آخر تحديث: الثلاثاء 23 إبريل 2024
عكام


مـــــــــؤتمرات

   
الدكتور عكام يتحدث عن لوحتي المواساة والتكافل، والمحبة والتآخي في جامع الرضوان بحلب

الدكتور عكام يتحدث عن لوحتي المواساة والتكافل، والمحبة والتآخي في جامع الرضوان بحلب

تاريخ الإضافة: 2007/10/03 | عدد المشاهدات: 2899

بدعوة من إمام جامع الرضوان بحلب الشيخ عبد الهادي بدلة، ألقى الدكتور الشيخ محمود عكام كلمةً تحدث فيها عن صفتينِ من صفات المجتمع الفاضل، وهما: المواساة والتكافل، والمحبة والتآخي، مستلهماً هاتين اللوحتين من شهر رمضان المبارك.

وقد ألقيت الكلمة في صلاة تراويح يوم الأربعاء: 21 رمضان 1428هـ الموافق: 3/10/2007م، وفيما يلي نص الكلمة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدي محمد رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، اللهم اجعلنا من عتقائك من النار، واجعلنا من عتقاء شهر رمضان، وأدخلنا الجنة من باب الريَّان. جزى الله أخي الفاضل الشيخ عبد الهادي بدلة الذي تفضل بأدبه وعلمه.

أيها الإخوة:

سأتحدث عن صفتين من صفات مجتمعٍ منشود. فرمضان شهر المواساة والتكافل، ورمضان شهر المحبة والتآخي، لذا سأؤكد على هاتين الصفتين في رمضان، صفة المواساة والتكافل، وصفة المحبة والإخاء من خلال لوحتين.

أولاً: التكافل والمواساة: رمضان شهر المواساة، يواسي الغني الفقير ويتكافل معه، لأن الفقر يجب أن يُزال، ومن هنا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر)، وورد عن سيدنا علي كرم الله وجهه أنه قال: "لو كان الفقر رجلاً لقتلته" فالفقر يجب أن يُزال، يجب أن يُمحى وذلك من خلال:

1- أيها الأغنياء أنفقوا، فربنا يقول: (ومما رزقناهم ينفقون).

2- أيها الأغنياء ابحثوا عن الفقراء الحقيقيين: جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ليس المسكين بهذا الطوّاف، الذي يطوف على الناس، فتردّه اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان. قالوا: فما المسكين يا رسول الله ؟ قال: الذي لا يجد غِنىً يغنيه، ولا يُفطَن له فيُتصدق عليه، ولا يسأل الناس شيئا).

3- أيها الأغنياء أيضاً أنفقوا بسخاء وإحسان: أنفقوا بسخاء لأن الله قال: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون)، وأنفقوا بإحسان لأن الله قال: (قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى)، وقال: (الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا مَنَّاً ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون).

عبر أي القنوات ننفق ؟

أقول أنفقوا عبر القنوات التالية:

1- عبر قناة الزكاة.

2- عبر قناة حقٍ سوى الزكاة. جاء في الترمذي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إن في المال حقاً سوى الزكاة).

3- عبر قناة الصدقة.

4- عبر قناة الهدية.

5- عبر الأوقاف أي الوقف.

من يرعى هذا الأمر ويشرف عليه ؟ هذه المسيرة الإنفاقية تكفلها الدولة الحاضنة من خلال المال العام الذي تأخذه من الناس. يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن مات وعليه دين ولم يترك وفاء فعلينا قضاؤه، ومن ترك مالاً فلورثته) رواه البخاري.

جاء في أخبار عمر للطنطاويين أنه قال: "والله ما أحدٌ أحق بهذا المال من أحد، والله ما أنا أحق بهذا المال من أحد، والله ما من أحد من المسلمين إلا له نصيب، ولئن بقيت – أي إلى عام قابل – لأعطين هذا المال صاحبه ولو كان بجبل صنعاء راعياً وهو في مكانه يرعى".

هذه الصورة وهذه اللوحة أريدها أن تكون مرسومة في أذهاننا، لأننا نبغي مجتمعاً متكافلاً متضامناً.

ثانياً: التآخي والمحبة: تعالوا أضع أمامكم صورة مرسومة للمجتمع الإسلامي من حيث محبة الأفراد.

1-صورة أولى: جاء في البخاري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد  بعضه بعضا).

2-صورة ثانية: يقول عليه الصلاة والسلام كما في مسلم: (مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).

3- صورة ثالثة: جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (المسلمون كرجل واحد إن اشتكى عينه اشتكى كله وإن اشتكى رأسه اشتكى كله).

كيف نحقق هذه المحبة ؟

هناك عوامل من أجل تحقيقها:

1- استشعار الإيمان الموجود فينا على أنه رابطة يؤلف بيننا، لذا أكد الله عز وجل عليه فقال: (إنما المؤمنون إخوة) على سبيل الحصر كأن أي رابط سوى الإيمان لا يعني إخوة.

2- من خلال إفشاء السلام، يقول عليه الصلاة والسلام كما في مسند أحمد (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنون حتى تحابّوا، ألا أدلكم على رأس ذلك، أو مِلاك ذلك، أفشوا السلام بينكم). والسلام ليس كلاماً فقط، ولكنه حالة تشعر بها وتُشعر بها من أمامك.

3- اللقاء والتزاور، يقول عليه الصلاة والسلام: (طوبى للمتزاورين فيَّ) لأن التزاور يُزيل الشحناء والبغضاء، يزيل الحقد والحسد...

4- التهادي، (تهادوا تحابوا) وليس المقصود أن تكون الهدية ثمينة فإذا ما قدمت لي هدية ثمينة بأسلوب غير جيد فهذا لا يؤدي إلى محبة، فقيمة الهدية من خلال الكلمات التي تحفها مهما كانت الهدية متواضعة.

ما الدليل على أنك أحببتني وعلى أني أحبك ؟

التعاون، إذا تعاونا على البر والتقوى فهذا يعني أننا متحابين، ولذا كان التعاون فريضة: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).

في النهاية ما الأجر الذي يحصده هذا المجتمع من المحبة والتآخي ؟

الأجر هو: (أين المتحابون بجلالي، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي) كما جاء في صحيح مسلم، وكلنا يعرف حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله – ومن جملتهم – ورجلان تحابا في الله).

إن عشت في ظل المحبة في الدنيا فستكون في ظل عرش الله يوم القيامة.

نحن نبغي مجتمعاً منشوداً يتسم بصفات كثيرة، وهي ثنتي عشر صفة، ذكرتها على منبر جامع التوحيد وأخذت من جملتها هاتين الصفتين، وقلت لأحدّثن بها إخوتي في جامع الرضوان.

اعذروني إن أطلت عليكم قليلاً، اسأل الله أن يجعلنا إخوة متحابين متكافلين، اللهم اجعلنا من أهل رمضان، اجعلنا من عتقائك من النار، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

التعليقات

شاركنا بتعليق