ليس الجلاء مرحلةً تاريخية مرَّت
أو حالة ماضية عَبَرت ، بل الجلاء تفاعلٌ مع الحدث المتكرر المتجدد ، ليكون
الإنسان بعد هذا التفاعل أكثر وعياً لشؤونه وشؤونِ ما حوله مما كان عليه قبل
هذا الحدث أو ذاك .
وإذا كنا نفرح بهذه الذكرى ونُنشِدُ من أجلها الأشعار ونقيم الندوات ، فآمل أن
لا يشغلنا السرور بما كنا قد أنجزناه أو أنجَزَه أجدادنا عمَّا يجب أن ننجزه في
أيامنا الراهنة من تطوير لبلدنا المبتهج باستقلاله عن المستعمر ، كما آمل أيضاً
أن لا يكتئب الوطن اليوم باستغلالنا إياه لمصالحنا الخاصة ، نحن من ننتسب إليه
على أننا أبناؤه الذائدون عن حياضه .
فالذكرى المجيدة في النهاية ليست شعاراً نرفعه أو احتفالاً نُقيمه بل هي حاضرٌ
نبنيه ومستقبلٌ نحوطُه بأمنيات الصدق وآمال العمل .
سوريا تريد منكم يا سوريون وفاءً لأرضها بإزاحة العابثين بها عنها ، وانتشالها
من أيادي المستغلين الجشعين ووضعها بين يدي العاملين الصادقين المؤمنين .
وتطلب سوريا أيضاً وفاءً لخيراتها بتوظيفها في ترقيتها وتمجيدها ووفاءً
لتاريخها باستكماله حلقاته النيرة ولكل ذرة من ذراتها ببذل الجهد المشترك من
قبل أبنائها حتى تدعى بسورية الخير والفضل والأمان والحرية والعطاء ، لا سورية
القهر والبطالة والفساد والظلم .
عاشت سورية نظيفة ذات فضيلة وطهر وصفاء .
وعاش السوريون أبناء برره لسوريا أوفياء لها .
وعشنا جميعاً إن كنا نسعى صادقين لبناء الوطن المتين .
وخسئ كل جبارٍ عنيد داخلي وخارجي يبغي لسوريا شراً وفساداً وانحرافاً وضلالاً .
د. محمود عكام
17
نيسان 2005
التعليقات