آخر تحديث: الثلاثاء 03 ديسمبر 2024      
تابعنا على :  

كلمة الشـــهر

   
وذكِّر في الذكرى السنوية الأولى لأحداث 11 / أيلول / 2001

وذكِّر في الذكرى السنوية الأولى لأحداث 11 / أيلول / 2001

تاريخ الإضافة: 2002/09/11 | عدد المشاهدات: 3992

وتمر سنة على تواري برجين كبيرين في الدولة العظمى عن الأنظار ، ولو قُدِّر لنا أن نتخيل الأمر إذا كان ما حدث لم يقع لقلنا إن أمريكا قادرة على إعادة بناء مئة برج لو أنها هدمت - لا سمح الجبروت الأمريكي - في أقل من شهر ، فأمريكا أمريكا . لكن هذا المتخيّل باء بالفشل حينما لامس الواقع ، فالبرجان أو برجا التجارة العالمية المهدمان لم يعودا للوجود وقد مرت سنة كاملة ، ربما قال الواهمون المعظمون : أمريكا قادرة على ولكنها لحكمة لا يعلمها إلا البيت البيضاوي لم تبنِ هذين البرجين وآمل من هؤلاء أن يستيقظوا من وهمهم ، وأن يتجنبوا التقديس لمن ولما لا يستحق ، ويجتنبوا قول الزور ، فأمريكا من خلال ما حدث في أيلول استبانت أبعاض من حقيقتها ، فهي تقول بحالها الراهنة : ما أنا إلا دولة عادية ولست الذي لا يقهر ولست الذي لا يُختَرق .
نعم أمريكا ليست ذاك " السوبرمان " المنتصر باستمرار ولكنها كـ " فرعون " استخفت بنا فأطعناها ، واستهانت بنا فعظمناها ، ولو أننا قمنا إليها قومة رجل واحد فردعناها لكان خيراً لنا ولها .
على كلٍ : دعونا من هذا كله واسمحوا لي أن أنصح أمريكا حكومة وشعباً وإدارة وجيشاً ببضع كلمات ولن أزيد ، ومن ثم سأنتقل بنفس الغاية لأنصح عالمي الذي أنتسب إليه ، وأخيراً لن أنسى الإنسان بشكل عام من بضع عبارات .
فيا أمريكا ، يا دولة القوة المثقوبة والقدرة المهتوكة ، انتبهي لمستقبل أطفالك وإياك والاستهتار بهم ، إياك أن تجعليهم في شرنقة الكراهية والرفض جراء تصرفك الأرعن مع من حولك من الدول والأفراد ، ثوري على من يبغي إبادتك معنى ومبنى ، وأظن - وظنِّي قريب من الاعتقاد - أن حاكمك الحالي " بوش " وإدارته يقودونك بغباء - وقد أحسنا الظن فلم نقل بإجرام - إلى الهاوية ، هاويةِ الرفض والنبذ والبغضاء ، فضجر العالم يتنامى وتتسع رقعته من سياسة تفتقد الإنسانية في نسيجها ، أما سمعت أيتها الدولة العظمى ما قاله الناقد الأمريكي " هارولد " ورئيسك الأسبق " كارتر" فقد أعلنا بصيغتين مختلفتين وبفحوى متحدة أن أمريكا لن تكون ولن تبقى الدولة العظمى إلا إذا احترمت الإنسان وحقوقه وصانت القيم ورعتها ، وطبقت العدالة وحفظتها ، وإلا فالتهديد والوعيد والترعيد والتزبيد لن يجعل منها إلا دولة مبغوضة مشؤومة ، والتكنولوجيا المتقدمة غير كافية وحدها ، وقد رغم أنفها غضباً وقهراً بفعل أناس ما عهد عنهم ظاهراً إلا التخلف ، وما يوم البرجين عنك ببعيد ولا يوم أوكلاهوما أيضاً ، ولا يوم فيتنام ببعيد ، وهكذا سائر أيام القهر .
أما أنت يا عالمي العربي ـ والإسلامي : فما عليك إلا البحث عن أسوة في عالم الدول والأمم ، واجتنب في البحث أمريكا ، فما هي بتلك التي تصلح ، وهل الظالم أو من يعين الظالم والآثم والمعتدي يؤتى به ، وليس من باب الفرض أو العرض قولي : لعلك يا عالمي أنت في ماضيك تكون أسوة لذاتك في حاضرك ، فقد كنت - حسب التاريخ - منارة يستضاء بك ، أجل ولعل وقد تنفع لعل : (
إني آنست ناراً لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى ) .
وأما أنت أيها الإنسان في كل مكان : فلا تتجرد عن إنسانيتك ، أناشدك وأرجوك ، وإنسانيتك تتلخص بثلاث كلمات ، فهي إسلام وإيمان وإحسان ، أما الإسلام فسلامة الآخرين من أذاك ، والإيمان أمنهم وتأمينهم إياك على أموالهم وأعراضهم ودمائهم ، وأما الإحسان فعطاء منك لهم بلا حدود وبلا مقابل إلا من الله الكريم الرحيم (
فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله ) .

بقلم : د. محمود عكام
حلب : 11/9/2002

التعليقات

شاركنا بتعليق