آخر تحديث: السبت 27 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
مَوْقِفُنا مِن القَضيَّة الفِلسْطِينيَّة

مَوْقِفُنا مِن القَضيَّة الفِلسْطِينيَّة

تاريخ الإضافة: 2023/10/13 | عدد المشاهدات: 337

أمَّا بعد، فيا أيُّها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

سأل التلميذ أستاذه: مَن أصحاب القضية، قضية فلسطين، من هم أربابها ? أجاب الأستاذ بكل وضوح، والأستاذ أستاذٌ بكل ما تعنيه الكلمة، قال له: يا بني قضية فلسطين قضية المسلمين، وقضية العرب، وقضية الفلسطينيين، وقضية شُرفاء العالم على اختلاف ألوانهم وأجناسهم وأديانهم ومذاهبهم، وأنت يا بني على حق حينما تسأل، لأنك ترى المسلمين حولك لا يكادون يذكرون هذه القضية إلا في المناسبات السياسية أو المناسبات السياسية الدينية التي تمتُّ إلى هذه القضية بصلة كليلة الإسراء والمعراج. أنت على حق يا بني لأن كثيراً من الدول الإسلامية والدول العربية باعوا هذه القضية وتَخلَّوا عنها، بل إنَّهم ليصطَفُّون في الطرف الآخر مع أعداء فلسطين، أنت على حق يا بني حين تسأل هذا السؤال لأن المسلمين والعرب لم يَعُد يَهُمُّهم لا فلسطين ولا ما يحدث في فلسطين، وإنما الذي يهمهم كما قلنا في الأسبوع الفائت أن يقاتل المسلمُ المسلم، وأن يحتلَّ المسلم دولةَ مسلمٍ آخر، وأن يكفر المسلم المسلم، وأن يُزيح المسلم المسلم، وأن يحقد المسلم على المسلم. الحق معك يا بني لأنك تربيت على هذا الذي نحن فيه، لكنك إن أردتَ الحقيقة فقضية فلسطين قضية الإسلام والعرب والفلسطينيين وقضية العالم والإنسانية، لأنها قضية حَقٍّ بامتياز.

قضية المسلمين: لأنَّ فلسطين تعني بيت المقدس، تعني الأقصى، تعني المسجد الثالث الذي يأتي بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي، تعني منتهى الإسراء وبداية المعراج، تعني أولى القبلتين، تعني ثالث الحرمين. هذه هي فلسطين بالنسبة للمسلمين، أَبَعْدَ كل هذا تسألني هل تعني قضيةُ فلسطين المسلمين أو لا ?

قضية العرب: لأنَّ العرب هم الذين بنوا فلسطين، واسألِ التاريخ، سيُخبِرك التاريخ بأنَّ العرب الكنعانيين هم الذين بنوا فلسطين، سيخبرك التاريخ بأنَّ العرب المسيحيين هم الذين كانوا حريصين على فلسطين لأنَّ عيسى عليه السلام وُلد في فلسطين، في بيت لحم، لأنَّ عيسى عليه السلام هناك في كنيسة القيامة.

قضية الفلسطينيين أنفسهم: لأنهم مواطنوها الحقيقيون، لأنهم هم الذين سكنوها، وهي بلدهم، وهم أهلوها، وهكذا يقول التاريخ القريب والبعيد حتى أولئك الذين يؤرِّخون وهم يجلسون في أوروبا وفي الغرب.

قضية الشرفاء: لأنها قضية عدالة، لأنها قضية حق، يا بني يا أيها التلميذ النَّجيب: أليسَ هؤلاء الصَّهاينة معتدين ? أليس هؤلاء الصهاينة الذين جاؤوا إلى فلسطين جاؤوا زُوراً وبهتاناً من خلال وَعْد مَنْ لا يَستَملِك ولا يملِكُ الوعدَ ولا يملكُ الحقَّ في الوعد لأُناسٍ لا يملكون الحقَّ في الأرض ? أليس الموضوعيون الآن في العالم يسمون اليهودَ الحاليين بالخنازير في كتبهم، وهم من غير المسلمين، أليسوا هم الذين سَئِموا من الخنازير في بيوتاتهم وفي دولهم فَسَعُوا من أجل أن يخرجوهم من أراضيهم، من أوروبا ومن أمريكا ومن كل هذه الدول ليجعلوهم وليغرسوهم في أرض فلسطين، التي هي ليست أرضهم ؟! هي قضية شرفاء العالم.

ولكن الحقَّ معك أيها الطالب، أيها التلميذ، لأنك لم تسمع من الشيوخ، ولا من السَّاسة بشكلٍ عام، لم تسمع ماذا تعني القدس، وبيت المقدس والأقصى، هاتِ أذنك من أجل أن أُسمعك حديثين فقط عن بيت المقدس وعن الأقصى.

الحديث الأول: تقول ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، اسمعوا يا أبناءنا، تقول يا رسول الله أفتِنا عن بيت المقدس ؟ يقول عليه الصلاة والسلام عن بيت المقدس: (نِعْمَ المصَلَّى هُو، هو أرضُ المحشَر، هو أرضُ المنشَر، إيتُوه فصَلُّوا فيه، فإنَّ الصَّلاةَ فيه كألفِ صَلاةٍ). قالت السَّيدةُ ميمونة: ومَنْ لم يُطِق أن يأتيه ؟ قال: (فليُهدِ إليه زيتاً يُسرَجُ فيه، فإنَّ من أهدى إليه كَمَن صَلَّى فيه). ولقد قلتُ منذ أكثر من خمسةَ عشر عاماً: هذا الحديث فيه دِلالة (فَليُهدِ إليه زيتاً) قلتُ في يومٍ من الأيام منذ ذلك التاريخ: البترول يُطلَقُ عليه الزيت، يُسمَّى زيتاً، فيا أرباب البترول، ويا أرباب الزَّيت، ويا أرباب النفط: بأمرٍ من رسولِ الله إن كنتم تؤمنون برسول الله عليكم أن تُخصِّصوا من ميزانية البترول لفلسطين، لبيتِ المقدس، حصة بيت المقدس في بترولكم بكلامِ المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهذه إشارة، وقلتُها منذ أكثر من خمسةَ عشر عاماً ولا أزال أُردِّدها: (فليُهدِ إليه زيتاً) اليوم البترول يذهبُ إلى الطرف الآخر، - لا أريد أن أتحدَّث في السياسة ولا عن السياسة - لكن هذا هو الواقع، وأنتم تُشاهدون بأُمِّ أعينكم.

الحديث الثاني: يا ابناء فلسطين وإن كنتم سوريين، يا أبناء فلسطين وإن كنتم مصريين، يا أبناء فلسطين وإن كنتم خليجيين: (لا تزالُ طائفةٌ من أمتي على الحقِّ ظاهرين، ولعدوِّهم قاهرين، لا يَضُرُّهم مَن خالفهم ولا ما أصابهم من البلاء حتى يأتيهم أمرُ الله وهم كذلك) يعني حتى يأتيهم نصر الله وهم كذلك، (قالوا: يا رسول الله مَن هم، وأين هم ? قال: في بيتِ المقدس، وأكنافِ بيت المقدس). نحن أبناء فلسطين انتماءً، لأنَّ فلسطين تَعنينا إذا كنا مسلمين حقيقيين، نحن أبناء فلسطين لأن فلسطين تعنينا إذا كنا عَرَباً أقحاحاً صادقين، أصحابَ نخوة، أصحابَ شهامة، أصحابَ مروءة، نحن أبناء فلسطين إن كنا فعلاً من شرفاء العالم الذين يَبتغون الحقَّ، والذين يَصْطَفُّون مع العدل ومع أهل العدل. يا إخوتي: كلُّ هذا نحنُ في غيابٍ عنه، اليوم تسمعون وترون ما يحدث في فلسطين، أَفبَعدَ هذا الذي تسمعون يُمكِنُ لواحدٍ منكم أن يُفكِّر ولو لثانية، أن يُفكِّر في أيِّ الفريقين على الحق ? في أيِّ الفريقين يجب أن ندعم، لأيِّ الفريقين يجب أن ندعم، كما الآن أسمع من بعض أولئك الذين يسكنون البلاد بعض البلاد العربية، وبعض البلاد الأجنبية. نحن نرفعُ أيدينا إلى الله عَزَّ وجَل ونقول: اللهمَّ انصُر الحقَّ وأهله، ولستُ في هذا الدُّعاء برمادي، لأنَّ أهل الحق هم أهل فلسطين، لأنَّ أهل الحق هم المجاهدون اليومَ في فلسطين، فأنا أقول: اللهمَّ انصر المجاهدين في فلسطين، وعليك بأولئك الصَّهاينة اليهود المجرمين، وعليكَ بمن يُؤيِّدهم، وعليك بمن يدعمهم مَن كان، يا ربَّ العباد، لذلك يا إخوتي لو سألني هذا التلميذ الذي سألَ أستاذه: ما الموقف الذي يجب أن نتخذه ؟ أقول بكل وضوح: الموقف قلناه أكثر من مرة، الموقف: المقاومة، الجهاد، المقاومة وليس المساومة، ولقد قرأتُ صفحةً البارحة لزعيمٍ مسيحيٍّ وَطني سُوري يُدعى "فارس الخوري" يقول: إياكم يا أيها العرب، يا أيها المسلمون، بمعنى: إياكم أن تصالحوا إسرائيل، إسرائيل لا تعرف لغة المصالحة، إسرائيل اتَّفقتم معها اتفاقياتٍ كثيرة وخانت هذه الاتفاقيات، إسرائيل لا يمكن أن تكون في حالة حوار، لأنَّ أساسها قائمٌ على الباطل، لأنها مغروسة في أرضٍ ليست لها، لأنها مغروسة بقوة الباطل، لذلك لا تُصالحوها، ولا تُهادونها، ولا تُساوموها، بل قاتلوها ولكن بعد أن تعدوا العدة. موقفنا المقاومة بعد الإعداد، لذلك أسأل الله عز وجل، وأكرر دعائي أن يوفق أولئك المجاهدين في فلسطين، وأن يوفقنا من أجل أن تكون فلسطين في شعورنا كما أراد الله عز وجل أن تكون كذلك، وكما أراد التاريخ الحقيق أن تكون كذلك، وكما أراد إسلامنا وكما أراد العقلاء في كل بقاع الأرض. نحن لا نريد عاطفة، ولكن نريد فكراً جادَّا، لأنَّ كل العمليات التي سنقوم من خلالها لمجاهدة هذا العدو ينبغي أن تُؤسَّس على فكرٍ ناضج، على فكرٍ مُقاوم، استبدلنا بقتالنا في إسرائيل، استبدلناه بأن يقاتل بعضنا بعضاً، الجهاد في فلسطين، وليس في أيِّ بلدٍ آخر، الجهاد في فلسطين، فإذا أردتَ الجهاد الإسلامي الصَّحيح ففي فلسطين هناك، ارفع سلاحك هناك، ولا ترفع سلاحك في وجه أخيك المسلم في المسجد، في الشارع، في الطريق، في البلدة الفلانية، الجهادُ في فلسطين، جهاد أولئك الأوغاد، شُذَّاذ الآفاق ومَن يُعاونهم، لأنَّ أمريكا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وكل هذه الدول الغربية اللعينة تقاتلكم في فلسطين، وتريد أن تُحوِّل ساحة القتال إلى بلادكم، ليس لتقاتلكم هي مِن جنودها، ولكن ليقاتلَ بعضُكم بعضاً. اللهم انصر إخوتنا في فلسطين، اللهم أيِّدنا بتأييدٍ من عندك، اللهم عليك بإسرائيل ومَن هُو مع إسرائيل فإنهم لا يعجزونك، يا ربَّ العالمين، نِعْمَ مَنْ يُسأَلُ أنت، وَنِعْمَ النَّصيرُ أنت، أقولُ هذا القولَ وأستغفِرُ الله.

ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السلام بحلب الجديدة بتاريخ 13/10/2023

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/nETX43gAkg/

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

 

التعليقات

شاركنا بتعليق