آخر تحديث: الجمعة 26 إبريل 2024
عكام


مـــــــــؤتمرات

   
الدكتور عكام يلقي كلمة في الاحتفال بالمولد الشريف في جامع العبارة بحلب

الدكتور عكام يلقي كلمة في الاحتفال بالمولد الشريف في جامع العبارة بحلب

تاريخ الإضافة: 2006/04/04 | عدد المشاهدات: 2788
New Page 2

شارك فضيلة الدكتور الشيخ محمود عكام مستشار وزير الأوقاف - مفتي حلب في الاحتفال الذي أقيم بمناسبة ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في جامع العبارة بحلب ، بحضور سماحة المفتي العام للجمهورية، ومفتي مدينة الباب ومفتي منبج، وعدد من العلماء وطلاب العلم، وجمع غفير من الإخوة المؤمنين، وذلك يوم الاثنين: 14 ربيع الأول 1427 الموافق: 4 نيسان 2006.

وقد ألقى الدكتور عكام خلال الإحتفال كلمةً عدّد فيها صفات تلاميذ الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ودعا إلى الاتصاف بهذه الصفات.

نص الكلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدي رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه، اللهم صلِّ على سيدنا محمد بن عبد الله القائم بأمر الله، ما ضاقت إلا وفرجها الله، اللهم صلِّ على سيدنا محمد وآله، اللهم اجعل نوره محيطاً بذاتي حارساً لي من جميع جهاتي.

أكثروا يا إخوتي في مثل هذه الأيام المباركة من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فالصلاة على النبي صلوات ربي وسلاماته عليه منوِّرة ومنوَّرة، فإن أولى الناس بالنبي يوم القيامة هم أكثرهم عليه صلاة، صلى الله عليك يا سيدي يا رسول الله، أنت أكرم الناس، وأنت أبر الناس، وأنت أعظم الناس، وإني كما قال عكرمة بن أبي جهل الصحابي الجليل حين وقف أمام النبي وقال: "يا رسول الله، أنت أكرم الناس، أنت أبر الناس، أنت أعظم الناس، وإني لمطأطئ رأسي استحياءً وإجلالاً لك يا رسول الله".

أيها الإخوة:

لا يسعني إلا أن أشكر لكم احتفالكم ومحبتكم، وها نحن أولاء نجتمع في هذا المكان الطيب الطاهر، ولا بد من أتقدم أيضاً بالشكر الجزيل لسماحة أخي الشيخ الأستاذ الدكتور أحمد بدر الدين حسون الداعية النابهة على حضوره هذا المولد، وأن أشكر سائر الإخوة الأفاضل الأساتيذ الأكارم الشيوخ الأجلاء وفقهم الله لأداء الرسالة، وفقهم الله من أجل أن يكونوا جنداً أوفياء لهذا النبي الكريم والسيد السند العظيم محمد، من جاءنا بالرسالة السامية، من جاءنا برسالة الإسلام، برسالة التآخي، برسالة الحب، برسالة الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم.

أيها الإخوة: وأنا أنظر إلى هذه الوجوة الطيبة رأيت جلَّها أو نصفها أو أكثرها شباباً، قلت في نفسي: لأقولنَّ لهؤلاء، لو قيل لكم: اختاروا اسماً أو لقباً ينسبكم لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولو أني ذكرت لكم صفات أو سمات فهل ترضون – ولا شك أنكم سترضون – أن يقال لكم تلاميذ محمد ؟

أعتقد أن جميعكم يوافق على هذا، لكن إذا كنتم تحبون أن توصفوا بأنكم تلاميذ محمد فهل تعرفون صفات تلاميذ محمد ؟

أعتقد بأنكم تعرفونها، لكن ليست بالقواعد المستقرة في أذهانكم، لكن ليست بالشكل التفصيلي هذه القواعد تحتاج إلى تركيز، إلى تقعيد، فاسمحوا لي أن أذكر أمامكم صفات تلاميذ محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولن أطيل، ثم بعد ذلك عايروا أنفسكم على هذه الصفات فإن وجدتم هذه الصفات فيكم فأنتم تلاميذ محمد إن شاء الله، وإن لم تجدوا هذه الصفات فلا أقول لكم بأنكم لستم تلاميذ محمد، ولكن احرصوا على أن تكونوا من تلاميذ محمد، وأوجّه الكلام إلى نفسي أولاً وإليكم ثانياً.

صفات تلاميذ محمد صلى الله عليه وآله وسلم وقد جمعت ذلك من خلال قراءة الكتب التي تتحدث عن الصحابة بشكل عام، وتتحدث عن التابعين، تتحدث عن أولئك الذين انتسبوا بصدق إلى النبي محمد هذه الصفات هي:

الصفة الأولى: إيمان بالله راسخ، ﴿إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله﴾، فإذا كنتم مؤمنين ولم ترتابوا فقد تحليتم بالصفة الأولى من صفات تلاميذ محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وآمل أن تؤكدوا فيما بينكم وبين أنفسكم هذه الصفة. إيمان لا يتزعزع، لا يتبدل، لا يتغير، لا يصيبه الشك.

الصفة الثانية: إخلاص لله لا يعرف المصانعة ولا المراءاة، لذلك عندما تمر على آية ذُكِر فيها الإخلاص انظر نفسك، هل أنت ممن توِّج بتاج الإخلاص عندما تقرأ قوله تعالى: ﴿وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين﴾ ؟ فهل أنت تعمل هذا العمل الذي تعمل، هل أنت تصلي، هل أنت تصوم، هل تتصدق، هل تحضر المولد، هل تحضر الدرس، هل... تبتغي بذلك مرضاة الله عز وجل أم أنك تضع أغراضاً وأهدافاً أخرى: (فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو إمرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)، يروي التاريخ أنه لما قُدم على سيدنا عمر رضي الله عنه وأرضاه بالغنائم – غنائم القادسية – بسيف كسرى، بزينة كسرى، نظر سيدنا عمر إلى هذا وبكى وقال: "إن قوماً أدَّوا هذا لذووا أمانة" فالتفت إليه سيدنا علي رضي الله عنه وقال له: "يا أمير المؤمنين عففتَ فعفَّت رعيتك".

أخلصَ العباد وأخلصَ المسؤول عن العباد فكان النصر حليف العباد، وحليف من هو قائد العباد.

الصفة الثالثة: العمل الدؤوب. أريد من طلابنا أن يعملوا، وأريد من أساتيذنا أن يعملوا، أريد من طلابنا أن يتفوّقوا حتى يفرح بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أريدكم أيها العمال عمالاً مُجدّين، أريدكم أيها الصناع صناعاً مجيدين، أريدكم أيها الأساتذة أساتذة تقومون بدروسكم وحصصكم وعطاءاتكم، أن تتقنوا عملكم لأن الله يريد من أحدنا إذا عمل عملاً أن يتقنه، يحب العامل الذي يقول ويفعل ولا يحب من لا يعمل ﴿كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون﴾ لذلك من صفات تلاميذ محمد أنهم كانوا يعملون بشكل دؤوب ولذلك قال الله لهم: ﴿وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون﴾ وقال الله لنبييه صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب﴾ إذا ما انتهيت من عمل فجدد القيام بعمل آخر، كن على عمل دائماً وأبداً، لا تنتهِ من عملٍ إلا وأنت قد رسمت أمام عينيك مشروعاً لعمل آخر. وقف عقبة بن نافع على حافّة بحر الظلمات، وهو المحيط الأطلسي اليوم، وقف على حافة البحر وقال: "اللهم ربَّ محمد، لولا هذا البحر لفتحت الدنيا، ولو أني أعلم بلاداً خلفه لخضته اللهم اشهد".

الصفة الرابعة: الشجاعة والتضحية في سبيل الله: نريد إنساناً شجاعاً في الحق، ونريد إنساناً شجاعاً على نفسه قبل أن يكون شجاعاً على غيره، نريد إذا أخطأ أن يعترف واعترافك بالخطأ شجاعة، ومعيار الشجاعة الإيجابية أن تكون شجاعاً على نفسك، ثم بعد ذلك تكون شجاعاً في سبيل الله من أجل رفع كلمته ورايته، وصلى الله على سيدنا محمد سيد الشجعان عندما وقف في غزوة حنين وقال الكلمة الأروع في ميدان الشجاعة: (أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب). كلنا يتغنى بما قاله خبيب:

ولست أبالي حين أقتل مسلماً على أيَّ جنبٍ كان في الله مصرعي

وذلك في ذاتِ الإله وإن يشأ يبارك على أوصال شلوٍ ممزع

قيل لقتيبة بن مسلم الباهلي، قال له أحد القواد الذين معه: "لقد أوغلتَ في بلاد الصين، والحوادث بين أجنحة الدهر تُقبل وتُدبر". يعني وضعت نفسك في خطر. فأجابه قتيبة: "بثقتي بنصر الله توغلت، وإذا انقضت المدة لم تنفع العُدَّة".

فقال له هذا القائد: "اسلك سبيلك فو الله إن لك عزماً لا يفلُّه إلا الله".

الصفة الخامسة، العلم والمعرفة: أريد أن أقول لكم حديثاً واحداً في هذا الميدان، والحديث حسن وقد راجعته منذ أكثر من خمسة عشر عاماً. يقول صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في الطبراني: (إذا أتى عليَّ يومٌ لا أزداد فيه علماً يقربني من الله فلا بورك لي في شمس ذلك اليوم) انظر نفسك هل تزداد علماً في كل يوم ؟ إذا استوى يومك مع أمسك وإن كان أمسك جيداً فأنت مغبون، أريد أن يكون يومك أفضل من أمسك، وأريد أن يكون غدُكَ أفضل من يومك، وهكذا وما للترقي انتهاءُ، أريدك أن تكون في حياتك كلها وأنت تترقى في الفضائل والعلوم والمعرفة، وما عُبد الله بأفضل من العلم والمعرفة، أوليس النبي صلى الله عليه وآله وسلم أُمر أن يطلب من الله الزيادة في العلم ﴿وقل ربِّ زدني علماً﴾.

الصفة السادسة والأخيرة: هي ما أسميته باللهو المباح وهي ما يعينك على جِدك وعملك ودراستك، أريدك صاحب هواية مشروعة، أريدك رياضياً ولكن لا أريد أن تكون الرياضة هدفاً بحد ذاتها. الرياضة وسيلة نظيفة لهدف نبيل، لا أريدك – ولا سيما وأنا أخاطب الطلاب والتلاميذ في مختلف المراحل الدراسية – اسبحوا والعبوا ولكن كل هذا ضمن برنامج محدد، أنت تسبح وتلعب لكن من أجل أن تستعين بذلك على الجِد، فإذا ما كان وقتك كله في اللهو المباح إذاً فأين العمل الذي خلقت له وأُمرت به بقول الله عز وجل: ﴿وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون﴾ روِّح النفس تارة بالمباح ولكن الأصل أن تعمل.

أكرر وأعدد عليكم صفات تلاميذ محمد:

الصفة الأولى: إيمان راسخ بالله لا يتزعزع.

الصفة الثانية: إخلاص لا يعرف المصانعة ولا المراءاة.

الصفة الثالثة: العمل الدؤوب المستمر.

الصفة الرابعة: الشجاعة والتضحية.

الصفة الخامسة: العلم والمعرفة.

الصفة السادسة: اللهو المباح.

أما اللهو الحرام فأسأل الله أن يجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ابتعدوا يا شبابنا عن الفواحش والمعاصي فورب الكعبة إنها لمَضْيَعة، وإنها لمضَيِّعة، وإنها لمعرقلة لمسيرتكم العلمية والاجتماعية والخلقية، وما كانت المعاصي في يومٍ من الأيام إلا المهلكة، لذلك أسأل الله أن يجنبنا المعاصي والآثام ما ظهر منها وما بطن.

أكرر تهنئتي لكم ولعالمنا العربي والإسلامي وأقول: بوركت أمة اتبعت نبيها الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.

سيدي رسول الله مهما تكلمتُ عنك فالحديث عنك قاصر، ولا يمكن أن نَطُولَ شيئاً منك، لأن ربك تحدَّث عنك وليس بعد الله إنسان من أجل أن يتحدث أو أن يمدحك، ولكن حسبي أن أتوجه إليك لأقول:

يا سيدي يا رسول الله: أنت أكرم الناس، وأنت أبرُّ الناس، وأكرر مع سيدنا علي كرم الله وجهه عندما وقف أمامك وقال: "والله يا رسول الله لأنت أحبّ إلينا من أولادنا وآبائنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على الظمأ" والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

التعليقات

لبانه السباعي

تاريخ :2007/04/04

اشكرك سيدي الكريم على هذا الحضور الكريم ونتمنى منكم الزيادة في الالتفات لهذا الجامع الذي كانت رسالته التي يؤديها تسمو وتحقق ما قصده رسولنا الكريم من جوامعنا اتمنى لسيادتكم مزيدا من النجاح والاخلاص والسلام عليكم

شاركنا بتعليق