سُئلتُ أكثر من مرة عن أعظم نعمة
يَنشُدها الإنسان فقلت على الفور : إنها الأمان وان شئت حذفَ الألف فهي عندئذ
الأمن ، وإذ نجمعهماً معا نقول : الأمن والأمان ، وما دمنا قد ذكرنا الكلمتين
فلنجعل الأولى " الأمن " للدَّاخل والقلب ، ولنجعل الثانية " الأمان " للظاهر
والجسد والحركة ، وما سائر النِّعم إلا تابعاتٌ لهاتين وأسماء أخرى لهما فهل
تصدقون ؟!
تعالوا الى الصحة والعافية لنراهما في النهاية أماناً للجسد ، وكذلك إذ نأتي
على ذكر نعمة " الإيمان " فما هي إلا الأمن والاطمئنان للداخل والقلب ، فإن
طلبت إلي الصلة بين المال والولد ، وهما نعمتان ، وبين الأمن والأمان ، قلت وهل
يُطلَب المال ويُحرَص على الولد إلا من أجل أمن الإنسان وأمانه ، فالمال في
خدمة الجسد ليبقى في أمان ، والولد في خدمة القلب لتقر عين من أنجب ومنْ وَلَد
.
ولا تحدَّثني يا هذا عما يقابل الأمن والأمان ، فالحديث عنها بحد ذاته يؤلمني ،
ومَنْ مِنَ الناس الأسوياء يرغب في ذكر الخوف والاضطراب والرعب ، فاللهم أبعد
عنّا ما ينافي الأمن والأمان ، وقرّب منا وإلينا ما يجلب الاستقرار والاطمئنان
.
وما كتبتُ هذا إلا لأطلب إلى الصالحين من بني وطني أن لا ينسوا حين يدعون ربهم
في صلواتهم وخَلَواتهم دعاءً كنت أسمعه من شيوخنا ومعلمينا وهم على المنابر وفي
القنوت : " اللهم أمِّنّا وآمِنا في أوطاننا " فالوضع خطير ، والعدو شرس وحقير
، وكثير من أبناء بلادنا ابتعدوا عن مراكز دينهم القويم ، بَلْهَ محيطه وسُوره
وحصونه .
وأفظع غاية يسعى عدونا اللدود إلى إنجازها زعزعة فيما بيننا ، واضطراب يستولي
على قلوبنا ، وفوضى تحكم معاشنا وحياتنا وقسوة من بعضنا تجاه بعضنا ، فقد أبى
الغادر إلا أن يعتاش على فرقتنا وتفرقنا وضياعنا وتيهنا ، فهل نحن مستوعبون ؟!
أم أننا عن مخططاته غافلون .
استيقظوا وقولوا : اللهم ردّ كيد العدو في نحره وآلف بين قلوبنا واحفظ علينا
بلادنا وأمِّنا وآمِنا في أوطاننا وهيئ لنا ولحكامنا ولشعوبنا من أمرنا وأمرهم
رشداً .
الدكتور محمود عكام
21 حزيران 2004
التعليقات