الحقيقة هي الحقيقة، والحق مجلاها ومحدِّدها، وكلنا يبغي الحقيقة فهو على حق في منشوده وغايته، وعليه أن يصل إلى الحق في الشأن الذي يشتغل عليه، وأما المثل الأوضح لهذا: فالخلق كلهم صورة ولكل صورة حقيقة، وقد تجلَّت الحقيقة في الحق وأنت – إذاً – أمام خلقٍ وحقٍ، أي: أمام صورة وحقيقة، وعجيبٌ أمر ذاك الذي يرى الصورة ويؤمن بها لأنه يراها ويقف عندها دون الإمعان والمتابعة للبحث عن الحقيقة الدَّاعمة للصورة والمثبتة لها، ويرحم الله ذاك الأعرابي الذي قال: "سَماءُ ذاتُ أبراج، وأرضٌ ذات فِجاج، أفلا تدلان على العليم الخبير"، وما دام الحديث عن مفعول فثمة فاعل حتماً، وهل أنت يا هذا إلا مخلوق مطبوع مفطور مجبول مرزوق... ؟! وبالمقابل – ومن خلال معادلة الصورة والحقيقة – هناك خالق وطابع وفاطر ورازق...

وأخيراً: ماهيّة الحق حقيقة، وماهيّة الخلق صورة، وإن طَهُرت الصورة وكانت نقية تجلت من خلالها الحقيقة ناصعة، وفعلاً ثمة أناس إن أنت نظرت إليهم قلت: ما أعظم الخالق، وسبحان الله، والله...

حلب

27/11/2019