رجال عرفتهم وغادرونا
الشَّيخُ الحبيب محمَّد مُجاهد شعبان
صديقٌ غالٍ وقريب
وهنا لا أستطيع الكتابة دون أن أذكر في البداية: أنَّ الشيخ مجاهد شيخٌ لا كالشيوخ، فهو الوجيه والمدرِّس والمدير وذو المكانة لدى القريب والغريب والصَّغير والكبير، فأينما تضعه وأينما تجده فهو الرشيد الأمين، والمحبب الودود، ولقد كان على العلم جِدّ حريص، وكان بالمعرفة والثقافة رؤوفاً رحيماً.
هو صاحبي، هو محاوري، هو في المجالس واللقاءات الاجتماعية شريكي ومُسعِفي ومُنجدي، لا يتركُ ذا معرفة إلا ويجدُّ في الأخذ عنه، ولا يدعُ فرص الإفادة تفوته، دائمُ القراءة والاطِّلاع، لا يمرُّ عليه يوم دون أن يزداد علماً يقرِّبه إلى الله، يحسن التَّدريس إلى حدِّ أنَّ طلابه يعشقونه، ويحسِنُ كسبَ قلوب العامَّة من خلال تواضعه ومخاطبتهم على قدر عقولهم، صَحِب أكابر الشُّيوخ وأخذ عنهم وأحبَّهم وأحبوه، وصحِبَه نجباء الطلبة وأخذوا عنه وأحبوه وأحبهم.
ذو دُعابةٍ، وصفته خِفُّة الظلِّ، يمزح ولا يؤذي مُمازحه وحاشا، لا يملُّه جلساؤه مهما امتدَّ الوقت وطال، كنا أنا وهو روحاً في جسدين، نتعاونُ على البرِّ والتقوى، ونتنافس في متابعة الرِّجال والإفادة منهم، همُّنا واحد، ينصبُّ على رعاية جيل جاء بعدنا، فإذا خلونا أو كنا مع مَن نحب ولا كلفة بيننا وبينهم، ضحكنا ضحكَ طفلين معاً ومزحنا فسارع مَن معنا إلى إبداءِ إعجابه اللامتناهي بنا. لقد تواصينا يا مجاهد على أن يأخذ النَّاجي منا بيد الهالك، ونحن على العهد باقون، وتآخينا على النصيحة في الدنيا والشفاعة في الآخرة فنعمّا هذا التآخي.
رحمك الله، أسكنك الفردوس الأعلى، ونعَّمك بالنظر إلى وجهه الكريم. والحمد لله رب العالمين.
محمود عكام
التعليقات