أما بعد، فيا أيها الإخوة الملبّون:
كلنا يقول: "لبيك اللهم لبيك"، يا أيها الإخوة يا من دعا لكم إخوانكم الحجاج بالمغفرة فغُفرت ذنوبكم إن شاء الله، أوليس النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إن الله يغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج) وأعتقد أن الحجاج اليوم يستغفرون لأنفسهم ويستغفرون لإخوانهم فطوبى لكم باستغفار الحجاج لكم، فقد غُفرت ذنوبكم بوعدٍ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي لا ينطق عن الهوى وإنما يوحي إليه ربنا ما يوحي.
أيها الإخوة: العيد غفران الذنوب ونظرة رضا من المحبوب، والله عز وجل نظر إلينا إن شاء الله ورضي عنا، أوليس الله عز وجل قد عدَّ الحجاج وفده، أوليس الله عز وجل قال بالنسبة لهؤلاء الحجاج بأنهم سيعودون كما جاء على لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم كما ولدتهم أمهاتهم ؟
فيا أيها الإخوة المؤمنون هنا وفي كل مكان: اعتقدوا أن العيد مغفرة ذنوب ونظرة رضا من المحبوب وبعد ذلك ما عليكم إلا أن تتعاونوا فيما بينكم لأن الله يحبكم أن تكونوا جميعاً كاليد الواحدة يحبكم أن تكونوا صفاً كأنكم بنيانٌ مرصوص.
يا أيها الناس: تذكروا هذه الأمور الثلاثة، اطلبوا من الله أن يغفر ذنوبكم، واطلبوا من الله أن يرضى عنكم، واطلبوا من الله أن يوفقكم، واسعَوا جاهدين من أجل أن تكونوا مع بعضكم أمة واحدة لا تُخترَق، فإذا ما كنتم كذلك فأنتم أصحاب عيد، ومن لم يكن كذلك فلا عيد له.
العيد أن تجتمع هذه الأمور الثلاثة، فبالله عليك قل لي: أي عيد هو لك تعيشه وقد - لا سمح الله - لم تغفر ذنوبك ؟ وأي عيد تعيشه إذا كان الله لا ينظر إليك نظرة رضا ؟ وأي عيد تعيشه إذا كان بينك وبين أخيك الذي يعيش بجوارك حقدٌ وشحناء وبغضاء وعداوة ؟ أي عيد يأتيك وأنت على حالٍ لا تحمدُ عليها ولا تحسدُ عليها من قبل الأخيار الذين إذا ما حسدوك حسدوكَ حسد غبطة، تمنوا لك كل خير وتمنوا لأنفسهم كل خير.
تذكروا هذا يا إخوة، وإذا خرجت أنت أيها الشاب من هذا المسجد أو من مسجد آخر ادعُ الله بالمغفرة وادع الله أن يرضى عنك أفلا تريد أن تغفر ذنوبك ؟ أفلا تريد أن يرضى الله عنك ؟ أنت تفعل من أجل أن يرضى عنك أبوك ومن أجل أن ترضى عنك أمك ومن أجل أن يرضى عنك مديرك ومن أجل أن يرضى عنك رئيسك، فلم لا تسعَ من أجل أن يرضى عنك ربك، وإرضاء ربك أمرٌ أسهل من أن ترضي أباك وأمك ورئيسك ومديرك، إرضاء ربك أن تتوجه إليه لتقول على سبيل المثال: (اللهم أنت ربي وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت).
وأنت ذاهب إلى البيت وأنت في بيتك وأنت ذاهبٌ إلى معايدة أقربائك أكثر من التوجه إلى ربك أنت أيها الشاب حتى يرضى ربك عنك، وإذا رضي ربك عنك فأنت في عيد، إذا غفرت ذنوبك فأنت في عيد، إذا كان صدرك سليماً من الأذى والغل والحقد والحسد على الناس على المؤمنين فأنت في عيد، تذكر هذه الجمل الثلاث وأنت في عيد الأضحى هذا، تذكر أنه إذا استغفرت ربك غفرت ذنوبك وإذا استرضيت ربك بصدق فرضي الله عنك، وتذكر إن صدرك كان سليماً فأنت في عيد. وإلا فلا، وأنا لا أريد أن تكون وإلا فلا، وإنما أريدك أن تسعى جاهداً في التحقق بهذه الأمور الثلاثة.
أسأل الله أن يوفقنا وأن يجعل بلدنا بلداً آمناً وأن يجعلنا في حرزه وأمانه ورعايته وتوفيقه وحفظه، وأن يحفظ هذه البلاد من أقصاها إلى أقصاها وأن يجعلها قائمة بأمره جل وعلا، نعم من يسأل ربنا ونعم النصير إلهنا، أقول هذا القول وأستغفر الله.
ألقيت بتاريخ 27/11/2009
التعليقات