آخر تحديث: الأربعاء 27 مارس 2024
عكام


كتب و مؤلفات

   
أسرتي وإسلامي

أسرتي وإسلامي

تاريخ الإضافة: | عدد المشاهدات: 4641

صدر عن دار فصلت للدراسات والترجمة والنشر بحلب كتاب جديد لفضيلة الدكتور الشيخ محمود عكام بعنوان : ( أسرتي وإسلامي ) يتضمن الكتاب قرابة /170/ صفحة تتوزع على مقدمة وخمسة فصول هي : الإسلام والأسرة ، والإسلام وتنظيم النسل ، وبر الوالدين في الإسلام ، والمرأة في منظور إسلامي ، والطفل رعاية وعناية ، وخاتمة بعنوان : أين من تربيتنا الروح ؟ 
وقد جاء في مقدمة الكتاب أن الأسرة مطلب فطري وتطلع إنساني لا بديل له ولا غنى عنه رضي من رضي وسخط من سخط ، وهو في الوقت نفسه نواة مجتمع يعني في النهاية درعاً واقياً تحمي من تشرذم وفرقة ومخاوف تنتج عنهما . 
لقد جهد بعض المعتدين على الإنسان في إزالة الدرع عنه بحجة ثقلها الموهن لكاهله ، ولكنهم بذلك ما دروا أن المحمي الجميل الناعم اللطيف حل محل الحامي فاشتد تعرضه للنوائب الجائحة ، واختلط الظرف بالمظروف والقلب بالقفص الصدري وهذا ما لا يقول بنجاحه عاقل . 
وأما الرعاية : فلكل قيمة إنسانية تشكل جزءاً من هذا المخلوق الأسمى ، وأهم قيمة تُرعى بدرع الأسرة " الوفاء " المؤدي إلى البناء و " الحب " المفضي إلى التعاون والإخاء . 
والوفاء والحب أرفع قيمتين إنسانيتين ومحل تشكلهما هو الأسرة ، لأن المسببات والمجليات لهما واضحة بينة ، فالوالدية عطاء يُقابل بوفاء ، والوليدية بقاء تُقابل بحرص وحب وتماسك ، وحجّث بعد ذلك عن مخاضات الصفات والقيم في هذا المحضَن ولا حرج . 
ستبقى الأسرة محل عناية ورعاية من رب الإنسان دائماً ، وعليها فإن كل من أوفدوا رسلاً منه إلى الإنسان نقلوا آيات الدعوة إلى تكوين الأسرة وإلى التحسين والتجويد بعد التكوين حتى لكثرة ما جاء في ذلك من آيات - في صحف إبراهيم ، وزبور داود ، وإنجيل عيسى وتوراة موسى ، وقرآن الفرقان - توحي بضرورة الحديث عن " الأسرة " والداً ووالدة وأولاداً وأبوة وأمومة وأُخوة وبنوة ، على أساس من العبادة الصرفة التي لا تقبل تحويراً ولا تعليلاً ، بل هي قضية فوق العقل اصطفاها الله لتحكي حكاية الإنسان البشري لينفذ منه إلى الإحسان الإلهي الرباني : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً ) الإسراء / 23 . 
وعن الإسلام وتنظيم الأسرة جاء في مقدمة الفصل : 
فالتنظيم يعني جعل الأمر منظماً أي مُقَعَّداً ووفق أسس . وكلمة " تنظيم الأسرة " يراد بها في الغالب : ما يتعلق بالذرية قلة أو كثرة ، ولم يظهر هذا المصطلح إلا منذ فترة قريبة ، ولو عدنا إلى ما قبل لوجدنا مصطلحات أخرى ، بعضها ما يزال مستعملاً ، مثل : تحديد النسل ، منع الحمل ، تنظيم الحمل ، منع النسل . لكن مصطلحنا هذا " تنظيم الأسرة " لقي قبولاً أكثر من سواه . 
أما عن بر الوالدين ، فقد جاء في مقدمة الفصل : 
هي ثلاثة دوافع ، أولها : إرضاء العلي القدير ، لأن البحث والمعرفة من أرقى العبادات في ديننا الحنيف ، بل المعرفة أساس العبادات والأعمال في الإسلام ، فإذا رُفعت منها غدت العبادة عادة وتبعث على الملل والسأم . وثانيها : إرادة جادة لبناء مجتمع متماسك ، متضامن متعاون ، قائم على معرفة كل فرد نفسه ، ما له وما عليه ليتم التعاون المثمر والمنتج . وما المجتمع في حقيقته الجميلة إلا حركة أفراده المعرفية والسلوكية ، فإن كان خيرة فالمجتمع كذلك ، وإن فلن . وثالثها : سعي خفي مشروع لحفظ ذواتنا في المستقبل المغيب بتفاصيله عنا ، فالفعلة مجزي فاعلها بمثلها ، إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القائل : " ما أكرم شاب شيخاً لسنه إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه " . 
الطفل عناية ورعاية : وعن رعاية الطفل جاء في مقدمة الفصل أنه حين نبحث في اللغة عما تعنيه حروف " الطفل " بشكل عام نجد أن المعنى هو : النعومة والبهاء ، والشروق والدنو ، وعلى هذا فالطفل هو ذاك الناعم البهي المشرق الآتي بالفرح والحبور ، القريب من العواطف السامية النظيفة العالية، فما أجمل هذا وما أروعه ! وقد وردت كلمة الطفل في القرآن الكريم أربع مرات : قال الله تعالى : ( ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلاً ) الحج / 5 . وقال الله تعالى : ( هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلاً ثم لتبلغوا أشدكم ) غافر / 67 . وقال الله تعالى : ( أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ) النور / 31 . وقال الله تعالى : ( وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم ) النور / 59 . 
ويظهر أن الطفولة بحسب الآيات تمتد إلى سن البلوغ ، وهي مرحلة عمرية ناعمة لطيفة تلقائية ، مؤسِّسة لما بعدها ، لأن البدايات إذا أشرقت فقد أشرقت النهايات ، ولا شك في أن القلوب مُجمِعة على محبة الطفل ، أياً كان ، لا فرق فيه بين لون ولون ، أو بين دِين ودين ، أو بين مكان ومكان ، والطفل - في النهاية - بهجة ومتعة لكل الإنسان ، عينه ، وذوقه ، ولمسه ، وشمّه ، وحركته ، ودعابته . 
وقد تناول المؤلف هذه الموضوعات والحساسة التي هي موضوع بحث ونقاش بين المجامع الفقهية والمشهد الاجتماعي بالحجة والإقناع المحبب والمبسط الذي يشد القارئ دون تشنج أو ردة فعل ، وكذلك من خلال الآيات القرآنية ، والأحاديث النبوية الشريفة ، وقد ساعد على ذلك ما تميز به الدكتور بالأسلوب العذب الرشيق ، ولو كان له صبغة أكاديمية ، ونحن نشكر الدكتور عكام على مؤلفه هذا الذي نحن بحاجة إلى المزيد منه لمعرفة الأحكام الشرعية المتوازنة ، والتي تستوعب تطورات العصر ومستجداته ومفاهيمه ، وتتناغم مع القاعدة الفقهية التي تقول : " تتبدل الأحكام بتبدل الأزمان " ، وخاصة لقضايا حديثة إن لم تكن معروفة في الماضي .

التعليقات

شاركنا بتعليق