آخر تحديث: الثلاثاء 23 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
خطبة عيد الفطر 1428/ جامع الرئيس حافظ الأسد

خطبة عيد الفطر 1428/ جامع الرئيس حافظ الأسد

تاريخ الإضافة: 2007/10/13 | عدد المشاهدات: 2916

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.

الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلاً.

أما بعد، فيا أيها الإخوة الصائمون القائمون:

يا أبناء هذا البلد الطيبِ أهلُه، يا أبناء حلب، يا أبناء سورية:

كل عام وأنتم بخير، واعلموا أننا في هذا اليوم المبارك، نفرح بالعيد ونسعد بالعيد، ونُسرّ بالعيد، فللعيد دلالاته، وهي التي تجعلنا نسعد ونسر ونفرح. للعيد دلالات يمكن أن نلخصها بثلاث دلالات:

العيد يعني أولاً فرحة قبول: قد صمت رمضان، قد قمت التراويح في شهر رمضان، وتسأل ربك أن يتقبل منك صيامك، ولطالما قلتَ لربك: اللهم تقبل مني الصلاة والصيام، واجعلني من عتقائك من النار، وأدخلني الجنة من باب الريان. العيد يعني فرحة قبول لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال كما في الحديث الصحيح: (حتى إذا كان آخر يوم من رمضان غفر الله لهم جميعاً) فالعيد فرحة قبول، وقد حدثتكم في أكثر من مناسبة: دُخِل على الإمام عليّ رضي الله عنه في يوم عيد فرأوه يأكل خبز شعير، فقالوا: يا أمير المؤمنين خبز شعير في يوم عيد ؟ التفت إليهم قائلاً: "اليوم عيدُ من قُبل بالأمس صيامه، وحَسُن بالليل قيامه، اليوم لنا عيد، وغداً لنا عيد، وفي كل يومٍ لا نعصي الله فيه فهو لنا عيد".

فرحة قبول وقد مارس الصحابة الكرام هذه الفرحة. يروي الإمام مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن أبا بكر دخل عليها والنبي صلى الله عليه وآله وسلم عندها يوم فطر، أو أضحى، وعندها قينتان تغنيان فقال أبو بكر: "مزمار الشيطان" (مرتين)، فقال النبي  صلى الله عليه وآله وسلم: (دعهما يا أبا بكر، إن لكل قومٍ عيداً، وإن عيدنا هذا اليوم).

ثانياً: العيد يعني تعميق إنسانية: في العيد يزور بعضنا بعضاً، في العيد يهدي بعضنا بعضاً هدايا، في العيد يتفقد الغني الفقير، في العيد يتفقد الكبير الصغير، في العيد يتفقد الإنسان المقتدر الإنسان الضعيف، في العيد يعود الإنسان الصحيح الإنسان السقيم، في العيد يتبادل الناس الزيارات، نريد أن يكون العيد فرصة لتقوى رباط الوحدة فيما بيننا حتى نحقق اللوحة التي رسمها سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما قال كما في صحيح الإمام مسلم: (المسلمون كرجل واحد، إن اشتكت عينه اشتكى كله، وإن اشتكى رأسه اشتكى كله). نريد أن نكون في هذا إخوة نعمق وحدتنا الوطنية، نريد أن نتزاور وألا تقتصر الزيارة على المسلمين فحسب، ولكن أريد أن نزور أصحاب الدين الآخر لأنهم مواطنون، يزوروننا ونزورهم في أعيادهم وفي أعيادنا، لأن العيد فرصة لتعميق الإنسانية، رابطة بيننا، سيما نحن الذين نعيش في بقعة تسمى سورية، أسأل الله أن يوفقنا من أجل أن نعمق الإنسانية فيما بيننا من خلال التهادي، من خلال الوحدة، من خلال التناصح، من خلال التناصر، من خلال التعاون، من خلال اللقاء على ما ينفع الوطن وعلى ما يرضي الله عز وجل.

ثالثاً: العيد يعني تدعيم صلة بالوطن: تدعيم صلة بالأرض، هذه الأرض أرض وطنكم أنتم يا من صمتم رمضان، يا من قمتم رمضان، اسمعوا حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما قال كما في الحديث الصحيح الذي يرويه البخاري ومسلم: (الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان) وإماطة الأذى عن الطريق حماية للوطن، ورعاية للوطن. وانظر بعد ذلك باقي الشعب. أفلا يدخل في هذه الشعب بناء الوطن وخدمة الوطن ورعاية الوطن ودفع المكروه عن الوطن والتعاون فيما بيننا من أجل أن نقف أمام عدو يتربص بنا الدوائر ويريد النيل من أوطاننا ليس في سورية فحسب، وإن كانت سورية هي المستهدف الأول باعتبارها دولة متماسكة تجمع بين الشعب وبين الدولة جمعاً طيباً يقوم على الشورى والنصيحة والتعاون البنّاء الذي يهدف إلى تحقيق التماسك المؤدي إلى تطور وحضارة وتنمية، وهذا ما نحرص عليه، وإلا فإن بنياننا متصدّع وإن عبادتنا ناقصة، العبادة كُلٌ متكامل، أنت تصوم أنت تعبد الله، أنت تخدم وطنك أنت تعبد الله، أنت تزور أخاً لك أنت تعبد الله، أنت تتفقد المساكين أنت تعبد الله، أنت في أرضك تزرع من أجل تطوير ورعاية وحماية بلدك أنت تعبد الله، العبادة كل متكامل تفترش الأرض والسماء، تفترش الأرض عملاً وتفترش السماء نية صالحة خالصة لوجه الله جلت قدرته.

أذكركم بأن العيد يعني فرحة قبول وتعميق إنسانية وتدعيم صلة بالوطن والأرض.

ونسأل الله أن نكون هنا في سورية برعاية رئيسٍ يتبنى هذه المعايير، ولطالما تحدَّث عنها في جلساته، في لقاءاته السيد الرئيس بشار الأسد، نسأل الله أن يكون كما عهدناه وأن يزداد حكمة، وإنه ذاك الذي قال يوم كنا من يومين في ضيافته على مأدبة الإفطار: إن سورية بفضل الله محمية، لأن بلاد الشام، كما جاء في كل الكتب المقدسة، إن بلاد الشام حاميها ربنا عز وجل، أوليس النبي صلى الله عليه وسلم قال، وأنا أقول هذا تدعيماً، أو ليس النبي قال: (طوبى للشام، إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها على الشام).

أسأل الله أن يوفقنا لكل خير وأن يعصمنا من كل شر، وأن يجعلنا من العابدين، من الذين يعملون لفرحة قبول، وتعميق إنسانية، وتدعيم صلة بالوطن، أقول هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت بتاريخ: 13/10/2007

 

التعليقات

شاركنا بتعليق