آخر تحديث: الثلاثاء 03 ديسمبر 2024      
تابعنا على :  

خطبة الجمعة

   
دعائم الجهاد

دعائم الجهاد

تاريخ الإضافة: 2001/07/20 | عدد المشاهدات: 3654

أما بعد ، أيها الاخوة المسلمون : 
كلما أردت الحديث عن أمر غير ما يتعلق بالانتفاضة أو بالجهاد وجدتني مشاكل الأمة ووجدتني بعيداً عن قضايا الأمة ، ذلك أن ما يحدث في فلسطين يشكل بلا مراء القضية الأساس والمشكلة الأكبر أو الكبرى والهاجس السائد والهمَّ الحاكم . ولا ريب في أنكم تسمعون وترون في كل يوم ما يحدث هناك لذاك ولهذا ، أجدني أيها الاخوة غير قادر - كما ألمحت في البداية - غير قادر على مجانبة في الحديث عن الانتفاضة ، عما يحدث لإخواننا في فلسطين ، وعن ضرورة دعم هؤلاء ، وعن ضرورة الدعاء لهم ، وعن ضرورة الحديث عن كل معنى أو كل مصطلح يقاربهم ويدنوا منهم ، ويحقق توجهاً يدعمهم . لقد قرأت عبارة تتعلق بالجهاد مَرويةً عن سيدنا الإمام علي كرم الله وجهه وهذه الكلمة أُهديها لأخواني المجاهدين في الانتفاضة لأقول لهم : جاهدوا واستمروا وتابعوا فإن النصر إن شاء الله معكم . تُقدمون في كل يوم شهيداً والله عز وجل سيعطيكم سُؤلَكم و سيفرج عنكم وسيجعل النصر حليفكم ، لكن ذلك مرهون بالأيمان والاستمرار على الأيمان ، بالجهاد والمثابرة على الجهاد بالتضحية والمتابعة على التضحية ، بالبذل وبالإصرار على البذل . هذا مرهون بوحدة إسلامية عربية ، هذا مرهون بلقاء لكل القوات الإسلامية العربية وائتلافها لتدحر هذا العدو الغاشم الآثم . لذلك أقول يا إخوتي لن أستطيع أن أخرج عن كل معنى يقاربكم يا إخواننا في فلسطين ولن أستطيع في كل خطبة أن أعدل عن ذكرٍ لكم ، وعن ذكر المعاني والمصطلحات التي تلامسكم . أُهديكم كلمة الإمام علي كرم الله وجهه ، يوم قال : الجهاد يقوم على أربع شعب : على الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والصدق في المواطن ، وشنآن المنافقين . ويتابع سيدنا الإمام فيقول : ومن أمر بالمعروف شد ظهور المؤمنين ، ومن نهى عن المنكر أرغم أنوف المنافقين ، ومن صدَّق في المواطن قضى ما عليه ، ومن شنأ الفاسقين أي أبغضهم وغضب لله غضب الله له و أرضاه يوم القيامة ، إذاً الجهاد يقوم على أربع شعب - وأنا أقول أيها الاخوة الداعمون لإخواننا في فلسطين- إن كان إخواننا هناك يجاهدون ويقاتلون فالسؤال الذي يطرح نفسه أين جهادنا وأين الدعائم التي يقوم عليها الجهاد كما قال سيدنا الإمام علي كرم الله وجهه . أين الأمر بالمعروف وأين النهي عن المنكر ونحن الذين أُمرنا من قبل ربنا في قرآنه أن ندعوا إلى الخير وأن نأمر بالمعروف وأن ننهى عن المنكر ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) ، ( وأمر بالمعروف وانهَ عن المنكر وأصبر على ما أصابك ) أين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يشكل دعامة من دعائم الجهاد . يا شبابنا يا أبناء أمتنا هل خطر على بالنا أن نمارس تلك الفريضة التي تشكل قسماً هاماً من أقسام الجهاد كما قال الإمام علي ؟ هل نأمر بالمعروف في بيوتنا هل نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر في مدارسنا لنكون بذلك الأمر والنهي مجاهدين أو محققين لربع الجهاد ونكون بذلك داعمين لإخواننا الذين يجاهدون ويقاتلون العدو ؟ أين أمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر في بيوتاتنا ، في جامعاتنا ، في ثكناتنا ، في مؤسساتنا ، في كل أماكن وجودنا ؟ أين الأمر بالمعروف والرسول عليه الصلاة والسلام - وأرجوا أن ننتبه لمقولات نبينا حتى لا نكون من اؤلئك الذين إذا سمعوا لم يفهموا وإذا فهموا لم يطبقوا وبالتالي فإن الخسارة عليهم والدمار عليهم - يقول عليه الصلاة والسلام كما يروي الترمذي وأبو داوود : " كلا والله لتأمرُنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر ولتأخذنَّ على يدي الظالم ولتأطِرُنَّه على الحق أطراَ - لتجبرنه على الحق جبراً _ أو ليقذفن الله بقلوب بعضكم على بعض وليلعنكم كما لعنوا " كما لعن اؤلئك الذين لم يأتمروا بالمعروف ولم يتناهوا عن المنكر ولتأخذن على يدي الظالم وهذه مهمة هذه رسالة يجب أن نعايشها ولتأطرنه على الحق أطراً وإلا ليضربن الله قلوب بعضنا على بعض أو ليضربن الله بقلوب بعضنا على بعض . أين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأخذ على يدي الظالم وأطر الظالم على الحق أطراً ؟ أين هذا في حياتنا ؟ من ذا الذي يتقدم من الظالم ليقول له : عِ الأمر والتزم الحق وهيا إلى الخير من الذي يقوم بهذه المهمة في حياته ؟ من الذي يسعى من أجل أن يشارك وأن يساهم في فريضة الجهاد من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ ومن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ذَل وكان في الرُّغام أنفه أي كان في التراب أنفه ، وبالتالي لا ذل يمكن أن يساوي أو أن يعادل هذا الذل ، وليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض . وها نحن نرى تلك الآثار . دعوني أيها الاخوة من أجل أن أتابع لكم دعائم الجهاد .
الأمر الثالث من دعائم الجهاد الصدق في المواطن : ومن صدق في المواطن قضى ما عليه لأن المطلوب منك هو الصدق حيث كنت . أن تصدق في الحديث إذا كنت متحدثاً ، أن تصدق في العمل إذ كنت عاملاً ، أن تصدق في النية إذ كنت ناوياً ، لتصدق في كل مجالات الحياة حيث كنت والصدق يعني أن تتقن هذا الذي أنت فيه وأن تقيم هذا الإتقان على أساس من الإخلاص لرب العزة جلت قدرته . اصدق الله حيثما كنت ، اصدق الله في سلوكك ، أيها الخطيب اصدق في خطبتك ، أيها الجندي اصدق الله وأنت تقف على حدود الوطن ، أيها الطالب اصدق الله وأنت تطلب العلم ، أيها المعلم اصدق الله وأنت تدرس وتعلم ، أيها الجندي أيها المسؤول في أي مكان كنت في أي ميدان كنت اصدق الله حيثما كنت ، أتقن عملك على أساس من الإخلاص ، أيها المجاهد في أرض المعركة اصدق الله عز وجل والصدق إتقان على أساس من الإخلاص على أساس من حسن النية على أساس من سعة الصدر على أساس من سلامة التوجه لله . الصدق في المواطن من دعامات الجهاد . حدثتنا كتب التاريخ وكتب حياة الصحابة أن ما امتاز به هؤلاء المختارون هو الصدق فهم الذين أتقنوا - حيث ما كانوا - أتقنوا أعمالهم وأقوالهم ، كانت أقوالهم سديدة وسداد القول إتقانه وإتقان القول سداده ، وأتقنوا أعمالهم وإتقان العمل صلاحه ، وأتقنوا نياتهم وإتقان النيات توجهها إلى الله عز وجل ، وأتقنوا مسؤولياتهم ، كان الحاكم فيهم يفكر بالأمة بصغيرها وكبيرها . يقف أحدهم وهو مسؤول عام في محرابه يصلي لله في المساء ويقول ويدعوا ربه من أجل أن يوفقه لرعاية المسؤولية ويبكي ، وتسأله زوجته وهو عمر بن عبد العزيز ما يبكيك يا عمر ؟! فيقول عمر يا فاطمة إني تقلدت من أمر هذه الأمة ما تقلدت و أني أذكر الأسير المفقود أو الضائع ، وأذكر الفقير الجائع وأعلم أن الله سائلي عنهم يوم القيامة وأخاف أن لا تثبت لي حجة أمام الله عز وجل فأبكي .
أيها الأخوة : صدق في المواطن . لقد ذهب عمار بن ياسر - كما يروي الطبراني في معجمه الأوسط - يقول عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف يقول هذا الرجل إبراهيم رأيت عمار في صفين يوم استشهد في أرض المعركة يقول : إني لقيت الجبار وتزوجت بالحور العين . غداً ألقَ الأحبة محمداً وحزبه . ويروي الطبراني والبيهقي وابن داوود عن خُبيب الذي أراد أعداؤه صلبه وان يرفعوه من أجل أن يصلبوه ، ولما وُضع ليُصلَب قال له أحدهم من الكافرين المشركين الغاشمين الآثمين : أتود لو أن محمداً مكانك وأنك في بيتك آمن ؟! قال : والله لا أود لو أنى في بيتي آمن وأن محمداً يشاك بشوكة في قدمه . وقال : 

ولست أبالي حين أقتل مسلماً

على أي جنب كان في الله مصرعي

وذلك في ذات الإله وإن يشأ

يبارك على أوصال شلو ممزع

ولست بمبد للعدو تخشعاً ولا

جزعاً إني إلى الله مرجعي

وأما الأمر الرابع فشنآن الفاسقين . وأغتنم هذه الكلمة من أجل أن أقول : شنآن الفاسقين أي الخارجين عن دين الله ( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادُّون من حادَّ الله ورسوله ) ، لِمَ محبة الكافرين الفاسقين ؟ لم التعامل على أساس من السلام مع الفاسقين الخارجين عن جادة الإسلام ، عن جادة العبودية ؟ " إن من أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله وأن تبغض في الله " إذا لم تبغض في الله فأنت قصَّرت في الجهاد وفي رعاية وامتلاك سدة وزمام الجهاد . شنآن المنافقين والفاسقين . نحن نعلن من موقفنا هذا أننا نبغض اليهود وأننا نبغض اؤلئك المعتدين على أبنائنا على بناتنا على نسائنا على وطننا على أرضنا على قدسنا . أعلنوها أيها الاخوة فإعلان البغضاء للعدو جزء من الحرب . إن علماء الحرب يقولون إن هنالك تعبئة معنوية يراد منها أن تكون هازمة لمعنويات العدو . وان من جملة التعبئة المعنوية أن يعلن الإنسان كراهيته وبغضاءه للمعتدي الآثم، للذي يتقدم من عرضه فينتهكه ، للذي يتقدم من بلده فيدمره ، للذي يتقدم من ولده فيقتله ، للذي يتقدم من مبادئه من عبوديته فيعلن رفضه وانتهاكه لها . أعلنوا البغضاء لأعدائكم وقولوا قولة رجل واحد : إننا نكره إسرائيل ، إننا نبغض اؤلئك المعتدين ، إننا لا نريد معهم علاقة فيها شيء من الحب وحاشا . علاقتنا معهم نسيجها بغضاء نسغها قتال عن حق ومدافعة عن حق . إننا نريد أن تكون العلاقة مع اؤلئك علاقة قائمة على رد الاعتداء وهم معتدون مادام واحد فيهم يقف على أرضنا ويقاتلنا . قلت لكم أكثر من مرة : نحن لا نقول لهؤلاء اخرجوا من هذه الأرض ولكننا نقول لهم إن كانت هذه الأرض أرضكم فهيا إليها ، وان لم تكن أرضكم - وهي كذلك أعني ليست أرضكم - فعودوا إلى أراضيكم واتركوا الأرض لأصحابها لأهلها واتركوا التراب لأربابه وإلا فأنتم بمكثكم معتدون آثمون . 
أيها الاخوة أغتنم الفرصة أيضاً لأقول : لا نريد لأحد من إخواننا من المسلمين اليوم أن ينتقد العمليات الاستشهادية ، ولا نريد لأحد منا من أبناء إسلامنا وعروبتنا أن يمد جسور السلم والسلام بيننا وبين هؤلاء فهم لا يعرفون السلام ، وهم يبحثون عن أمنهم على حسابك أنت على حساب وجودك . أوما رأيتم منذ أيام كيف دخلوا أراضي الضفة ؟! أوما رأيتم بالأمس كيف قتلوا أطفالاً ؟! يعتذرون بعد قتلهم الأطفال وهذا من مكرهم وربما كان من سذاجتنا أننا نصدق اعتذارهم ونقول إنهم يعتذرون وأنهم يريدون السلام . إن تاريخهم دليل عليهم وان مواقفهم اللاحقة والسابقة أكبر دليل على انهم أناس دمويون على انهم أناس يريدون حشرنا تحت خيام ذليلة . أما رأيتم في الأسبوع الماضي كيف دمروا عشرين بيتا من غير أن يأبهوا بنتيجة هذا التدمير لقد تركوا مائتي شخص من أبنائنا في العراء تركوهم تحت الخيام ونحن يا اخوة نحن هنا نراهم ولا يذكر بعضنا بعضاً كيف يجب دعمهم كيف ندعمهم . أنت تأكل وتشرب وأنت تسرح وتمرح وأنت تفكر بأمور رفاهيتك وسواها ولكنك لا تفكر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإذ تفكر بذلك فأنت تشارك إخوانك في فلسطين في الجهاد .
كما بدأت الحديث أعيده الجهاد على أربع شعب على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدق في المواطن وشنآن الفاسقين هذه دعائم جهاد قالها سيدنا الإمام علي عليه السلام وهو رجل واع حكيم فقيه تلميذ أَنْجَبٌ في مدرسة محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام فيا اخوتي : فلنفكر في فريضة الجهاد ودعائمها ، في فريضة الجهاد وشعبها ، فيما يجب علينا فعله حين نقول وحين نفعل وحين ندرس وحين نحكم وحين نُحكم وحين نقضي وحين نكون جنوداً وحين نكون بائعين وحين نكون مشترين ، فلنفكر فيما يجب علينا فعله قبل فوات الأوان وإلا فماذا ينتظر الواحد منا إن كان يفكر فقط في جسد سيبلى ، وفي منفعة مادية لن يبقى لها أثر . بماذا تفكر ومن أجل ماذا تعيش إن كان همك جسمك وان كانت هاجسك ماديتك وان كانت منفعتك الشخصية المحور الذي تطوف حوله وتدور في فلكه . ماذا تريد من العمر وماذا تريد من نفسك لبقية عمرك الذي لا تعرف نهايته ولا تعرف كميته والذي لا تعرف مقداره ما الذي تبغيه ؟ قولوا دائماً اللهم اجعلنا من الآمرين بالمعروف الناهيين عن المنكر الصادقين في المواطن الشانئين للفاسقين لنحقق الجهاد المفروض علينا . اللهم تقبل منا ما كان صالحاً وأصلح منا ما كان فاسداً و أصلحنا ظاهراً وباطناً. نعم من يسأل أنت ونعم النصير أنت أقول هذا القول واستغفر الله .

التعليقات

شاركنا بتعليق