آخر تحديث: السبت 20 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
مُقوِّماتُ السِّيادة الحَقيقية

مُقوِّماتُ السِّيادة الحَقيقية

تاريخ الإضافة: 2022/02/11 | عدد المشاهدات: 668

أمَّا بعد، فيا أيُّها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

جَاءني إنسانٌ وقالَ لي: لطالما أسمعُ عن فُلانٍ سواءٌ أكان ذلك في الزمن الماضي أو في الزمن الحاضر، لطالما أسمع عن فلانٍ أو فلان بأنَّه سَيِّدٌ في قومه، فكيفَ لي أن أكونَ سيداً في قومي ؟ هل القضيةُ قضيةُ اختيار أَزَلي أم أنَّ القضيةَ في مجالِ وسَاحةِ الكسبِ والاستطاعة ؟ قلتُ له: إذا أردتَ أن تكونَ سيِّداً في قومك فما عليكَ إلا الآتي: اجتنب مَحذُورين اثنين فَظيعين، وابتِعد عن سُلوكين اثنين شَائنين، وتَحَلَّ وتحقَّق بخَصلتين (بخُلقين، بخُلَّتين) حَميدتين. قال لي: أجملتَ ففصِّل.

قلتُ: أما المحذوران الفظيعان الذي يجب أن تجتنبهما فهما: الكذب والظلم.

وها هو سيدُ الناس يقول صلَّى الله عليه وسلم: (إيَّاكم والكَذب، فإنَّ الكَذب يهدي إلى الفُجور) وهل سمعتَ فاسداً يَسُود ؟! وأمَّا الرذيلةُ الثَّانية الفاسدة فالظلم: (إيَّاكم والظلم، فإنَّ الظلمَ ظُلُماتٌ يوم القيامة) وهل رأيتَ ظالماً يَسُود في قومه، أو يُقال عنه سَيّد في قومه ؟!

وأما السُّلوكان اللذان يجب أن تُجافيهما وأن تبتعد عنهما فهما: الإيذاء أولاً: إيَّاك أن تكون مُؤذياً، فالمؤذي لا يكونُ سيداً، وها هو سيدُ الكائنات صَلَّى الله عليه وسلَّم يقول: (لا تُؤذُوا عبادَ الله ولا تُعيِّروهم ولا تطلبوا عوراتهم) فمَنْ آذى عبادَ الله مَنْ كانوا فلا يصلح أن يكونَ سيِّداً، ومن عيَّر عبادَ الله أو تَنمَّر عليهم لا يكونُ سيداً، ومَنْ طلبَ عوراتِ عباد الله لا يكون سيداً. وأما السُّلوك الآخر الذي يجبُ أن تُجافيه فالتَّبعيَّة العَمياء: أن تتَّبع كلَّ ناعق، أن تكونَ مع القطيع من دون أن تفكِّر ومن دون أن تبحث وتُمحِّص، وها هو رسولنا صلَّى الله عليه وسلم يقول: (لا تكونوا إِمَّعة، تقولونَ إن أحسنَ الناسُ أحسنَّا، وإن أساؤوا أسأنا) لا تُقاتل تحتَ رايةٍ عَمِيَّة لا تدري ولا تتفحَّصُ طبيعة هذه الراية، تَكَلَّمَ الناسُ فتكلَّمت، هاجَ الناسُ فقُمت معهم هائجاً، قال الناس فقلت، إيَّاك والتَّبعية العمياء، كُن صاحبَ قَرار تستمدُّ هذا القرار من قلبك المتَّصل بربك، من عقلك الذي آمنَ بربك والذي أحبَّ نبيه، والذي قرأَ الكونَ بلغة القرآن، وقرأَ القرآن بلغةِ الكون، فهو كَوني قرأني، أو قرآني كوني.

وأما الخُلُقان والخَصلتان اللتان يجبُ أن تتحلَّى بهما فالحياء، الحياء يا أمة الإسلام ويا أمة الإنسان، لا يكونُ الإنسانُ سيداً إلا إذا كان حَيِياً، ومَنْ لم يكُن حَيياً فلا سيادةَ تليقُ به، قليلُ الحَياء لا يكونُ سيداً، (الحياءُ خيرٌ كُلُّه) هكذا قال سيدُ مَن استحيا صلَّى الله عليه وسلم، وقال أيضاً: (الحياءُ لا يأتي إلا بخير) وقال أيضاً: (الحياءُ شُعبةٌ من الإيمان) بَل لعلَّ الحياءَ أروعَ شُعبة وأجملَ شُعبة من شُعب الإيمان التي تفوقُ السَّبعين في عَددها. وأما الخلق الثاني فالحلم، مَن كان غَضُوباً ومن كان طَبعُه الغضب، لا يُمكنُ أن يكون سيداً:

ليسَ الغبيُّ بسيِّدٍ في قومه                  لكنَّ سَيِّدَ قومِه المتغابي

أي المتحالِم، قالَ الرسول صلى الله عليه وسلم لأشجِّ بنِ عبدِ القيس: (إنَّ فيك خصلتين يُحبُّهما اللهُ ورسوله: الحِلمُ والأَنَاة) وفي رواية: (الحِلمُ والحَياء)، وكانت صِفةُ المصطفى صلَّى الله عليه وسلم: (يَسبِقُ حِلمُه جهلَه)، كُن حليماً في بيتك أيها الأب إذا أردتَ أن تكونَ أباً سيداً، كُن حَليماً أيها المسؤول في دائرتك، في دولتك، في ثكنتك، في وزارتك، في مدرستك، إذا أردتَ أن تكونَ مسؤولاً أو مُديراً أو وَزيراً سيداً، قال الإمام علي رضي الله عنه وأرضاه: "آلة الرياسة" من أراد أن يكون رئيساً سيداً "آلةُ الرِّياسة سَعَةُ الصَّدر" الحِلم، سَلْ نفسك هل أنتَ حَليم، هل أنتَ ممن يُقاوم غضبه حتى لا يَملكه هذا الغضب، وبالتالي يتصرفُ تصرفاً يندمُ عليه، وقد قيل: "الحِلمُ سَيِّدُ الأخلاق"، فاللهمَّ إنَّا نسألك أن نكونَ أسياداً بجَدارة من خلال اجتنابِ هذين المحذورين، ومن خِلال مُجانبة هذين السُّلوكين، ومن خلال التحلِّي بهذين الخلقين الحَميدين، اللهمَّ إنَّا نسألك لشبابنا ورجالنا ومسؤولينا أن يكونوا على مستوى السِّيادة الحقيقية لا أن يكون على مُستوى السِّيادة القَهرية الظالمية والتي لا تَمُتُّ إلى السِّيادة الحقيقية بِصِلة، نِعْمَ مَنْ يُسأَلُ أنت، ونِعْمَ النَّصيرُ أنت، أقولُ هذا القول وأستغفر الله.

أُلقِيت في جامع "السيِّدة نفيسة عليها السلام" بحلب الجديدة بتاريخ 11/2/2022

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/b6ypjgxoot/

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

التعليقات

شاركنا بتعليق