آخر تحديث: الجمعة 19 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
سمات علاقة الإنسان بأصدقائه -2

سمات علاقة الإنسان بأصدقائه -2

تاريخ الإضافة: 2009/01/23 | عدد المشاهدات: 2864

أما بعد، فيا أيها الإخوة المؤمنون:

تذكرون قبل الأحداث التي مرت وألمّت بنا وأظنها لا تزال، قبل الأحداث كنا في حديثٍ عن علاقة المسلم بمن حوله وما حوله، عن علاقة المسلم بربه تحدثنا عن ذلك، وعن علاقة المسلم بذاته نفساً وجسماً وروحاً وعقلاً، وعن علاقة المسلم بغيره من ولد ووالد وأم، وعن علاقة المسلم بأقربائه وأرحامه، وعن علاقة المسلم بجيرانه وابتدأنا الحديث عن علاقة المسلم بإخوانه وأصدقائه، والحديث هذا حديث علاقات المسلم بمن سواه ومن سواه لا ينفصل عن الحديث عن الأحداث، لأن هذا الحديث، أعني الحديث عن علاقات المسلم بمن حوله وما حوله، هو حديث عن تخطيطٍ لأحداث يمكن أن تأتينا، أو بالأحرى حديث عن أحداث نريد أن نكون فيها فاعلين فعلاً لا أن نكون منفعلين كما هو الحال في تلك الأحداث التي مرّت، إلا من رحم الله وبصدق وأمانة ومن لم يصدقك لا يمكن أن يكون لك صديقاً، فبالأحداث كنا منفعلين، وأكرر إلا من رحم الله، ولم نكن على مستوى الفاعلية وللأسف الشديد، كنا منفعلين، كنا ننفذ ما تملي علينا هوامش الأحداث، وبعد الأحداث لا زلنا منفعلين، ولا زلنا نبحث عمَّا نخدع به أنفسنا حتى نتابع مسيرة الكسل، ولعل الوصف للأحداث التي مرت بالنصر هو ما يجعلنا نثَّاقل إلى الأرض، هو ما يجعلنا نمعن في مسيرة الكسل التي نحن عليها، أنا لا أريد وهذا رأيي أن نصف هذا الذي مررنا به ومرَّ بنا على أننا كنا فيه منتصرين، ولكن من باب الصدق مع النفس أريد أن أقول: نحن كنا فيما مرَّ بنا ومررنا به كنا مقصرين، والدليل على أننا مقصرون سؤالٌ يمكن أن أطرحه على نفسي وعليكم: هل هذه النتيجة التي حصلت هي تلك النتيجة التي كنتم تبغونها لو أنكم كنتم مُخططين، ولو أنكم كنتم فاعلين ؟ أم أنكم رضيتم بالنتيجة لأنكم تعرفون ما قدَّمتم، ولأننا نعرف ما قدمنا على كل المستويات، على مستوى الشَّعب وعلى مستوى الحكومات وعلى مستوى الحركات وعلى مستوى الجماعات، فلا تخدعوا أنفسكم وعلينا ألا نخدع أنفسنا، وعلينا، وعلى كل واحدٍ منا أن يعيد النظر في نفسه في علاقته بذاته - كما أشرنا في خطب سابقة - من جديد، وعلى كل واحد منا أن يعيد النظر في كلامه الذي يتكلم فيه، سواءٌ أكان هذا الكلام إخباراً أم إنشاءً، هل أنت صادقٌ فيما تنقل ؟ وهل أنت متحقق ومحقق فيما تُنشئ ؟ في أمرك الذي تأمر به، في نهيك الذي تنهى عنه، هل أنت متحقق ومحقق ؟ وهل أنت موثِّقٌ ومتوثق وموثَّقٌ فيما تنقل عنه ؟ أسمع من هذا اتهاماً لذاك هو خائن، فهل أنت يا مَن تقولُ هذه الكلمة هل أنت موثِّق هذا الذي نقلت ؟ ذاكَ يقول عن آخر إنه عميل، وثالث، ورابع، وآخر يقول إنه كذا، وسادس يقول انتصرنا، وسابعٌ يقول لقد حطَّمنا وقهرنا العدو. كل ذلك أمنيات، ولكن هل يمكن أن تكون الأمنية خبراً ؟ وهل يمكن أن تكون الأمنية التي تريدها لولدك خبراً تنقله عن ولدك ؟ إذا لم يكن ولدك صالحاً وأنت تتمنى أن يكون ولدك صالحاً فهل تنقل عن ولدك بأنه صالح ؟ نحن نجعل من الأمنيات الإيجابية والسلبية أخباراً، ونحن نجعل من الأخبار أمانيَّ. فلا يجوز هذا يا إخوتي، لذلك لن أسرح في هذا الحديث طويلاً، سأعود إلى تبيان علاقة المسلم بإخوانه وأصدقائه، قلت هذا الذي قلت من أجل أن أؤكد على ضرورة أن تكون مثل هذه الخُطب التي نقولها على مثل هذا المنبر أو على غيره من المنابر، أن تكون ورقة عمل بين أيديكم، وأن تضعوها أمام أعينكم وأن تستشعروا أولاً وآخراً رقابة الله لكم، وأن الله رقيب عليكم في كل ما تقولون وفي كل ما تفعلون، وكفانا أننا اكتفينا برفع شعار الإسلام على عملٍ ما، واعتبرنا أن هذا العمل بمجرد أنا رفعنا شعار الإسلام حين العمل على أنه عملٌ مشروع، لا يا إخوة، رفع شعار الإسلام في عملٍ ما لا يعني أن العمل هذا غدا مشروعاً أو غدا مقبولاً إسلاماً أو ديناً أو قرآناً.

حديثي معكم حديثٌ عن علاقة المسلم بإخوانه، ولقد بدأنا ذلك فقلنا إن عنوان هذه العلاقة هو الحب في الله، وتحدثنا مليّاً عن الحب في الله، وأنا آمل منكم أن يمحّص كلٌ منا قلبه، وأن يمحّص علاقة قلبه بقلب أخيه هذا الذي يجلس بجانبه، تحدثنا عن عنوان العلاقة، والآن سنتحدث عما يوصلنا إلى التحقق بهذا العنوان، إلى أن نكون متصفين فعلاً بهذا العنوان، بعنوان الحب في الله، ولقد قلنا بأن المتحابين في الله على منابر من نور يوم القيامة، ولقد قلنا إن المتحابين في الله أيضاً حسبما كلمنا وحدثنا وأخبرنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وآله وسلم إن المتحابين في الله يحبهم الله ويتولاهم الله، أتريدون أن تصلوا إلى عنونة علاقتكم بإخوانكم بأصدقائكم بمن يصلون معكم أتريدون أن تصلوا إلى عنوان هذه العلاقة بالحب في الله ؟ إذن فلنسمع القواعد التي يجب أن تحكم هذه العلاقة حتى نصل إلى التحقق في الحب في الله جلَّ شأنه.

أولاً: بالنسبة لأخيك، بالنسبة لصديقك: إياك ومقاطعته وهجرانه، لا تهجر أخاك، لا تقاطعه، أوما سمعت، وأعتقد أنك سمعت، وأنت الذي تقول بأنك تتأسَّى وتقتدي بسيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام، يلتقيان فيُعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) روى ذلك البخاري ومسلم. انظر نفسك كم هجرت من إخوةٍ لك فوق ثلاثة أيام ؟ كم هجرت من صديق لك لغرض شخصاني أكثر من ثلاثة وأربعة وخمسة أيام ؟ أتريد أن تسمع أكثر من هذا ؟! النبي الكريم والسيد السند العظيم والمرشد الأقوم يقول كما يروي البخاري في الأدب المفرد: (من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه) كأنه قتله، هجرنا بعضنا كثيراً، ثم بعد ذلك قلنا إبّان حدثٍ قاسٍ مرَّ علينا لمَ لمْ ننتصر ؟ ولمَ لا ننتصر ؟ أين مقومات النصر حتى ننتصر ؟ وأين مُسبِّبات النصر حتى ننتصر ؟ ألا ساءَ ما نطلب، ألا ساء ما نمنّي به النفس، وبئسما نفعل.

يا هذا تذكّر قول النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيح الإمام مسلم: (المسلم أخو المسلم) كم سمعنا هذا الحديث ؟ سمعنا هذا الحديث مرات ومرات، (المسلم أخو المسلم، لا يخذله ولا يحقره، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه) استبحنا أعراضنا فاستباحت إسرائيل أرضنا ويبقى الجزاء أقلَّ مما نستحق، وما أعتقد أنكم تطلبون الدليل لأنكم إذا طلبتم الدليل على استباحتنا أعراضنا ودماءنا فإنكم عند ذلك، واعذروني قد وضعتم على أعينكم حجاباً.

في كل يوم وعلى مستوى بسيط جداً أقرأ في صحيفة حلب فلان قتل فلان، وفلان تشاجر مع فلان فأرداه، حادثةٌ أوقعت قتيلين، ثلاثة قتلى، حادثٌ مروري أودى بحياة عشرين شخصاً، هذا على مستوى بسيط، فاقرؤوا ما يحدث هنا وهناك، كيف استباح بعضنا دم بعض، وعِرض بعض، أتريدون أن تعنونوا علاقتكم ببعضكم أنتم يا من تقولون عن بعضكم بأنكم إخوة ؟ إذن لا تهجروا بعضكم، ولا تحقروا بعضكم: (لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا) هكذا قال سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما في الحديث الصحيح.

القضية قضية جدّ، فإما أن نكون جادّين, وإما أن نكون أصحاب هواية ضعيفة وضعفاء، ولا أريد أن يكون اجتماعنا على مستوى العالم الإسلامي لسماع خطبة الجمعة، أن يكون عادة بسيطة جداً لا تتجاوز ذهاباً إلى بيتٍ أرتاده من أجل قضاء بعض الوقت، لأعود بعدها إلى بيتي ولا أشعر بأي شيء حملته من مسجدي الذي صليتُ فيه.

الأمر الثاني: التسامح والعفو، نحن نقرأ في كتاب الله عز وجل: ﴿والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين﴾ استعرض حياتك أنت، كم كظمت غيظك مع أخيك، مع أبيك، مع صديقك ؟ وأنتَ الذي تتباهى بهذه الآية على أنها آية في قرآنٍ تنتمي إليه، كم كظمت غيظك أمام ولدك، أمام جارك، أمام زوجتك، أمام شعبك، أمام الموظفين عندك أنت أيها المسؤول الكبير كم كظمت غيظك ؟  ﴿والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين﴾ و: (ما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا زاده عزاً) هكذا قال سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في الحديث الصحيح. كم عفوتَ عن جارك الذي أساء إليك ؟ كم عفوت عن صديقك الذي بدرت منه بادرة سوء تجاهك ؟ كم وكم... ؟ سجل هذا في كتابك حتى لا تقول إذا ما فعلت أمراً ما، لقد فعلت الكثير الكثير، لا، لم تفعل الكثير الكثير، بل فعلت القليل القليل القليل، وبالتالي لم تفعل شيئاً، ودعونا من أن يمجّد الإنسان نفسه فكفانا أن هذا التمجيد لأنفسنا ضيّعنا، وأن الاعتراف بما بما قدّمت أيدينا على سبيل الحقيقة انتفى عنا وبالتالي لم نعد أمة تستطيع نقد ذاتها، وبالتالي لن تكون قادرة على ان تقود غيرها.

ثالثاً: هل أنت تتلقى إخوانك بوجه طليق ؟ قد تقول لي: لمَ أفردت هذا بعنوان خاص ؟ أقول لك: لأن البسمة طريقٌ إلى القلب شئنا أم أبينا، وكم تجافت القلوب لأنك لم تلقَ من هذا الذي لقيكَ بسمة مرسومة على شفته أو على وجهه، (تبسمك في وجه أخيك صدقة) هكذا قال سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الترمذي: (لا تحقرنّ من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق) هكذا قال أيضاً سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي تحبونه يا ناس، أنا لا آتي بأحاديث من رجلٍ لا تدَّعون حبه، أنتم الذين تقولون نحب رسول الله ونحن نعشق رسول الله، هكذا قال سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تحقرنّ من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق) فإذا ما لقيت أخاك بوجه طليق اطمأنَّ أخوك، لكنك إن لقيت أخاك بوجهٍ غير طليق، بوجه عابس فُقدت الطمأنينة من قلب أخيك، وبدأ العد التنازلي لضياع اللقاء فهل تريدون هذا ؟ حدثوني بربكم هل تدخلون بيوتكم بوجه طليق ؟ هل تدخلون دوائركم بوجه طليق ؟ أنتَ أيها المسؤول، أنت أيها العسكري، أنت أيها الضابط، صارت سمة العبوس ضرورة من أجل أن يكون الضابطُ ضابطاً مُحترماً، ومن أجل أن يكون المدير مديراً محترماً، ومن أجل أن يكون الأب أباً محترماً، ومن أجل أن تكون المرأة محترمة، وهكذا دواليك... ومن أجل أن يكون الأستاذ في الجامعة والمدرسة والجامع ومن أجل أن يكون الشيخ كما يظن موهوماً محترماً (ولو ان تلقى أخاك بوجه طليق).

رابعاً: النصح بصدق، انصح أخاك بصدق، الدين النصيحة ولقد كان الصحابة الكرام يبايعون رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم على ماذا ؟ أتدرون علام كان الصحابة يبايعون رسول الله ؟ كان الصحابة يبايعون رسول الله على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكلِّ مسلم، هذا النصح يجب أن يكون على أساس من أن أخاك أنت، كما تنصح نفسك بلطفٍ ورفق انصح أخاك بلطفٍ وذوق وأنس، لأنك أنت مرآة أخيك ولأنك أنت مرآته، هكذا قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يا ناس، نحن نحب أن نكثر في الخطبة من أحاديث رسول الله لأنها الأصل في التوجيه وكلنا من رسول الله مُلتمس، وكلنا من رسول الله مقتبس، وكلنا من رسول الله ولرسول الله متبّع، سيدي رسول الله يقول لنا وبكل بساطة: (المؤمن مرآة أخيه، إذا رأى فيه عيباً أصلحه) تصلحه على أساس أنَّ أخاك أنت، وعلى أنك أخوك، وإلا كيف تريدون أن نقدّم أنفسنا للعالم اليوم ؟ أتريدون أن نقدم أنفسنا على أساس ما نتمنى أن نكون عليه، وهذا كذب أم تريدون أن نقدّم أنفسنا على أساس الواقع، على أساس ما نحن عليه ؟ فإن قدمنا أنفسنا على أساس ما نحن عليه فو الله إننا لصائبون، وإن قدمنا أنفسنا على أساس ما نتمنى أن نكون عليه فإننا كذابون، لكن السبيل هي أن نقدّم أنفسنا على أننا ننشد بصدق أن نكون كذلك وأن نتتحقق بذلك، ومن الذي يبدأ ؟ أنت، لا تحمّل غيرك المسؤولية، أنت المسؤول، ولكلٍ منا حدود، ولكل منا مساحة، ولكلٍ منا مجال يشغله ويُسأل عنه، ولكل منا مساحة هي في حدود ذاته، في حدود عقله، في حدود جسمه، في حدود روحه، في حدود قبله، فابدأ بنفسك أنت ولا تحمّل الآخر المسؤولية لتبقى أنت هكذا سارحاً من غير شعورٍ بمسؤولية ألقاها على عاتقكَ ربك وسيدنا محمد صلَّى الله عليه وسلَّم أيضاً. ألقاها عليك ربك حينما قال: ﴿وقفوهم إنهم مسؤولون﴾، و: ﴿فوربك لنسألنهم أجمعين﴾ فهل أنت مُستنثنى من أجمعين ؟ لا. النصح بصدقٍ، على أساسٍ من أن أخاك أنت، وأنك أنت أخوك، على هذا الأساس، على أساس من حُب، على أساس من شعور بالتواصل والانتماء، على أساسٍ من أن المسلمين، وما أجمل هذا الحديث حين نجعله مُجَسَّداً من قِبل أولئك الذين كانوا مع النبي محمد صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ورضي الله عنهم، (مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) لا نريد أن نستعمل معرفتنا الشرعية بفن الغيبة، إن الذين يقومون بفنٍ في الغيبة، أي إن غيبتهم مُفنَّنة متقنة، أولئك الذين يعرفون الشريعة، أنا لا أتحدث عن كلهم وحاشا، ولكن هذا الذي يدرس الشريعة عندما يرتكب غيبةً، كلمة تتعلق بغيبة أو نميمة فهو فنان في هذا الأمر، لأن لديه ألفاظاً لا يستطيع الآخر أن يقولها، وأن يوجهها إليه، أما هذا فيحسب نفسه ملكاً لها ومالكاً عليها وحارساً عليها، فهو يتهم الآخر بالمروق والفسق والعصيان والكفر والبهتان، وكل هذه كلمات ومصطلحات قرأها حين درس الشريعة، نحن نريد من طلاب الشريعة ومن دارسي الشريعة أن يكونوا أكثر استيعاباً لغيرهم من غيرهم لهم، وإلا فلستم أهلاً لأن تدرسوا الشريعة، لكن المشكلة لا أقول في كلها، ولكن في أغلبها، أن أولئك الذين يدرسون الشريعة هم أضيق من أن يتسعوا لغيرهم، وأن غيرهم اتَّسع لهم أكثر، فلماذا هذا يا إخوتي ؟

قدِّموا أنفسكم يا هؤلاء على أنكم الأنموذج من خلال السَّعة، فالحضارة سعة، من خلال التحمُّل، فالتحمل خُلُق الأنبياء، من خلال كظم الغيظ، فكظم الغيظ هو شعار الصالحين والأولياء والكاظمين الغيظ، من خلال العفو عن الناس، فالعفو عن الناس من شِيم الكرام، من خلال الصَّفح، لأن الصفح هو تلك الصفة التي يتحلى بها أولئك الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه.

أسأل الله أن يوفقنا أن نكون على مستوى ديننا كما هو في حقيقته، لا على مستوى ديننا الذي وضعناه في عقولنا، فكان هذا الدين عاداتٍ ورثناها، وكان هذا الدين عباراتٍ نقلناها عمن نثق بهم أكثر ممن نثق بنبينا وقرآننا وصحابة نبينا عليهم الصلاة والسلام ورضي الله عنهم.

اللهم ردنا إليك رداً جميلاً، نعم من يسأل أنت، ونعم النصير أنت، أقول هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت بتاريخ 23/1/2009

التعليقات

شاركنا بتعليق