آخر تحديث: الثلاثاء 23 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
رَمَضانُ بين فَريضة الصِّيام والصَّوم

رَمَضانُ بين فَريضة الصِّيام والصَّوم

تاريخ الإضافة: 2022/04/01 | عدد المشاهدات: 642

أمَّا بعد، فيا أيُّها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

ها هو ذا رَمضان سَيأتينا بعد ساعات، رَمضان شهرُ الصِّيام وشهر القرآن، وهنا في مُستَهلِّ هذا الشهر الكريم أتوجه إلى العلي القدير أن يُهِلُّه علينا بالأمن والإيمان والأمان والسَّلامة والإسلام، وأن يجعله شهر خير وبركة وأن يرفعَ عنَّا فيه بفضلِ وبوسيلةِ القرآن أن يرفعَ عنَّا الغَلاء والبلاء والوباء وأن يجعلنا إخوةً مُتحابِّين مُتضامنين مُتباذلين.

أيها الإخوة الأكارم: الصِّيام يعني الإمساك عن المفطرات الحِسيَّة من أكلٍ وشُرب ومُعاشرة قال تعالى: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيطُ الأبيضُ من الخيطِ الأسودِ من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل) وأما الصوم فيعني الإمساك عن المفطرات المعنوية، ولهذا قالت السيدة مريم عليها السلام: (إني نذرت للرحمن صوماً فلن أُكلِّم اليوم إنسيَّاً) صامَتْ عن الكلام فسمي صوماً، ونحن مطالبون في هذا الشهر الفضيل بالصيام والصوم، بالصيام أن نمتنع عن المفطرات الحسية المادية من أكلٍ وشرب ومعاشرة، وينسى الكثيرون منا أننا مُطالبون أيضاً بالصوم ولعلَّ هذا آكد، وهو الامتناع عن المفطرات المعنوية من كذبٍ ونميمة وشهادة زور واعتداءٍ وغِيبة، مُطالَبون من خلال فريضة الصوم، ولهذا جاء في الحديث النَّبوي الشريف: (فإذا كان يومُ صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحدٌ أو شاتمه فليقل إني صائم). أن تصومَ صياماً من غير صوم فهذا قال عنه نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم: (كَمْ مِن صائمٍ ليسَ له من صيامه إلا الجوع والعطش) وروي عن جابر مرفوعاً: "إذا صُمتَ فليصُم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودَعْ أذى الجار وليكن عليك سكينة ووقار" ويقول صلى الله عليه وسلم: (من لم يدَع قولَ الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدَع طعامه وشرابه) إذا كنت تظن أنك إذ تصوم رمضان صياماً تمتنع عن المفطرات الحسية فقط، ثم بعدَ ذلك تعدِلُ عن الصوم الذي هو امتناع عن المفطرات المعنوية فإني سُقتُ لك ما قاله حبيبنا ومعلمنا صلى الله عليه وسلم فليس لله حاجة في أن تدع طعامك وشرابك. أنت تصومُ صياماً في شهر رمضان من أجل أن تصوم صوماً في كل شهور السنة، من أجل أن يؤدِّي الصيام إلى صوم فتمتنع عن الآثام والخطايا والذنوب على مدار السنة كلها وإلا لما كان رمضان سيد الشهور، هو سيد الشهور لأنك تقوم فيه بدورة تدريبية تقوم فيه وتدرب فيه وتصحح فيه جسمك من خلال الامتناع عن المفطرات المادية وتمتع فيه عقلك من خلال الامتناع عن المفطرات المعنوية التي هي حرام في رمضان وغير رمضان، لذلك نصوم صياماً من أجل أن نصوم صوماً في كل أشهر السنة.

أيها الإخوة الصائمون: أريدُ من كل واحد منا وهو يفطر مساء وهو يصلي التراويح وقيام الليل والتهجد أن يقف بينه وبين نفسه: كم يوماً صامه صياماً، وكم يوماً صامه صياماً وصوماً، حاسب نفسك قبل أن تُعرَض الموازين ويحاسبك ربك، سيقول لك ربك: فرضت عليك الصيام فقلت في كتابي: (كُتِبَ عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) أي تصومون صوماً تمتنعون عن المفطرات المعنوية والآثام والخطايا، وأنت يا عبدي صُمتَ صياماً ولكن هذا الصيام لم يوصلك إلى التقوى (لعلكم تتقون) حاسِب نفسك في ليالي رمضان كم يوماً صُمته صياماً وكم يوماً صمته صوماً. هنالك حديث عظيم يعطينا ثواباً عظيماً يقول فيه سيد الناس صلى الله عليه وسلم: (من صامَ رمضان إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه) والحديث صحيح، معادلة بسيطة ومُحاكَمة بسيطة، هذا الثواب العظيم والمغفرة العظمى لذنوبك كلها هل يكون ذلك بامتناع عن الطعام والشراب بضع ساعات ثم بعد ذلك تقول: لقد امتنعتُ عدة ساعات عن الطعام والشراب فقط، وهو قليل قليل هل تريد من وراء ذلك أن تغفر ذنوبك التي تقدَّمت رمضان والتي كانت قبل رمضان (إيماناً واحتساباً) إيماناً بالله واحتساباً لله وامتنع عن المفطرات المعنوية، ولهذا نبَّهنا النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يَدَع قولَ الزُّور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدَعَ طعامه وشرابه)، الله ليس بحاجة من أجل أن تترك الطعام والشراب ثم تنضم إلى مجالس الكذب والغيبة والنميمة والاحتكار واستغلال الوضع الذي أنت فيه استغلالاً سلبياً. أيها الإخوة المسؤولون عن أقوات الناس: صيامُكم إن لم يكن مقروناً بصومكم فهذا الصيام ليس لله حاجة فيه ولا أن تدعوا طعامكم وشرابكم. أيها الأغنياء، أيها الأقرباء، أيها الآباء، أيها المدرسون هذا رمضان شهر الفضيلة والصفات الحسنة، شهر الأخلاق التي يجب أن يتمتع بها المسلم تخلية وتحلية، يتخلى عن الكذب ويتحلى بالصدق، يتخلى عن النميمة ويتحلى بالعلاقة الطيبة مع الآخرين، يتخلى عن الغيبة ويتحلى بالمواصلة مع الذين هم حوله إن كانوا جيراناً أو أقرباء أو .... هذا هو الصيام والصوم الذي يجب أن نحرص عليهما ونحن نستقبل ونحن نعيش ونحن ننتهي من شهر رمضان. اللهم إني أسألك أن تجعلنا من الذين يصومون الصيام والصوم، اللهم وفِّقنا من أجل أن يكون صيامنا طريقاً لتحقيق التقوى كما أمرتنا في كتابك العزيز الذي أنزلته في شهر رمضان: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هُدىً للناسِ وبيِّناتٍ من الهدى والفرقان) اللهم تقبَّل منا واجعلنا من الراشدين، نِعْمَ مَنْ يُسأَلُ أنت، ونِعْمَ النَّصيرُ أنت، أقولُ هذا القول وأستغفر الله.

أُلقِيت في جامع "السيِّدة نفيسة عليها السلام" بحلب الجديدة بتاريخ 1/4/2022

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/c6_9vasold/

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

التعليقات

شاركنا بتعليق