رُبِطَ تاريخُنا بقيمة ولم يُربَط بحَدَث، فالحَدَث مَعنى، والقيمةُ تتجدَّد، ولعلَّ قيمة الهجرة مِن أرقى القِيم وأعظمها، فهي – في أصلها – مُعاناةٌ من أجل الخير والإنسان والسَّلام والأمان والمبدأ الحق. وتتجلَّى المعاناة في الانتزاع والانخلاع من مكانٍ هو الوطن والمأوى والمرتَع إلى مكانٍ مَجهول، لكنَّ المهاجر إن كان مُخلِصاً وَفيَّاً في هجرته تحوَّل المكانُ المجهول إلى مكانٍ مَوعود مأمول مَضمون، وتحوَّلت قيمةُ الهجرة من هجرةِ مكانٍ إلى مكان، لتغدو قيمة مَعنوية وأبعاد فـ: (لا هِجرةَ بعد الفتح، ولكن جِهادٌ ونية) كما ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
الهجرةُ المعنوية: مُجاهَدة ومُصابَرة وارتقاء، فهيَّا إليها من خلال أمثلتها، هيا إلى الانتقال من حِياديةٍ نحو الوطن إلى حُبٍّ وافتداءٍ وبذلٍ وعَطاء، ومن تَعَصُّبٍ وتَزَمُّت وعُنف في الدين إلى مَوضوعية وتيسير ورحمة وإيغالٍ برفق، ومن تدميرٍ وتخريبٍ إلى بناءٍ وإعمار، ومن فَساد ذاتِ البَين إلى صلاحِ ذاتِ البين، ومن كراهية وشحناء فيما بيننا إلى محبة ولقاء وتعارف وتعاون.
فيا أيها الشرفاء: سنعيشُ الهجرةَ المعنوية تَقدُّماً مَلحوظاً يوماً بعد يوم في مجالِ العلاقة مع الله ومع الإنسان ومع الوطن ومع الكون كله، ومع أنفسنا أولاً وأخيراً.
حلب
19/7/2023
الدكتور محمود عكام
ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب
https://www.facebook.com/akkamorg/
ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.
التعليقات