَ أكبرَ منك سِنَّاً فعليك إكباره وعليك إجلاله وعليك توقيره وعليك تقديره لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ من إجلالِ الله إكرام ذي الشيبة المسلم)، وأترككم تتخيلون الآن علاقة الصغار مع الكبار أهي علاقة إجلال وإكبار وتوقير أم علاقة استهتار وربما وصلت إلى حد الامتهان والاستهزاء والسخرية، انظروا مجتمعكم وشوارعكم وأحياءكم ومدارسكم وجامعاتكم، هذا الأمر والتجلي، هذا النوع من التكافل الخلقي نحن مقصرون فيه جداً جداً.

أولاً: إكرام الكبار واجب شرعي أخلاقي، لعلك تسألني لم ؟ أقول: لقد جاء الأمر من الله عبر رسوله، ولكن أيضاً لا تنسَ حين تُكرم الكبار فأنت تكرم أفضلَ الناس وخيرَ الناس. الرسولُ صلى الله عليه وسلم عندما سُئل: أيُّ الناسِ خير ؟ قال: (من طالَ عُمُره وحَسُنَ عمله) أنت تُكرِمُ خير الناس، وقال صلى الله عليه وسلم: (ليسَ أحدٌ) اسمعوا أيها الناس، لأن كل واحد منا أمامه كبير، فواجب عليك هذا ولو كان أكبر منك بسنة أو بأشهر أو بأيام حسبه أنه بالنسبة لك كبير، يقول صلى الله عليه وسلم: (ليس أحد أفضل عند الله من مؤمن يُعَمَّر في الإسلام) أي قد عُمِّرَ أكثر منك، لذلك عليك أن تُجِلَّه وتوقره وتحترمه وتطرق بعينيك وأنت واقف أمامه، يدعوك الإسلام إلى شيء سميته التكافل الخلقي

ثانياً: الكبير بالنسبة إليك ضعيف، (من بعد قوة ضعفاً) بالنسبة لك ضعيف لأنك أقوى بنية منه، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إنما تُنصَرون وتُرزَقون بضعافكم) وما المقصود بالضعفاء إلا من هو أكبر منك، لأنك الآن في مرحلة القوة وهم أصبحوا أقرب إلى عالم الضعف المتعلق بالجسد والجسم

ثالثاً: الكبار في مجالسهم البركة، إذا كنت تبحث عن البركة، والبركة جند من جنود الله إذا جاءت إلى شيء قليل كثرته، وإذا جاءت إلى شيء فيه شبهة جعلته حلالاً صرفاً، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (البركة مع أكابركم) ولذلك يقال عندنا في الكلام العامي الذي ينحو منحى الحكم: "الذي ليس له كبير فليبحث عن كبير" لأن البركة مع الكبير.

رابعاً: أنت يا من توقر وتقدر وتجل وتكبر: الجزاءُ الحَسَن سيكونُ لك في الدنيا قبل الآخرة، في الآخرة أجرٌ عظيم وثواب كبير، لكن سيُعجل لك الجزاء الحسن في الدنيا فـ: (ما أكرم شابٌ شيخاً لِسِنِّه إلا قيَّضَ اللهُ تعالى له مَنْ يُكرمه عنده سِنِّه) كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعكس بالعكس، ما أهانَ إنسانٌ ما كبيراً إلا قيض الله لهذا من يُهينه ويسومه العذاب

خامساً: قدروا الأكابر والكبار فيكم، فإذا لم تفعل ذلك بعد الجزاء الوخيم في الآخرة فلست من أمة محمد، وهذا الأمر صريح: (ليسَ منا) وفي رواية: (ليس من أمتي مَن لم يُوقِّر كبيرنا ويرحم صغيرنا) إن لم توقِّر الكبير فأنت أعلنتَ التَّمرد على أمة محمد، وأصبحتَ من غير هذه الأمة ونُفيت منها، ولا أسف عليك بعد إذ خرجت من هذه الأمة، والحديث صريح صحيح.

فيا أيها الشباب ويا أيها الصغار، ويا أيها الكبار: كُلٌّ منا أمامه كبير، البركة مع أكابركم، قَدِّروا الأكابر والكبار واحترموهم، وكونوا على إجلالٍ لهم، ولا تنسوا أنَّ ذلك من التكافل الخلقي، وأن ذلك أمر شرعي مطلوب مفروض وواجب، فاللهم إني أسألك لشبابنا وأطفالنا وبناتنا ورجالنا ولجميعنا أن توفقهم من أجل أن يتحلوا بالتكافل الخلقي، نِعْمَ مَن يُسأل أنت، ونعم النصير أنت، أقولُ هذا القول وأستغفر الله.

أُلقِيت في جامع "السيِّدة نفيسة عليها السلام" بحلب الجديدة بتاريخ 19/8/2022

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/e-KIsM--4j/

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

 

 

 

التعليقات

شاركنا بتعليق