آخر تحديث: الثلاثاء 23 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
فِقهُ الجِوار -2-

فِقهُ الجِوار -2-

تاريخ الإضافة: 2022/02/04 | عدد المشاهدات: 603

 

أما بعد، فيا أيها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

فتَحنا وقلَّبنا صَفحات فِقه الجوار، وقلنا في الصَّفحة الأولى يجبُ أن نَعِيَ هذا الفقه وأن نتعلَّم الأحكام والآثار والأحاديث الواردة والمتعلقة بالجوار، وأما الصفحة الثانية فقلنا من أُولى أحكام فقه الجوار التَّعامل مع الجار بعدلٍ وإحسان، وبيَّنا ما يجبُ في العدل وما يُراد في الإحسان، وقد استوفينا هذا في الأسبوع الفائت. أما اليوم فأمامنا صفحاتٌ لهذا الفقه:

 الصَّفحة الأولى: والتي نريد أن نقرأها بتدبُّرٍ عنوانها: من آذى جاره فقد ارتفع الإيمان عنه: هكذا قال سيدنا وقائدنا ومعلمنا محمد صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث الصحيح: (والله لا يُؤمن، والله لا يُؤمن، والله لا يُؤمن، قيلَ: من يا رسولَ الله ؟ قال: مَنْ لا يأمنُ جارُه بوائقَه) أي شروره وأضراره. إذا لم يأمن جارُك بوائقَك، "شرورك وإيذاءك" فأنتَ غير مؤمن بقَسَمٍ من النبي صلى الله عليه وسلم: (والله لا يؤمن) ثلاثَ مرات. جاءَ أحدُهم أمامَ جمعٍ من الصَّحابة إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم يعرض عليه قصَّةَ امرأة، قالَ يا رسولَ الله: فُلانة تقومُ الليل وتصومُ النَّهار وتتصدَّقُ ولكنَّها تُؤذي جيرانها بلسانها، فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم: (لا خيرَ فيها، هي في النار). أسمعتم أيها الأحبة ؟! تُؤذي جيرانَها بلسانها، تصومُ النهار، تقومُ الليل، تتصدَّق، تُؤذي جيرانها بلسانها فقال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: (لا خير فيها، هي في النار).

الصفحة التالية: مَنْ هو الجار ؟ هل الجارُ هو الذي بجانبك في السَّكن أو في العمل ؟ الجارُ عام، الجارُ في السَّكن جار، وفي العمل جار، وفي السَّفر جار، وفي الإدارة جار، وفي الطريق جار، والجار في المدينة جار، جارُك الذي يسكُن معك في نفس المدينة جار: (لئِن لم ينتهِ المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنُغرِينَّك بهم ثم لا يُجاورونك فيها إلا قليلاً) أطلقَ عليهم اسم الجيران وهم معه في المدينة، مَنْ كان معك في المدينة جار، بل من كان معك في الدولة الواحدة جار، ومن هنا نقول: الجِوار أساسُ المواطنة، نحن اليوم نتحدث عن المواطنة، أنتَ مواطن وأنا مواطن، ترعاني وأرعاك، من أين أتينا بالمواطنة ؟ أتينا بها من الجوار بدليلٍ من القرآن مَنْ جاورك في المدينة يُدعَى جاراً، ومن جاورك في المدن يدعى جاراً، ومن جاورك في الحدود القطرية فهو جَار، ومن شاركك في حَملِ الهُويَّة الشخصية جار، وهذا بدلالة القرآن الكريم وبدلالة السنة الصحيحة الشريفة، المواطنة تطوُّر سَيْرُوري لقضية الجوار، والمواطنة حينما نتحدث عن حقوقها وواجباتها فهي حقوق الجوار وواجبات الجوار، التعامل بعدلٍ وإحسان وهذا ما تقتضيه المواطنة، التعامل بعدل، والعدل أن تقوم بواجباتك نحو المواطن، أن تُعينه وتتعاون معه، وأن تُلبِّي احتياجاته، وأن تُقرضه إذا استقرضك، وأن تُعنَى به وتتعاون معه، وأن تحبَّ له كما تُحب لنفسك: (والذي نفسُ محمد بيده لا يؤمنُ أحدُكم حتى يُحبَّ لجاره ما يُحبُّ لنفسه). المواطنة جِوار مُتطور سَيروري وصلنا إليه.

الصفحة الثالثة: الجار جار مهما كان دينه، مهما كان عِرقه ومذهبه، رُوي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه ذبح في بيته ذبيحة، وبعد هُنيهةٍ من زمن قال لأهله: هل أهديتم لجارنا اليهودي ؟! قالوا: لا. قال: قَدِّموا له فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما زالَ جبريل يُوصيني بالجار حتى ظننتُ أنَّه سيُورِّثه) لا فرقَ بين جارٍ وجار. يا أيها المتجاورون على مُستوى الأفراد والدُّول والمدن: نُناشدكم ضمائركم أن تُعطوا الجوار حقَّه، ولعلَّ قائلاً يقول: على مُستوى الدول: هذا هو الكيان الغاصب جَارٌ لنا فهل نترفَّق معه ؟!! أقولُ لكم: وربِّ الكعبةِ ليسَ بِجَار، إنه مُعتدٍ أثيم، إنَّه مُغتَصب، ومن يَتعاملُ معه مُعاملة الجارِ مُحسناً إليه فقد عَصَى اللهَ ورسوله، من طَبَّعَ مع اليهوديِّ الصُّهيوني المعتدي الأثيم فقد ارتكبَ إثماً وافترى على الله ورسوله واعتدى على حُرُمات ديننا. نحن أمام مُغتَصب عدوٍّ مُعتدٍ أثيم، أمامَ إنسانٍ خلعَ ثوبَ إنسانيَّته وراح يَفتِكُ بالأعراضِ والأموال، أما مَنْ عَدَا ذلك فإنني أطالبُ الجميع، ولا سيَّما أننا في شهر رجب، وشهر رجب من الأشهر الحُرُم، والدُّعاءُ فيه مُستجاب أكثر من سواه، أتوجَّه إلى كل الجيران بتوثيق الإسلام وليس بتوثيق الأهواء، أتوجَّه إلى كل الجيران على مستوى الأفراد، وعلى مستوى المدن، وعلى مستوى الأحياء، وعلى مستوى الدول: أحسِنوا جِواركم، أعطوا الجِوار حقَّه، كونوا من الذين يثبت لهم الإيمان، وإياكم أن تدخلوا تحت نفي الإيمان بإقرار سيد الإنسان محمد صلى الله عليه وسلم  وها نحن نردِّد: (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: من يا رسولَ الله ؟ قال: مَنْ لا يأمنُ جارُه بوائقَه) اللهمَّ حقِّقنا بحُسن الجوار واجعلنا ممَّن يَتعاملُ بعدلٍ وإحسان، واجعلنا يا ربَّنا ممن يُجيرُ الجار، ولا يجور على الجار، نِعْمَ مَنْ يُسأَلُ أنت، ونِعْمَ النَّصيرُ أنت، أقولُ هذا القول وأستغفر الله.

أُلقِيت في جامع "السيِّدة نفيسة عليها السلام" بحلب الجديدة بتاريخ 4/2/2022 

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/aZ8tiQxPoi/

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

التعليقات

شاركنا بتعليق