آخر تحديث: الثلاثاء 23 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
سر الاستغفار

سر الاستغفار

تاريخ الإضافة: 2003/11/28 | عدد المشاهدات: 3855

أما بعد ، أيها الإخوة المؤمنون :
قلَّبت صفحات كتاب الترغيب والترهيب هذا اليوم وإذ بي أقع على حديثٍ قلت في نفسي سأجعل من هذا الحديث منطلقاً لحديثي مع الناس ، وبالتالي سأبني عليه خطبة اليوم ، هذا الحديث حسب ما قال صاحب الترغيب والترهيب " المنذري " روى البيهقي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه خطب في الناس فقال : " ألا أدلكم على دائكم ودوائكم ؟! " - كرر ذلك ثلاث مرات - ثم قال : " ألا أن داءكم الذنوب ودواءكم الاستغفار " تذكرت قوله تعالى وأنا أقرأ هذا الحديث : ﴿ فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً . يرسل السماء عليكم مدراراً . ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً ﴾
نوح : 10-12 قلت في نفسي سأكلم نفسي وإياكم عن الاستغفار ، ما دام الداء هو الذنوب فالدواء هو الاستغفار ، وقرأت حديثاً آخر يرويه الحاكم بإسناد صحيح أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول له : " واذنوباه ، واذنوباه ، واذنوباه ! " قال ذلك ست مرات يشتكي ذنوبه ، وكأن هناك رابطة بين هذا الحديث وبين الحديث السابق ، فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي قال : " ألا أن داءكم الذنوب ودواءكم الاستغفار " جاء هذا الرجل يشكو من داء وبيل " واذنوباه " فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم قل : " اللهم مغفرتك أوسع لي من ذنوبي ، ورحمتك أرجى عندي من عملي " قالها الرجل . فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : " عد إلى قولها " فعاد الرجل فقالها ، ثم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : " قلها ثانية " فقالها الرجل ثانية وثالثة ، ثم قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : " قم فقد غفر الله لك " وقرأت حديثاً آخر في الاستغفار يرويه أبو داوود في سند صحيح يقول فيه صلى الله عليه وآله وسلم : " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب " أنادي نفسي وشبابنا ، وأنادي أمتنا بأن يلزموا الاستغفار فنحن في همٍّ ، محاصرون بالهم ، محاطون بالضيق ، في كل بيت هم ، في كل شارع ضيق ، في كل دولة إسلامية هم وضيق ، في كل مدينة عربية وإسلامية تتقاطر أمطار السخط ، أمطار القلق ، ما أكثر همنا وما أشد ضيقنا ! ولكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم واستمداداً من قول الله عز وجل : ﴿ فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً . يرسل السماء عليكم مدراراً ﴾ نوح : 10-11 استمداداً من هذه الآية يقول لنا : " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب " لمَ لا يكون لك ورد أيها الشاب ، أيها التاجر ، وخذها بدءاً من الآن . لمَ لا يكون لك وِرْدٌ كل يوم كما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكما ورد في سنن ابن ماجه عن سيدنا عبد الله بن عمر قال : " كنا نَعُدُّ على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله في المجلس الواحد يقول : " رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم " مائة مرة والنبي صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في البخاري : " إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة " وفي رواية : " سبعين مرة " وفي رواية " مائة مرة " رواه البخاري ومسلم . لم لا يكون لك ورد في الصباح وفي المساء تقول فيه : " رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم " فهذا دواؤنا أو بعض دوائنا حتى لا نلخص الدواء بكلمة استغفار ، لكننا نقول هذا من بعض دوائنا . لم يا أخي الطالب ، لم يا أخي التاجر ، لم يا أخي القاضي ؟ وأنت تشكو من ضيق ألم بك ، وكلنا يشكو من هم وقع علينا وأصبحنا ننوء تحته لثقله ولكبره ، لم يا أخي لما لا تكثر من الاستغفار ، لم لا تعلم ولدك - وولدك في ضيق حتى وإن تبدى مسروراً فكما قلت لكم : إن سحب الضيق ملبدة في سمائنا اليوم ، وإن سحب الهم لا تكاد تفارق ساحاتنا التي نراها صباح مساء فوق رؤوسنا بقليل - لم يا إخوتي لم لا نستغفر ربنا عز وجل ، لم لا يكون لنا ورد هو استغفار ؟! يقول عليه وآله الصلاة والسلام في حديث يرويه البخاري أيضاً : " من قال حين يصبح سيد الاستغفار اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك عليَّ ، وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت " من قال حين يصبح موقناً بها فمات فهو من أهل الجنة ومن قال ذلك في مسائه - من قال سيد الاستغفار موقناً بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة " يروي أيضاً ابن ماجه والبيهقي قال : " من أراد أن تسرَّه صحيفته يوم القيامة فليكثر من الاستغفار " وليس في السند مجروح هكذا يقول من علَّق على الترغيب والترهيب ، أكثروا من الاستغفار ﴿ إنه كان غفاراً . يرسل السماء عليكم مدراراً . ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً ﴾ نوح : 10-12 . أيها الشاب في الجامعة ليكن لك ورد استغفار ، فقد ورد أيضاً في حديث حسن أن الملائكة لا تكتب الذنب إلا بعد ثلاث ساعات تنظر هل يستغفر هذا الذي أذنب ، فإن استغفر طوي أمره ، وإن لم يستغفر سجلت سيئات ما عمل ﴿ إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا ﴾ الأعراف : 201 قال ابن مسعود : تذكروا أي استغفروا ﴿ فإذا هم مبصرون ﴾ الأعراف : 201 استغفَروا فغَفَر الله لهم . يا أخوتي في أواخر أيام عيد الفطر أتوجه إلى نفسي وإلى أمتي بأن يوفقنا ربي عز وجل لنكون من المستغفرين ، لنكون من الأوابين ، لنكون من الحليمين . أتوجه بعد ذلك إلى ربي لأطلب منه أن يُفرِّج على أمتي ، ويجعل بلادنا في عنايته وأمانه وحفظه ، اللهم إنا نسألك بحق من قبلت صيامه وقبلت قيامه وقبلت عيده ، أسألك يا ربنا أن تفرج عن المسلمين ، وأن توحد المسلمين ، وأن تحفظ بلادنا ، وأن تحفظ شعوبنا ، وأن تحفظ ديننا ، وأن تردنا جميعاً إلى دينك رداً جميلاً ، وأن تصرف عنا السوء وأهله ، والشر وأهله ، نعم من يسأل أنت ، ونعم النصير أنت ، أقول هذا القول وأستغفر الله .

التعليقات

شاركنا بتعليق