الحديث عن النبي محمد صلى الله
عليه وآله وسلم حديث عن تجديد الإنسان ، وتجديد الإنسان أهم متطلع للإنسان نفسه.
والتجديد الذي جاء محمد صلى الله عليه وآله وسلم به وبقواعده و أسسه يعني استمرار
الترقي في سلَّم حيازة وامتلاك سمات الإنسان الكامل وبمعنى أخر: هو ازدياد إيجابي
مستمر من دون انقطاع ، ولا يكون الازدياد إيجابياً إلا بتوسيع الإدراك الإنساني عن
طريق اكتساب المعارف والعلوم النافعة للإنسان ، ونفعها يتجلى برسم المنطلق وتحديد
الغاية وتركيز الهدف ، والرسم والتحديد والتركيز عمليات تتم وفق ما ينفع الناس ،
وبالتالي لابد من استشارة خبير به أي بالإنسان ، وما ثمة أخبر به من خالقه وبارئه
فالتجديد إذاً : معرفة مكتسبة وعلم متلقى يؤديان إلى منطلق إنساني صادر بقرار إلهي
رسماً، والى غاية جلاها الرب المطلق تحديداً، والى هدف مركز بمرسوم آت من رب العزة
جلت قدرته 0ومن هنا : نفهم مقولة صاحب الذكرى محمد صلى الله عليه وآله وسلم : " إذا
أتى علي يوم لا أزداد فيه علماً يقربني إلى الله فلا بورك لي في شمس ذلك اليوم " .
نعم : يومان متماثلان يساويان انعدام البركة ، حتى ولو كانا جيدين ولكي تعود البركة
لابد أن يكون اللاحق أكثر جودة من السابق ، ويوم خالٍ من علم يرسم منطلقاً ويحدد
غاية ويركز هدفاً، يوم خالي الوفاض من البركة ، ويوم لا يسجّل فيه الإنسان بعد
الرسم والتحديد والتركيز تعميقا لهاتيك العمليات الثلاث يوم هو للشؤم أقرب
فيا أيها الإنسان : تذكر في يوم ميلاد المجدد الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم
مهمَّتك الأولى والأهم نحو نفسك وبادر للتجديد بالرسم والتحديد والتركيز ، أو
بالتعميق إن كنت راسماً ومحدداً ومركزاً ، وكن على بينه من أمرك فيما تفعل مؤسساً
أو معمقاً ، وإني على يقين أن صاحب الذكرى يعينك كثيراً في ذي البينه لأنه نور
وضياء في هذا ، فقد : ( جاءكم من الله نور وكتاب مبين. يهدي به الله من اتبع رضوانه
سبل السلام ) والنور هو صاحب الذكرى والكتاب خطاب الحق الذي يحمل الأنسب فيما يخص
المنطلق والغاية والهدف . فهل إلى ذكرى نافعة من سبيل ؟ .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
د. محمود عكام
1 ربيع الأول 1423
التعليقات