آخر تحديث: الجمعة 26 إبريل 2024
عكام


لطيفة قرآنيــــة

   
وجمع الشمس والقمر

وجمع الشمس والقمر

تاريخ الإضافة: 2007/03/09 | عدد المشاهدات: 7380

وصلنا إلى قوله تعالى:(وجُمع الشمس والقمر) فما معنى هذه الآية ؟

هنالك آراء، وسنذكر رأينا بعد ذكر هذه الآراء:

الرأي الأول:( وجمع الشمس والقمر) أي جمع بينهما في طلوعهما من المغرب. وتعلمون أن من أشراط الساعة طلوع الشمس من المغرب كما ورد في الأحاديث.

الرأي الثاني:(وجمع الشمس والقمر) في أنهما ألقيا معاً في النار. وقد ورد هذا في بعض الأحاديث، وهذا الإلقاء ليكون حسرةً على مَنْ كان يعبدهما (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم).

ولكننا نختار الرأي القائل: وهذا ما وجدته في نفسي مقبولاً:

(وجمع الشمس والقمر) أي جمعا معاً فلم يعد هنالك تعاقب لـ الليل والنهار. فعندما يُجمع الشمس والقمر مع بعضهما فلن يكون هنالك ليل ولا نهار ولن يكون هنالك تعاقب لـ الليل مع النهار، وبالتالي هذا ما سيحدث حسب ما ورد في القرآن الكريم وفي الأحاديث الشريفة، فلا ليل آنئذ ولا نهار، بل الجوّ سيختلف تماماً عما نحن عليه الآن من تعاقب لـ الليل مع النهار.

ربما سأل سائل: الشمس مؤنث والقمر مذكر، فلماذا قال الله عز وجل:(وجُمع الشمس والقمر) ولم يقل: "وجُمعت الشمس والقمر" ؟ نقول لهذا السائل: هنالك إجابات أيضاً ونأمل أن يتمعن في هذه الإجابات:

الإجابة الأولى: إننا نذكّر الفعل المذكر ولا نؤنّث الفعل من باب التغليب. فنقول: جاء الولد وأخته، ثم نقول: جاءا أي الولد وأخته. وهذا من باب التغليب، أي غلّبنا الذكر على الأنثى.

الإجابة الثانية: في اللغة عندنا مؤنث حقيقي ومؤنث مجازي، فـ "المرأة" هي مؤنث حقيقي، فنقول: جاءت المرأة. أما "الشمس" فهي مؤنث مجازي.. ففي المؤنث المجازي يمكن أن نقول: الشمس طلعت. ويمكن أن نقول: لم يطلع الشمس.

لكن أنا رأيي في النهاية: الله عز وجل لما قال: (وجمع الشمس والقمر) إنما ذكّر الفعل ولم يؤنّثه لأن الجامع هو الله عز وجل، وبالتالي لو قال : "جُمعت الشمس والقمر" لحدث شيء من الالتباس والارتباك من خلال ذاتية الفعل، وكأن الشمس هي التي اجتمعت مع القمر اجتماعاً ذاتياً تلقائياً، وذلك باعتبارها أكبر من القمر.. ولكن الله عز وجل قال:( وجُمع الشمس والقمر) حتى يبقى التصور أن الله عز وجل هو الجامع بينهما. ونحن قلنا هذا، حتى لا يقال: أننا نتكلم دائماً عن أفضلية الذكر المطلقة. وذلك عند القول "هذا من باب تغليب الذكر على الأنثى".

( فإذا برِق البصر* وخسَف القمر* وجُمع الشمس والقمر...) أين جواب ( فإذا) ؟

الجواب: الآية التي تليها (يقول الإنسان يومئذ أين المفر).

فهذا الإنسان الذي كان ينكر والذي كان يقول مستهزئاً: (أيّان يوم القيامة) متى وأين وكيف ؟ هو نفسه سيقول: (أين المفَرّ) عنـد ( فإذا برِق البصر* وخسَف القمر* وجُمع الشمس والقمر). (يقول الإنسان يومئذ أين المفر) يقول هذا بدافعين اثنين:

- إما أن يقول: (أين المفَرّ) أي أين المفرّ من الله خجلاً منه وقد وقع ما كان قد أنكر ؟

- وإما أن يقول:( أين المفَرّ) أي أين المفرّ من جهنم وقوعاً فيها وهي أمامه وستأتيه ؟

وقد ورد في الحديث: "ما منكم من أحد إلا سيخلو به ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر تلقاء وجهه فلا يرى إلا النار، فاتقوا النار ولو بشق تمرة". ولكن هذا الإنسان المنكر لم يكن في حياته ممن يتقي النار، لذلك سيقول: يومئذ أين المفر ؟

يأتيه الجواب الإلهي: (كلا لا وزر).

يأتيه الجواب الإلهي لحديث كان بينه وبين نفسه، فهو لم ينطق بكلمة "أين المفرّ"، ولكن حاله يدلل على أنه يتساءل: أين المفرّ ؟

فهو لم يقل بلسانه: أين المفرّ ولكن حاله كان يقول ذلك، لذلك يأتيه الجواب من عند علام الغيوب:

(كلا لا وزر) "كلا" زجراً لك، "لا وزر" أي ليس لك ملجأ تلجأ إليه ولا حصن تأوي إليه.

التساؤل هنا: إلى أين إذن ؟ (إلى ربك يومئذٍ المستقر) أي ستأتي لعند الله عز وجل وقد جئت.

كلمة "المفَرّ" في اللغة العربية نسميها مصدر ميمي، وهنالك قراءة لم أتبين فيما إذا كانت من القراءات العشر "أين المفِرّ" فما الفرق بين "المفَرّ" و"المفِرّ" ؟

كلمة "المفَََرّ": مصدر ميمي تعني الفرار، (أين المفَََرّ) أي أين الفرار.

أما كلمة "المفِرّ" فهو اسم مكان، (أين المفِرّ) أي أين المكان الذي سأفرّ إليه.

الجواب محسوم:(كلا لا وزر* إلى ربك يومئذٍ المستقر)

سنعود إلى الآية (إلى ربك يومئذٍ المستقر) بشرح أطول في الأسبوع القادم إن شاء الله .

 

التعليقات

اخوك فى الله

تاريخ :2014/02/27

بسم الله ما شاء الله شرح جميل جدا جدا ربنا يجعله فى كافه حسنات كل من قائم على هذا العمل و لا نزكى على الله احد و جزاكم الله عنا خير الجزاء :)

ابتسام عباس

تاريخ :2015/06/14

جزاكم الله كل خير..ووفقكم لخدمة القرآن وأهله.. وجعل ماتكتبوه صدقة جارية لكم.. ومن الله السداد

شاركنا بتعليق