آخر تحديث: الجمعة 26 إبريل 2024
عكام


أخبار صحـفيـة

   
الدكتور عكام: رمضان مدرسة الحرية / موقع "حلبيات"

الدكتور عكام: رمضان مدرسة الحرية / موقع "حلبيات"

تاريخ الإضافة: 2008/09/29 | عدد المشاهدات: 3050

التقى موقع "شبكة حلبيات" بتاريخ 29/9/2008 الدكتور الشيخ محمود عكام وسأله عن شهر الصيام وفضيلته، وعلاقة الصيام بالحرية، ومواضيع أخرى... وفيما يلي نص اللقاء:
"الصوم عبادة شرعها الحكيم الخبير العليم بأمور خلقه ورعاية مصالهحم، فما أمرهم بشيء إلا لكون الخير فيه لهم، وما نهاهم عن شيء إلا لأن الشر يصيبهم منه، ومعلوم أن شرائع الإسلام تطوف حول مصالح العباد في دنياهم قبل آخرتهم ﴿كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون﴾ فهذا الشهر العظيم يعلِّم الناس من خلال فريضة الصيام يعلمهم الحرية، جاء في الحديث القدسي: (فإن سابَّه أحد أو شاتمه فليقل: إني صائم) فإذا قلت لمن يشتمك في رمضان وأنت صائم أو لمن يسبك في رمضان وأنت صائم إذا قلت لهذا الشاتم وهذا السابّ: "إني صائم" فأنت حر لأنك اخترت أمراً كان العقل وراء هذا الاختيار وكان المنطق والخلق الحميد وراء هذا الأمر، لذلك رمضان مدرسة الحرية".
بهذه الكلمات تحدث فضيلة الدكتور"محمود عكام" مفتي حلب عن شهر الصيام رمضان، وأضاف فضيلته: «الصيام عبادة تزكو بها النفس ويرتقي بها الخُلق ويتحقق بها التراحم ويُستعان بها على تعلّم الصبر، ويتخلص بها الجسد من فضلاته الضارة وسمومه القاتلة، وتتحرر بها النفس من ضغوط مألوفاتها وأسرِ عاداتها لتتمتع بالحرية النظيفة في اختيار مصالحها وطلب منافعها بعيدة عن ضغوط الشهوات الآسرة والرعونات القاتلة، والصيام بعد ذلك أداءٌ لحق المعبود والتماس لحبه المقصود، ومظهر من مظاهر شكره على نعمه التي لا تعد ولا تحصى. قال ابن القيم:"إن مصالح الصوم لما كانت مشهودة بالعقول السليمة والفطرة المستقيمة شرعه الله تعالى رحمة بهم وإحساناً إليهم". وقال: "للصوم تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة والقوى الباطنة فالصوم يحفظ على القلوب والجوارح صحتها ويعيد إليها ما استلبته منها أيدي الشهوات". وقال الغزالي: "إن مقصود الصوم كسر الهوى لتقوى النفس على التقوى فيصفو عند ذلك القلب"».
وعن برنامج رمضان قال الدكتور"عكام":«أتمنى وآمل أن يكون البرنامج في رمضان بالنسبة لنا جميعاً هو: أن ينكفئ كلٌ منا على نفسه، أن يواجه نفسه، أن يحاسب نفسه، أن يقف كما يقال أمام مرآة ذاته، مَن أنا ؟ ما الذي أقوم به ؟ ما الذي أعمله ؟ هل ما أقوم به أقوم به على أساس صحيح ؟ هل ما أتركه أتركه على أساس من علاقة طيبة مع ربي؟».
وقال فضيلته موجها نداءه للصائم: «أريدك في رمضان أن تنكفئ على ذاتك، وأريدك في رمضان أن تصلي ركعتين كركعتين قرأت عنهما، صلاهما أحد الذين تعجب بهم، أحد الصحابة أحد التابعين، أريدك في رمضان أن تصوم يوماً كهذا الذي صامه عمر وعثمان وعلي... لن أقول كهذا الذي صامه رسول الله صلى الله عليه وسلم فالقضية بعيدة جداً، كهذا الذي صامه الجنيد والحسن البصري والغزالي والرازي وأولئك الذين نحبهم ونعجب بهم ونقدم أنفسنا من خلالهم وننتمي إليهم بأنهم أجدادنا وأننا أحفادهم».
وعن علاقة الصيام بالحرية قال الدكتور"عكام": «رمضان اختيار بين ممكنين، بين صوم مفروض وبين فطر مرفوض، من الذي فرض عليك الصيام ؟ ربك. من ربك ؟ الذي خلقك. من خلقك ؟ الرحمن الرحيم. من الرحمن الرحيم ؟ هو الذي يرحمك، هو الذي يتولاك، هو الذي يريد الخير لك، هو الذي فرض عليك الصيام. فإن اخترت الصيام المفروض من قبل ربك الرحمن الرحيم الخلاق كان ذلك تعبيراً عن حريتك، وإن اخترت الفطر المرفوض، صحيح أنك اخترت، وصحيح أنك حر إذ تختار بين ممكنين، لكن الحرية هذه هي حرية في الظاهر وفي حقيقتها عبودية لشهواتك. عندما تُغلِّب أمر شهواتك على أمر ربك، عندما تُغلِّب أمر نزواتك على أمر ربك، عندما تُغلِّب أمر هذا الذي يقبع في داخلك من شيطان يريد أن يؤزك أزاً على أمر ربك فأنت لست حراً حتى ولو كانت الحرية صفة لك في الظاهر. بين صيام مفروض وبين فطر مرفوض، إن اخترت الصيام المفروض فأنت حر، وإن اخترت الفطر المرفوض فأنت حر ظاهراً لكنك في حقيقتك رقيق شهواتك لكنك في حقيقتك عبد نزواتك، ولذلك وصف ربنا العليم الخبير أولئك الذين اختاروا الطرف الآخر الأحرار حسب الظاهر بأنهم عبيد لأهوائهم، يتبعون أهواءهم، وقال شاعرنا:

عدت لأهوائك عبداً وكم *** تستعبد الأهواء أربابها»

وفي كلمته الأخيرة قال فضيلته:«صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما قال: (صوموا تصحوا). وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه). فاللهم اجعلنا من عتقائك من النار واجعلنا من عتقاء شهر رمضان وأدخلنا الجنة من باب الريان بسلام، واللهم احفظ البلاد والعباد واجعلنا ممن يعمل لخدمة الأخلاق الحميدة والعقيدة السديدة والشريعة الرشيدة، كما نسألك أن توحد المسلمين والعرب على أفضل الكلام وأصدق الأفعال وأنبل الصفات».

حاوره: ياسر عبد الرحيم

لقراءة الحوار من المصدر، لطفاً اضغط هنا



التعليقات

شاركنا بتعليق