آخر تحديث: الجمعة 26 إبريل 2024
عكام


أخبار صحـفيـة

   
الدكتور عكام ضيفاً على برنامج حكاية مكتبة على الفضائية السورية

الدكتور عكام ضيفاً على برنامج حكاية مكتبة على الفضائية السورية

تاريخ الإضافة: 2006/06/02 | عدد المشاهدات: 3511

استقبل برنامج "حكاية مكتبة" الذي تبثه القناة الفضائية في التلفزيون العربي السوري الساعة السادسة من مساء كل خميس، في حلقته يوم الخميس الفائت: 2/6/2006 ، مقابلة مع الدكتور الشيخ محمود عكام تحدث فيها عن حكايته مع الكتاب، التي ابتدأت رحلتها منذ الطفولة، يوم تعرف "محمود" على الحرف فأولع بالكلمة منظومة ومنثورة. وقد اعتبر الدكتور محمود أن القرآن الكريم هو الكتاب الأكثر حضوراً في حياته "لأنه بناني ولا يزال يبنيني". كما إن الحديث الشريف مورد يومي يعود إليه لينهل من معين النبوة الصافي.

ورأى الدكتور محمود أن عالم المعرفة عالم مفتوح جداً ليس بينه جدر... وأن الكتاب عُصارة للإنسان، وهو خير ما يتركه في الحياة من بعد موته، ولذا قيل قديماً: خير المخلفات المؤلفات.

وعن كتبه ومؤلفاته قال الدكتور محمود: عندما أقف أمام مؤلفاتي فكأني أقف أمام المرآة، فأقول: هذا أنا.

وعن دراساته الخاصة في الفكر السياسي الإسلامي قال: أنا فيما يخص السياسة كالمشحذ... أسنّ ولا أقطع... أقرأ في الفكر السياسي لكني لا أحب أن أصنف بين السياسيين.

وفيما يلي نص اللقاء

الفضائية السورية: مساء الخير، حكاية المكتبة اليوم ستكون مع المفكر الإسلامي الدكتور الشيخ محمود عكام، مساء الخير دكتور.

الدكتور محمود: مساء النور، وأهلاً بكم هنا في حلب.

الفضائية السورية: دكتور. كيف بدأت علاقتكم مع الكتاب في الطفولة ؟

الدكتور محمود: بسم الله الرحمن الرحيم، لا شك في أنني عندما كنت صغيراً كنت أحب الدراسة، ودليل حبي للدراسة أنني تفوقت، فأنا حصلت على شهادة السادس - آنذاك كانت شهادة - وكنت الأول على حلب، وهذا دليل على أنني كنت أحب الكتاب وأحب الدراسة.

 الفضائية السورية: هل كنت تقرأ وأنت صغير ؟

الدكتور محمود: نعم. كنت أقرأ وأنا صغير، ولا زلت أقرأ وأنا كبير، وسأبقى أقرأ إلى أن ينتهي الأجل. و (خيركم من طال عمره وحسن عمله) وكثرت قراءته أيضاً، من باب تحسين العمل.

وكنت لما انتسبت إلى المدرسة - بل إلى الروضة حتى - كنت أستمتع برؤية الكتاب وبرؤية دفتر الرسم وكل ما هو مطبوع، فكننت اقرأ كل شيء حتى الهوية... هوية والدي... دفتر العائلة.

 الفضائية السورية: تذكر أول كتاب قرأته ؟

الدكتور محمود: كنت أقرأ وأنا صغير جداً في المرحلة الابتدائية كتباً لا أذكر الآن مؤلفيها، لكني كنت أقرأ القصص بشكل عام والمجلات.

أيام زمان كانت هناك مجلة للأطفال تسمى مجلة سمير، كنت أشتري هذه المجلة، وأقرأ غيرها من المجلات التي تُعمل للأطفال بشكل خاص، وأقرأ القصص التي تعنى بسرد القصص العامة، ما يتعلق منها بالإنسان... ما يتعلق منها بالكون... ما يتعلق منها بالحيوان.

 الفضائية السورية: هل كانت الكتب موجودة بالبيت أم كنت تشتريها ؟

الدكتور محمود: الحقيقة أنا عشت في أسرة تساعد على الاهتمام بالقراءة والكتابة. صحيح أن والدي لم يكن دارساً لكنه - كما يقال - كان متعلماً، كان يقرأ ويكتب، وكان متقناً للغة الإنكليزية، وهو تاجر. وهو الذي قال ورسم في ذهنه الحال التي سأكون عليها في المستقبل. هو من خطط لمستقبلي - وكنت يومها صغيراً - ومستقبل أخي الأكبر ومستقبل أخي الأصغر.

 الفضائية السورية: إذن الكتب كانت متوفرة في البيت.

الدكتور محمود: نعم كانت هنالك كتب. وكان أخي الكبير يعنى جداً بالكتب والقصص، وكنا نذهب ونشتري الكتب أحياناً بالكيلو، عند من يريد أن يصفّي مكتبته.

وكان عندنا هنا في شارع القوتلي بحلب أقبية تبيع الكتب بالكيلو، وكنا نشتري حزم الكتب بالكيلو، ثم نأتي إلى البيت ونصنفها، القصص على حدة، والكتب الفكرية على حدة، وكذلك الكتب الدينية والكتب الأدبية والشعرية، وكنا نذهب أيضاً إلى سوق اسمه سوق الجمعة، وكان الناس يرتادونه، وأعتقد أن هذا السوق له نظائر في كل المدن السورية، فكان الناس يرتادونه فيشترون منه أشياءهم المختلفة، إلا أننا كنا نرتاده لشراء الكتب، فكنا نشرتي الكتب ممن يبيعها في "البسطات".

 الفضائية السورية: عندما كنت تشتري الكتب هل كنت تضعها في مكان خاص أم كانت جزءاً من مكتبة العائلة ؟

الدكتور محمود: كان لدينا - أنا وأخي - غرفة مستقلة خصصها لنا أبي رحمه الله، لي ولأخي الأكبر، فكنا نضع الكتب معاً، ولكن كنا أحياناً، عندما أشتري أنا كتاباً بمعزل عنه، أو يشتري هو كتاباً بمعزل عني، يكتب هو اسمه على كتابه الذي اشتراه، وأكتب أنا اسمي على الكتاب الذي اشتريته.

 الفضائية السورية: هل كانت طبيعة الكتب في تلك الفترة - التي هي فترة شباب ومراهقة - من نوع معين أم كنت تشتري كل أنواع الكتب ؟

الدكتور محمود: كنت أشتري كل أنواع الكتب فعلاً، ولكن باعتبار أني كنت يومها "مشروع شيخ" صرت أتجه إلى الكتب الدينية أو التي تقارب الكتب الدينية: القصص الملتزمة الهادفة إلى حد ما، وكنت أيضاً لا أقصر أيضاً - من خلال أخي أو من خلالي أنا - في شراء بعض الكتب القصصية التي حوّلت إلى أفلام، أمثال كتب أنيس منصور أو عبد الحليم عبد الله.

 الفضائية السورية: هل تذكر مثلاً قصة اشتريتها أو رواية ثم حضرتها فيلماً نتيجة القراءة. هل حدث مثل ذلك معك ؟

الدكتور محمود: نعم حدث مثل ذلك، أظن أننا اشترينا قصة لعبد الحليم عبد الله أو لغيره - ما عدت أذكر الآن - ثم فوجئت عندما وجدت اسم هذه الرواية على لائحة الإعلان عن الأفلام.

 الفضائية السورية: هل تذكر الفيلم ؟

الدكتور محمود: ما عدت أذكر الآن، ولكن سأذكره إذا ذُكّرت به. ولكن بجانب هذا كنت أعنى جداً وكثيراً بالقرآن الكريم، فكنت أشتري أنواعاً مختلفة من المصاحف، وكنت كلما رأيت مصحفاً من نوع يختلف عن النوع الموجود عندي اشتريته.

 الفضائية السورية: هل كنت تعيد قراءة القرآن كلما اشتريت نسخة من المصحف، أم لعلك تحفظه غيباً ؟

الدكتور محمود: كنت أحاول أن أحفظه غيباً، وأقرؤه باستمرار، وكنت أحب أن أجوده وأن أرتله مقلداً يوماً عبد الباسط عبد الصمد ويوماً الحصري، ويوماً قارئاً آخر. والخلاصة أنه كان لكل مصحف عندي نكهته الخاصة.

 الفضائية السورية: أريد أن اسأل كم كان مقدار مساهمة النص القرآني في تكوين شخصيتك دكتور محمود ؟

الدكتور محمود: كنت قد قرأت وأنا في المرحلة الإعدادية عبارة للإمام الشافعي أثرت فيّ، هذه العبارة يقول فيها الشافعي رحمه الله: (من قرأ القرآن الكريم رقّ طبعه، ومن قرأ الحديث قويت حجته). هذه الكلمة رسخت في ذهني وصارت كالمحرك، صارت تحركني، فأنا أقرأ القرآن الكريم، وكلما قرأته خطرت ببالي هذه الكلمة "رق طبعه"، فأقول: إذن سيرقّ طبعي، وكلما قرأت الحديث الشريف خطرت ببالي "قويت حجته"، فأقول: إذن ستقوى حجتي. "رقّ طبعه وقويت حجته".

 الفضائية السورية: وهل صرت فعلاً أرقَّ طبعاً بعد قراءة القرآن ؟

الدكتور محمود: نعم. كنت كلما انتهيت من قراءة القرآن، ومن أجل أن أبرهن على صحة كلام الشافعي، أنظر إلى نفسي وتعاملي مع الآخرين، هل أصبحتُ أكثر رقة في طبعي وعلاقاتي وتعاملي ؟ كنت أشعر بذلك فعلاً. ومَن حولي كان يشعر بذلك أيضاً.

الفضائية السورية: هذه الطبعات المختلفة من القرآن الكريم هل ما زلت تحتفظ بها في مكتبتك ؟

الدكتور محمود: نعم عندي الآن مجموعة مصاحف مختلفة تعود إلى طبعات قديمة وحديثة ومتنوعة، وقد خصصت لها ركناً خاصاً بها في غرفة النوم. وبالمناسبة كنت أقول دائماً للأصدقاء والأبناء والطلاب والأساتيذ والمعلمين: أنا متأسف جداً وحزين عندما أرى الناس يخصصون غرفة خاصة للطعام، والطعام للجسم، وهذا شيء مشروع وجيد. ولكن: لماذا تقدمون الجسم على العقل وتخصصون له غرفة ذات قيمة، ومن الممكن أن يكون ثمن غرفة الطعام يتجاوز مئات الألوف، ولا تخصصون غرفة لغذاء العقل الذي هو القراءة ؟!

الفضائية السورية: إذن هذه دعوة من الدكتور محمود لجميع المشاهدين لتخصيص مكان أو ركن في المنزل لغذاء العقل ؟

الدكتور محمود: نعم. وبالمناسبة فإن هذه الغرفة التي نجلس فيها كانت في الأساس غرفة طعام، حولتها إلى غرفة مكتبة، وقلت: من يأتيني من الضيوف سأطعمه من الطعام الذي يخص الجسم وسأمتع عينيه وأمتع عقله وألفت فضوله الإيجابي إلى النظر إلى الكتب، فلعلي - مع إطعامي له - أقدم له ما يمتع به عقله وروحه وكيانه المعنوي بشكل عام، وأنا فعلاً لا يوجد في بيتي غرفة طعام. من يأتيني يأتيني إلى هنا إلى هذه الغرفة.

 الفضائية السورية: خبرتني أنك درست في باريس دراسات إسلامية. المكتبة الموجودة في بيت العائلة هل أخذتها معك إلى باريس ؟

الدكتور محمود: لا، تركتها هنا، وعندما عدت من باريس بعد إنهاء الدراسة أضفت إليها الكثير من الكتب.

الفضائية السورية: أريد أن أخبر المشاهدين أن الغرفة التي نحن فيها ليس المكان الوحيد الذي توجد فيه كتب. هناك عدة جدران في المنزل ممتلئة بالكتب، ولاحظت أن هناك رفاً كاملاً لكتب بلغات أخرى غير العربية.

الدكتور محمود: هذه الكتب بالفرنسية. حملت بعضها من فرنسا واشتريت بعضها من هنا. باعتبار أني درست في فرنسا وأنا أجيد القراءة الفرنسية. مع أنني قد لا أجيد الحديث بالفرنسية لأنني لا أتحدث بها الآن.

الفضائية السورية: ما أهم الكتب التي أحضرتها من فرنسا ؟

الدكتور محمود: أهم الكتب الموسوعات، مثل موسوعة لاروس، وأنا على صلة بتجديداتها. وأنا درست الفكر السياسي الإسلامي بشكل عام، وأتيت بالكتب التي تتناول الفكر الإسلامي السياسي. هذا العنوان العام، لكن من باب الشيء بالشيء يذكر أقول: أنا كالمشحذ - فيما يخص السياسة - أسنّ ولا أقطع، أنا الآن أقرأ في الفكر السياسي لكني لا أريد أن أصنف بين السياسيين.

 الفضائية السورية: بعد ما جئت من السفر وأنهيت دراستك وكونت عائلة خاصة. هل نقلت كتبك الموجودة عند العائلة ؟

الدكتور محمود: نعم وهي شكلت نواة هذه المكتبة، وكل يوم تقريباً تكبر هذه المكتبة.

الفضائية السورية: هل لا زلت تشتري الكتب ؟

الدكتور محمود: لا زلت أشتري ولا زال يهدى إليَّ. فما بين شراء وما بين إهداء كل يوم يزيد كتاب.

الفضائية السورية: بمناسبة الحديث عن طبيعة المكتبة سنتكلم عن طبيعة أقسام مكتبتك كيف قُسّمت. كيف بُوّبت. هناك أعداد ضخمة من الكتب فكيف ترجع إليها ؟

الدكتور محمود: أنا لي تصنيف خاص. أنا لا أحب تصنيف الكتب بناءً على الموضوعات، ولا أحب تصنيف الكتب بناءً على ألوان، ولا أحب تصنيف الكتب بناء على تخصصات، ولكن أحب أن تكون المكتبة هكذا كما هو الخلق في الطبيعة.

 الفضائية السورية: إذاً تضع الكتب بشكل غير مرتب ؟

الدكتور محمود: نعم. أضع هنا مثلاً كتاباً في أصول الفقه، وقد يكون بجانبه كتاب عن التاريخ، وقد يكون بجانبه كتاب عن الجغرافية.

 الفضائية السورية: عندما تريد أن تعود إلى كتاب كيف، هل تحفظهم، تحفظ مكانهم ؟

الدكتور محمود: مشكلتي أنني أحفظ المكتبة - وهذه مشكلة بالمعني الإيجابي - أحفظ الآن مكتبتي كما أحفظ معالم وجهي، عندما أضع يدي على أذني لا أخطئ، كذلك عندما أضع يدي على أي كتاب في المكتبة لا أخطئ أيضاً، لأني أقضي هنا كل يوم على الأقل ثلاث ساعات، حتى أنني أقول لأحد الأولاد على سبيل المثال: اجلب لي بالكتاب الفلاني. فيقول: أين هو ؟ أقول: إذا دخلت المكتبة على اليسار مثلاً رابع رف ...

الفضائية السورية: علاقتك عميقة وحميمة بالكتاب.

الدكتور محمود: نعم. وأنا متضايق جداً من الكومبيوتر. لا أحبه. لا أدري لماذا. لا زلت أعتبر الكومبيوتر (ضُرة) للكتاب، وبالتالي أنا مع الحبيب الأول مع الكتاب.

 الفضائية السورية: معنى هذا أنك ستخبرنا من بين الرفوف التي يراها المشاهدين الآن عن أهم الكتب التي عليها.

الدكتور محمود: بالنسبة إلي ليس هناك كتاب أهم من كتاب.

 الفضائية السورية: ألا يوجد كتاب أثير إلى قلبك ؟

الدكتور محمود: الكتاب الأثير إلى قلبي لا شك في أنه القرآن الكريم. هو الكتاب الأكثر قرباً بالنسبة لي. الأكثر تعلقاً وارتباطاً، لأنه في النهاية بناني ويبنيني.

 الفضائية السورية: مثلاً إذا أردنا أن نقسم المكتبة إلى أقسام. ما أهم الكتب الموجودة في الجهة اليسارية ؟

الدكتور محمود: هنا كتاب "الترغيب والترهيب" فيما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام، وهو من أربع مجلدات أعود إليه باستمرار لأقرأ توجيهات من النبي صلى الله عليه وآله وسلم. أعود إليه باستمرار. ولا يشترط أن أعود إليه من أجل الكتابة في موضوع معين. أنا لي فيه وِرْد يومياً... أقرأ حديثاً أو اثنين عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أجل أن أعمق وأن أرسخ فعلاً أن من قرأ الحديث قويت حجته. لا أرجع إلى الحديث عندما يلزمني أو اضطر لموضوع أو بحث، بل أقرؤه كما أقرأ القرآن الكريم ولي ورد يومي من قراءة الحديث.

الفضائية السورية: ما أهم كتب الشعر عندك.

الدكتور محمود: أنا عندي شاعر قد لا يعرفه أكثر المشاهدين أو الناس، لكنه شاعر يعجبني اسمه يوسف النبهاني، هو لبناني توفي منذ أكثر من خمسة وسبعين سنة. هذا الشاعر له ديوان مكون من ألف بيت اسمه "طيبة الغراء" وهو يسرد عبر هذه الملحمة الشعرية سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أولها إلى آخرها. وقد قال عنه النقاد والدارسون: إن هذه القصيدة الطويلة - الألف بيت - ما خلا منها بيت من نكتة بلاغية أو لغوية. وله مختارات شعربة أيضاً مؤلفة من خمسة مجلدات هي "المجموعة النبهانية".

 الفضائية السورية: وماذا عن هذا القسم.

الدكتور محمود: هنا كتاب في الفقه والتأصيل الفقهي والتنظير الفقهي، وأعتقد بأن فقهاءنا في كل العالم الإسلامي يعرفونه. إنه كتاب "المدخل الفقهي" للعلامة الشيخ مصطفى الزرقا. هذا الكتاب ينطبق عليه فعلاً الاسم الذي سماه به مؤلفه "الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد".

الفضائية السورية: لمَ تعود إليه كل فترة ؟

الدكتور محمود: لأن هذا الكتاب قد صاغه مؤلفه في نظريات، وكأن مؤلفه قد أخذ الأسلوب الغربي ووضع الفقه الإسلامي بأسلوب نظريات فتحدث عن نظرية الملكية، عن نظرية العقد، عن نظرية الفساد والبطلان، منهج الفقه لأنه كما تقول القاعدة: لا علم إلا بالكليات فمن أجل أن يكون الإنسان عالماً لا بد أن يمتلك أمرين:  مصطلحات هذا العلم، وكلية هذا العلم.

الفضائية السورية: هل حدث أنه لفت انتباهك كتاب لا ينتمي إلى الطَيف الخاص بك. أعني لا علاقة له بالتراث أو الدين، فاشتريته ؟

الدكتور محمود: أذكر أنه مرة وجدت كتاب اسمه "قصتي مع الشعر" لنزار قباني فاشتريته وأتيت إلى البيت وفتحت الكتاب الصفحة الأولى ولم أترك الكتاب إلا بعد أن أنهيته. أعجبني في هذا الكتاب عبارته القصيرة والرصينة. وأعجبتني فكرته: لماذا كتب قصتي مع الشعر ؟ يقول فيما معناه: أنا كتبت حياتي بيدي حتى أقدم حياتي كما هي للناس، فأنا أخشى من أن يكتب عني غيري، فيكتب عن غير نزار، ويقدم للناس غير نزار على أنه نزار.

ويتابع هو فيقول: ربما كان المتنبي الذي نقرأ عنه هو غير المتنبي الذي عاش أيام سيف الدولة.

هنالك أكثر من كتاب جذبني. فأنا كما قلت في بعض كتبي: لي عبير غرام مع العبارة النثرية. أنا أحب الشعر لكني أكتب نثراً. وإن صح التعبير: أحببت الشعر غير أني تزوجت النثر.

الفضائية السورية: إذاً تحتفظ في مكتبتك بنصوص نثرية قديمة لأبي حيان التوحيدي مثلاً أو الجاحظ، أو ابن المقفع.

الدكتور محمود: طبعاً أنا أحتفظ بالنصوص النثرية لكل أولئك الذين أتيتِ على ذكرهم وأقرأ كتبهم، وأقرأ لكل من نقلوا عنهم... أقرأ مختارات من نصوص العرب ومن أدب العرب.

 الفضائية السورية: نعم لاحظت عندك كثيراً من هذه الكتب... لاحظت أنه عندك لجرجي زيدان مجموعة كبيرة من الكتب.

الدكتور محمود: صحيح أن اختصاصي في النهاية هو - كما يقال - الفكر الإسلامي والشريعة الإسلامية، لكني لا أعتقد أنه توجد فواصل في الاختصاص. كل العلوم تؤثر على بعضها إيجاباً.

أنا عندما أقرأ كتاباً في الأدب اعتقد أنني سأفيد منه فيما يخص اختصاصي حتى الدقيق منه، كأصول الفقه أو الفكر السياسي... هذا سيؤثر على هذا إيجاباً. عالم المعرفة ليس بينه جدر، وإنما هو عالم مفتوح جداً، لذلك أنا أتمنى من كل الدارسين وغير الدارسين أن يقرؤوا، فالقراءة تنفع في كل حال .

 الفضائية السورية: هناك في الغرفة المجاورة حائط كبير من الكتب هل تسعفك الذاكرة لتحدثنا عن أهم الكتب الموجودة هناك.

الدكتور محمود: الكتب هناك متنوعة كما هي متنوعة هنا. كما قلت في البداية: أنا ليس عندي تصنيف للكتب، فالكتب هكذا مرشوشة كما الطبيعة. أحياناً أقف هناك أمام الكتب لأستمتع بأسمائها وأقرأ بعضها للمرة الثانية أو الثالثة أو أكثر أيضاً.

 الفضائية السورية: ألاحظ أنه لديك موسوعات متنوعة.

الدكتور محمود: نعم. هناك موسوعات في مختلف الموضوعات، فهناك موسوعات في التفسير والفقه والتراجم، وهناك أيضاً "الموسوعة الإسلامية الميسرة" التي أشرفت عليها وأصدرناها بمعونة ومشاركة كوكبة من الكتاب، وأنا كنت المشرف العام عليها. أيضاً خصصت ركناً من المكتبة لما أصدرته من المؤلفات، فأنا أعود إلى هذا الذي كتبته أحياناً.

 الفضائية السورية: أخيراً بعد أن أخذنا فكرة عن حكايتك مع مكتبتك أحب أن أعود إلى هذا الركن أو الرف الذي يضم مؤلفاتك وكتاباتك.

الدكتور محمود: هذا أنا. عندما أقف أمام هذه الكتب فكأنني أقف أمام المرآة. الكتاب عصارة للإنسان. وفي النهاية هناك معادلة أنا أؤمن بها كلياً: "الإنسان إنتاجه، وأهم الإنتاج هو الإنتاج المعنوي ... الإنتاج العقلي... الإنتاج الروحي الذي يتجلى في الكتاب . الإنسان كتابه. الإنسان قلمه. (ن * والقلم وما يسطرون)، وأنا أحب القلم... أعشق القلم... عندي بين يدي أكثر من مئة قلم، وكلما رأيت قلم اشتريته ووضعته حتى ولو لم أكتب به، لأنني أحب القلم.

نعم. أنا عندما أقف أمام هذا الرف فأنا أقف أمام المرآة وأقول لنفسي: هذا أنا، وكما أكبر أنا فأنا أريد من هذا الرف أن يكبر أيضاً، وقديماً كنت أسمع من بعض شيوخنا وأساتذتنا كلمة يقولون فيها: "خير المخلفات المؤلفات"، والمؤلفات هي العلم والثقافة والمعرفة.

ولا أدري إن كان البرنامج والظرف يسعفني أن أناشد أبناء وطني أبناء سورية وأبناء العالم العربي مزيداً من الاهتمام بالكتاب.

الفضائية السورية: شكراً جزيلاً دكتور محمود على حديثك معنا، وعلى دعوتك إلى الاهتمام بالكتاب، وأتمنى كثيراً من الشباب والشابات أن يستجيبوا لهذه الدعوة. وإلى اللقاء.

التعليقات

شاركنا بتعليق