آخر تحديث: الأربعاء 27 مارس 2024
عكام


نشاطات عامــة

   
المؤتمر التمريضي الأول/ جامعة حلب

المؤتمر التمريضي الأول/ جامعة حلب

تاريخ الإضافة: 2003/10/16 | عدد المشاهدات: 5274

بمناسبة انعقاد المؤتمر التمريضي الأول المنعقد على مدرج كلية الطب بجامعة حلب بتاريخ : 16- 17 /10/ 2003 وبرعاية جامعة حلب و مديرية الصحة ونقابة القابلات والممرضات ، دعي فضيلة الدكتور الشيخ محمود عكام لإلقاء مداخلة تحدث فيها عن المكانة الرفيعة للتمريض والممرضات في الإسلام وهذا نصها :
المكانة الرفيعة للتمريض والممرضات في الإسلام :
أولا : التمريض لغة : مصدر مرض . وهو القيام على المريض وتولي العناية به ورعايته ، وقيل : التمريض حسن القيام على المريض ، ومنه قول السيدة عائشة رضي الله عنها : " لما ثقل النبي صلى الله عليه وآله وسلم واشتد وجعه ، استأذن أزواجه أن يمرض في بيتي ، فأذنَّ له " .
وقد تواترت أنباء كثيرة عن اشتراك المرآة العربية المسلمة في غزوات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وسراياه مع الرجال جنباً إلى جنب ، وكان التمريض مهمتها الرئيسة ، وكانت تسمى ( الآسية ) لأنها في تمريضها لم تكن لترعى وتعنى بالبدن والجسم فحسب ، بل طالت عنايتها الناحية النفسية والوجدانية ، وما كانت هذه المرأة أو تلك لتقوم بهذا العمل لولا دافع الإيمان بالله ، الذي يفرز مثل هذا السلوك الرحمَوي العظيم بالعباد ، فمن آمن بالرحمن الرحيم تخلَّق بأخلاقه في علاقاته بعباده ، وما كانت أيضا لتمارسه لولا احتساب أجر عظيم منحه الله وهيأه لمثل هؤلاء العاملات في هذا الحقل المعطاء ، حقل مواساة الإنسان ورعايته ، فـ : " الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " كما ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
ويأتي في رأس قائمة الأجر حب الله العظيم لهذه العاملة في هذا الميدان ميدان نفع الإنسان المحقق ، وقد ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : " أحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله " وهل ثمة نفع أعظم من أن تواسي مريضاً أو تصحح بالرعاية سقيماً ، أو تدخل سروراً على كئيب ؟! وكل ذلك عمل الممرضة ودورها . فطوبى لها .
وبكلمة مختصرة :
إن مزاولة التمريض والعقيدة الدينية مرتبطان ببعضهما ارتباطاً وثيقاً ، فلا يؤدى التمريض على وجه كامل إلا إذا كانت القائمة به مؤمنة بالله إيماناً عميقاً ، وقد اختصَّت بهذا العمل سيدات من فضليات نساء العرب والمسلمين ، تطوعن له وبذلن من أجله جهوداً متميزة .
ويجب لفت النظر إلى أن التمريض مُورِسَ بشكل تخصصي ومهني من العام الخامس الهجري ، وكانت الصحابية الجليلة رفيدة بنت سعد الأسلمي أول من عمل في هذه المهنة على سبيل التخصص ، حينما أمر النبي  بضرب خيمة متنقلة لها لتطبيب الجرحى ، وكان ذلك من حيثية أخرى أول مشفى حربي متنقل عام خمسة للهجرة و 627 للميلاد .
ثانيا : نماذج الممرضات والشهيرات منهن في العهد النبوي :
1- الربيع بنت معوذ : روى البخاري ومسلم عن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت : كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنسقي القوم ونخدمهم ، ونردُّ الجرحى والقتلى إلى المدينة .
2- أم عمارة : نسيبة بنت كعب ، وقد اشتركت في غزوة بدر ممرضة ، وكذلك في غزوة أحد مع زوجها وولديها ، وكان في يدها الأربطة ، وشاركت في القتال ، وقامت بتضميد جروح ابنها ، واشتركت أيضا في حرب مسيلمة الكذاب وأخذت تضمد الجرحى وتقاتل بسيفها حتى بترت ذراعها .
3- أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث : وقد قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين غزا بدراً : تأذن لي فأخرج معك أداوي جرحاكم وأمرض مرضاكم ، لعل الله يهدي الشهادة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " الله مهد لك الشهادة " فكان يسميها بعد ذلك ( الشهيدة ) .
4- أم سليم بنت ملحان : شهدت غزوة حنين وهي حامل بعبد الله بن أبي طلحة وشهدت قبل ذلك يوم أحد ، تسقي العطشى وتداوي الجرحى .
5- حمنة بنت جحش : أخت أم المؤمنين زينب ، شاركت مع زوجها مصعب بن عمير في غزوة أحد وكانت تسقي العطشى وتحمل الجرحى وتداويهم .
6- كعيبة بنت سعد الأسلمية ( رفيدة ) : وهي أول ممرضة متخصصة في تاريخ الإسلام ، ففي غزوة بدر أسعفت الجرحى وضمدت المصابين ، وأعطتهم من حنانها ورأفتها وعطفها .
وبعد انتصار المسلمين في غزوة بدر رأت أن تستمر في أداء رسالتها التمريضية وأنشأت أول عيادة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأقامت فيه خيمة وتردد إليها المرضى في كل وقت ، واشتركت بذات المهمة في غزوة أحد ، وفي غزوة الخندق عندما جُرِحَ سعد بن معاذ قامت على تمريضه خير قيام ، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد قال لقوم سعد حين أصابه السهم : " اجعلوه في خيمة رفيدة حتى أعوده من قريب " وظلت هكذا بجانب سعد حتى تم انتصار المسلمين ، وأفاق سعد ونعم برؤية نصر المسلمين .

ثالثاً : رسول الله  كرَّم الممرضات :
1- أميمة بنت قيس الغفارية : عن أميمة بنت قيس الغفارية قالت : جئت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في نسوة من بني غفار ، فقلنا يا رسول الله إنا نريد أن نخرج معك إلى خيبرٍ، فنداوي الجرحى ونعين المسلمين بما استطعنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " على بركة الله " . قالت أميمة : فخرجنا معه صلى الله عليه وآله وسلم وكنت جارية حديثاً سني ، فأردفني رسول الله حقيبة رحلة ، فلما فتح الله لنا خيبر قسَّم لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الفيء ، وأخذ القلادة التي ترين في عنقي فأعطانيها وعلقها بيده في عنقي ، فوَالله لا تفارقني أبداً . فكانت في عنقها حتى ماتت وأوصت أن تدفن معها .
2- وأما ما يتصل بتكريم نسيبة أم عمارة : ففي غزوة أحد ظلت تقاتل وتداوي الجرحى ، وكان معها زوجها وولداها يقاتلون ، فلما جرح ابنها عبيد بن زيد أقبلت عليه وربطت جرحه ثم قالت له : يا بني قم فضارب القوم والنبي صلى الله عليه وآله وسلم ناظر إليها فجعل يقول : " ومن يطيق ما تطيقين يا أم عمارة " قالت : وأقبل الرجل الذي ضرب ابني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا ضارب ابنك فاعترضته فضربته في ساقه فبرك ، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى بدت نواجذه وقال : " استقدت يا أم عمارة ! الحمد لله الذي ظفَرك وأقرً عينك من عدوك وأراك ثأرك بعينك " . وتابع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثناءه على أم عمارة وولديها وزوجها قائلاً : " بارك الله عليكم من أهل بيت خير من مقام فلان وفلان رحمكم الله أهل البيت ... " فقالت أم عماره يا رسول الله ، ادع الله أن نرافقك في الجنة ! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة " فقالت أم عمارة عندها : ما أبالي ما أصابني من الدنيا .

رابعا : اقتراح :
في عام 1978 م قرر مؤتمر وزراء الصحة العرب منح الأوائل من خريجات معاهد التمريض ومدارسه في الدول العربية جائزة مادية ومعنوية ، تسمى ( جائزة رفيدة الأسلمية ) ووافق الجميع يومها على ذلك . وها نحن نذكر وزراء التعليم العالي والصحة ورؤساء الجامعات بهذا القرار الذي بقي على صفحات التوصيات ، لينفذوه ويترجموه إلى واقع وأبتدئ لأوجهه إلى سعادة أستاذنا الدكتور محمد سعيد فرهود رئيس جامعة حلب ، ليكون البادئ الفعلي الأول بهذا في وطننا الغالي سورية .
تحية إلى الممرضات اللواتي يعشن الرحمة حالا لا ينفككن عنها دائما وأبدا وأسأل الله لهن دوام الصحة ليقمن بعملهن العظيم خير قيام ، والسلام عليهن وعلى الممرضين ورحمة الله وبركاته .

التعليقات

شاركنا بتعليق