آخر تحديث: السبت 27 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
غَايَةُ الحَجّ

غَايَةُ الحَجّ

تاريخ الإضافة: 2023/07/07 | عدد المشاهدات: 291

أمَّا بعد، فيا أيها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

لِكُلِّ رُكن من أركان الإسلام غاية ينبغي للقائم بهذا الركن أو ذاك أن يتأكد من أن تلك الغاية قد تحققت، أو قد تحقَّق القسم الأكبر منها. غايةُ الصلاة صِلةٌ وفيَّةٌ مع الله تتصرف بعدها كأنك تراه، غاية الزكاة طهارة من الجشع والطمع والبخل والشُّح، ولا تُحصِّل هذا إلا بالبذل في سبيل الله، وغاية الصِّيام إمساكٌ عن المفطِّرات المعنوية مِن كذبٍ وزُور ونميمة وغيبة، ومن كل ما يخدُشُ إنسانيتك، وبذلك تتحقَّقُ بتقوى الله: (لَعلَّكُم تتقُّون)، (كُتِبَ عليكُم الصِّيام كما كُتِبَ على الذين من قبلكم لعلكم تتَّقون)، وغايةُ الحج ونسأل الله أن يوفقنا لتحقيق هذه الغاية، وقد وَفَّقنا للقيامِ بهذا الركن العظيم بركن الحج، الفريضة التي تُشكِّل - كما تعلمون - رُكناً خامساً من أركان ديننا الحنيف، غايةُ الحج ثلاثة أمور: عُبودية واعية، وطاعة مستمرة لازمة، وإخلاص حقيق لله. فمن حَجَّ فلينظر هل حقَّق هذه الغايات أو النسبة الأكبر منها أو ما يمكن أن يتجاوز القليل من نسبها القائمة فيها.

عبودية واعية لله: فأنت تطوفُ وتسعى وتُحرِم وترمي الجمرات وليس - وأرجو أن ننتبه إلى هذا - وليس من حكمةٍ ملحوظة في ذلك إلا أنك تعبد الله، أمرك الله أن تطوف فطفت، أمرك الله أن تسعى فسعيت، ليس هنالك من حكمة ملحوظة يعود نفعها على جسمك أو على ماديتك إلا أنك تعبد الله، لماذا تطوف ? لأنك تعبد الله، لأن الله أمرك فأنت تعبد الله. لماذا تسعى? أَمِن أجل الرياضة ? لا، للحركة ؟ لا. أنت تسعى لأن الله قال لك: اسعَ، لأنك تعبد الله عبودية واعية لله عز وجل.

الأمر الثاني: ملازمة طاعة: الطاعة مُلازَمة وُمتابَعة ومستمرة، فأنتَ لا تطيع اليوم ثم في اليوم الآخر تقف عن الطاعة، الطاعة مستمرة، الطاعة حالة تعيشها وتلبسها وتتقمَّصها، حالة لا تنفكُّ عنك ولا تنفك عنها، فأنت في صلاتك تطيع، وأنت في حركاتك تطيع، وأنت في طعامك تطيع، وأنت في شرابك تطيع، وأنت في مَشيِك تطيع، وأنت في طاعة ما دُمت في كل ذلك مُلتَزِماً شرع الله عز وجل. غاية الحج طاعة لازمة مستمرة ثابتة، وهذا آتٍ من طوافك سبع مرات، من سعيك سبع مرات، من رميك بسبع حصوات، من رميك ثلاثَ مرات في ثلاثة أيام، هذه المرات وهذا العدد دليلٌ على الملازمة والاستمرار، فأنت تتابع وأنت تلازم وأنت تستمر، فيا أيها الإنسان إياك ثم إياك أن تطيع ساعة وأن تترك الطاعة ساعة أخرى ما دامت الطاعة مرتبطة بأمرين اثنين: بِنَيَّة لله عز وجل، وبأن يكون العمل الذي تقوم به مشروعاُ.

وأما الأمر الثالث الذي يشكل غاية الحج فإخلاص حقيق لله: أنت تسعى وتطوف وترمي وتبيت بمنى وتأتي مزدلفة وفي كل هذه الأمور قصدك الله، والدليل على ذلك أنك تقول حيثما حللت في مناسك الحج، تقول: (لبَّيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنَّ الحمدَ والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك) إخلاص حقيق لله، إذا ضاع الإخلاص منك ضاع عملك ولو كنت قد قدَّمت العمل الكثير الكبير.

جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما يروي أصحاب السنن، والحديث صحيح، قال: يا رسول الله: أرأيتَ رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر ؟ يريد وجه الله ولكن يريد مع ذلك أن يُذكَر، أرأيت رجلاً غزا يريد الأجر والذكر ما له ? قال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا شيء له. أنت تريد أن تحج تريد الأجر ولكن أيضاً تريدُ أن تُذكَر أمام الناس على أنك حَجَجت، وتريد أن تتباهى ولو بالطاعة، يريد الأجر والذكر، ما له ? قال: لا شيء له. كَرَّر ثانية: يا رسول الله أرأيتَ رجلاً غزا يريدُ الأجر والذكر ما له ? قال: لا شيء له. قال يا رسول الله أرأيت رجلاً غزا يريد الأجر والذكر ما له ? قال لا شيء له، ثم قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إنَّ اللهَ لا يقبلُ من العمل إلا ما كان له خالصاً، وابتُغِيَ به وجهُه) أتصلي وتريد أن تستثمر صلاتك مع أنك تريد الأجر، أتريد أن تستثمر صلاتك من أجل أن يقال عنك بأنك مُصَلٍّ وبالتالي يُؤمَنُ جَانبك، لا شيءَ لك، (إنَّ اللهَ لا يقبلُ من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتُغي به وجهُه) لذلك يا إخوتي دَقِّقوا في نياتكم، دَقِّقوا في انطلاقتكم، دَقِّقوا بعد أن تنتهوا من أعمالكم، هل فعلتم هذا إخلاصاً لله عَزَّ وجَلَّ وابتغاءَ وجهه، أم جعلتُم مع ذلك أمراً آخر كما سأل هذا الصحابي الجليل الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم، يريدُ الأجر والذِّكر، يريدُ الأجر ولكن يريدُ الذِّكر مع الأجر لا شيء له. ليسَ هذا تشديداً، ولكن هذا تأكيد على التوحيد لأننا أمة التوحيد، لأننا أمة لا إله إلا الله، لا إله يُعبَد إلا الله، ولا إله يُتَّقى إلا الله، ولا إله يُصلَّى له إلا الله، ولا إله يحج له إلا الله، ولا إله يُصامُ له إلا الله، ولا إله يُضحَك حتى تتحول الضحكة إلى عبادة إلا الله، (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئٍ ما نوى) أسأل اللهَ جَلَّ شأنه أن يحققنا ونحن نقوم بأركان الإسلام بغايات هذه الأركان، إنَّ ربنا على كل شيء قدير، نِعمَ مَن يُسأل ربنا، ونِعْمَ النَّصيرُ إلهنا، أقولُ هذا القول وأستغفِرُ الله.

ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السلام بحلب الجديدة بتاريخ 7/7/2023

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/lDNNLvD1dy/

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

التعليقات

شاركنا بتعليق