آخر تحديث: السبت 27 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
مِن صُورِ جِهادِ الكَلمة

مِن صُورِ جِهادِ الكَلمة

تاريخ الإضافة: 2023/11/17 | عدد المشاهدات: 240

 

أمَّا بعد، فيا أيُّها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

قال لي أحدُ الإخوة المصلِّين في الأسبوعِ الفَائت: ذكرتَ الجِهاد وأنَّه أنواع، فكيفَ نُجاهد نحن هنا الذين نعيش في هذا البلدِ الكريم ؟ قلتُ له: تذكَّر أنَّ الجِهادَ ثلاثةُ أنواع: جِهادُ النَّفس، وجِهادُ المال، وجِهادُ الكلمة، ولئِن فَاتَكَ جِهادُ النَّفسِ فأرجُو أَن لا يَفُوتك جِهادُ المال ولا جِهادُ الكَلمة. جِهادُ المالِ مَعروف، تُنفِقُ المال: (مَن جَهَّزَ غَازِياً فقَد غَزَا) تدعَمُ إخوتنا هناك بما آتاكَ الله من مالٍ فأنتَ تُجاهد.

أما جِهاد الكلمة فيا إخوتي قال ربي عزَّ وجَلَّ في هذا الشَّأن: (وجَاهِدهُم بهِ جِهاداً كَبيراً) أي وجَاهِد المنافقين والكُفَّار بالقرآن جِهاداً كبيراً، فالجهادُ بالكَلمة وجِهادُ الكلمة جِهادٌ كبير، واللهُ عَزَّ وجَلَّ قال: (اتقوا الله وقُولُوا قَولاً سَديداً. يُصلِح لكُم أعمالَكُم ويَغفِر لكُم ذُنوبَكُم) والقولُ السَّديد جِهادٌ بالكلمة، ويكون القولُ سَديداً إذا كانَ الحقُّ مُبتغاك ومُنطلقك ومَسارك. ولعلك تطلبُ مني - أيها السَّائل - صُوراً من صُور جهادِ الكلمة، فإِليكَها:

أولاً: مِن صُورِ جِهادِ الكَلمة النَّصيحة: عندما تَنصَحُ إنساناً آخر، وترجو بتلكَ النَّصيحة له الخير وتسلُكُ كل شروطِ النَّصيحة المذكورة في كُتب الفقه وكُتب العقيدة: (الدِّينُ النَّصيحة. قُلنا لمن يا رسولَ الله ؟ قال: للهِ ولكتابه ولرسوله ولأئمَّة المسلمين وعامَّتهم) يُقال في اللغة: نَصَحَ الرَّجلُ ثوبَه أي خَاطَه، ويقالُ أيضاً: نَصَحَ الرجلُ العَسَلَ أي صَفَّاهُ من الشَّوائب ومن الشَّهد، فهيَّا أيها الإنسان إلى النصيحة، وينبغي أن يكون مضمون نصيحتنا اليومَ ما يجري في فلسطين، فعلينا أن ننصحَ أنفسَنا وننصحَ غيرنا وننصحَ المجاهدين وننصحَ كُلَّ الناس، أن نقولَ لكل الناس: فلسطينُ أرضٌ عَربية، علينا أن نقولَ للمجاهدين ناصحين: اثبُتوا واصمُدوا واللهُ معكم، وأنتم تثبتون وتصمدون فالله معكم ويتولاكم، وعلينا أن ننصحَ أولئك الذين لم يُحرِّكوا ساكناً حتى الآن من العرب والمسلمين لنقولَ لهم: هيا فكونوا مع المجاهدين في فلسطين، هيا كونوا مع أولئك الذين يُقاتلون عدوَّ الله وعدوَّكم، حتى وإن سالمتموهم فهم أعداؤكم، لأنَّهم أعداءُ السَّلام وأعداءُ الأمان، وأعداءُ الفضيلة، وأعداءُ الحق بشكلٍ لم يَعُد يخفى على أحد. انصحوا كلَّ مَن حولكم من أجل أن يكون مع صَفِّ المجاهدين الذين يُقاتلون الصهاينة المجرمين الآثمين، فيا أيها الذين لم يتكلموا حتى الآن: هيا فتكلموا فالحياةُ مَوقف، والحياةُ كلمة، والجهادُ بالكلمة نوعٌ من أنواعِ الجِهاد المفروضِ علينا، هَيَّا وقَدِّموا كُلَّ ما تستطيعونه من أجلِ دعم إخوانكم المجاهدين ومن أجل دعمِ هذه القضية.

الصُورة ثانية: (ولتكُن منكم أمةٌ يَدعُونَ إلى الخير) عليك أن تدعُو إلى الخير، ولعلَّك تسألني أيضاً عن الخير في هذه اليوم ؟ الخير - بالنسبة لما يحدث - الخير مع أولئك المجاهدين، فادعُ لأولئك المجاهدين، وادعُ لنصرة فلسطين، وادعُ من أجل أن يُقاتِلَ الشُّرفاء أولئك الصهاينة المجرمين، الخيرُ اليوم يُجسِّده أولئك الذين يُقاتلون المجرمين. هل تدعو إلى الخير أنت في أسرتك، هل تدعُو إلى الخير في صَفِّك، هل تدعو إلى الخير في مَعملك، هل تدعو إلى الخير في شَارعك، هل تدعو إلى الخير في مَسجِدك، هل تدعو إلى الخير في حُكمِك أنت الذي تَحكُم، في ثُكنَتِك أنتَ أيُّها الجندي وأيها الضَّابط، عليكَ أن تدعُو إلى الخيرِ من أجلِ أن تُكتَبَ مُجاهداً بالكلمة، والمجاهدُ بالكلمة هو مُجاهِدٌ بامتياز، لأنَّ الجِهادَ بالكلمة نوعٌ من أنواع الجهاد. (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)، واليوم ليسَ ثمة مُنكر أفظع من هذا الذي يُسمَّى "إسرائيل" من هذا الذي يُسمَّى "الكِيان الغَاصب" هو مُنكر، و: (من رأى منكم مُنكراً فليغيِّره بيده)، وإخوتنا المجاهدون يُغيِّرون المنكر بأيديهم، (مَن رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه) من خلالِ جِهاد الكلمة، ومن خلال تبيان الحقائق، ومن خلال توضيح هؤلاء على حقيقِتهم، فالصَّهاينة مُجرمون، ومن لَفَّ لفَّهم ومن دعمهم، ومن أيَّدهم، ومن دعَمهم، ومَن كان معهم، ومَن طَبَّع معهم، ومن فَتحَ سفارةً لهم في بلده فهو مَعَهم، ومن فتحَ ولم يغلق سفارةَ "إسرائيل" في بلده فهو معهم حتى يُثبِتَ العكس، (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروفِ ويَنهون عن المنكر) ليسَ ثَمَّةَ مُنكر أفظع من هذا الذي نراه، فمن استطاعَ أن يُزيله بيده فليفعَل، وهذا ما يفعله إخواننا المجاهدون، فمن لم يستطع فبلسانه، أنتم بألسنتكم تستطيعون أن تُزيلوا هذا المنكر، فمن لم يستطع لا بيده ولا بلسانه فَبِقلبه، وليقُلْ بينه وبين نفسه: اللهم إنَّ هذا الكِيان مُنكَر وأسألك يا الله أن تنصرَ المجاهدين المخلصين الأوفياء لدِينهم ولعقيدتِهم عليهِ يا ربَّ العالمين. ادعُ بينك وبين نفسك على هؤلاء الصهاينة المجرمين، وادعُ لإخوانك المجاهدين، وادعُ لكل المستضعفين في الأرض، وادعُ لكلِّ المظلومين في أن يَنصُرهم الله على الظالمين المفسدين المضللين.

ثالثاً: من صور الجهاد بالكلمة العِلم: إن تعلمتَ فأنتَ تُجاهِد بالكلمة، واليوم نرى تقصيراً مُستَفحِلاً في صفوفِ أبنائنا تُجاه العلم، فأينَ العلم، وأين تعلمك العلم، وأين انكِبابُك على العلم، وأعني بالعلم هنا العلم الذي ينفعك في عباداتك وفي معاملاتك وفي بيعك وفي شرائك، وأعني بالعلم الذي الذي يُستَلُّ ويُستَنبطُ من القرآن الكريم. تعلُّم العلم جِهادٌ بالكلمة، لأنَّ العلم كَشفٌ وتوضيح، ولأن العلم معرفة الشيء على ما هو عليه، وإذا سلكتَ طريقَ العلمِ عرفتَ أنَّ إسرائيل كِيانٌ غاصِب، لأنَّ معرفة الشيء على ما هو عليه هو العلم، فإن تعلمتَ وجدتَ هذا الكيان وعرفتَه على حقيقته وجدتَ أنه مُحتَلّ، وأنه غاشم، فتعلموا يا أبناء قومي، تعلموا، و: (إذا أتى عَليَّ يومٌ لا أزدادُ فيه عِلماً يقربني إلى الله فلا بورك في شمس ذلك اليوم) هل ازددتَ علماً في دينك، وفي وطنك، وفي من حولك وما حولك، هل ازددتَ علماً هذا اليوم عن اليوم الذي سبق، (من تساوى يوماه فهو مغبون) هل عرفت أكثر اليوم عن واقع فلسطين أكثر مما كنت تعرفه عن واقعِها بالأمس، أم أنَّك لازلتَ بالنِّسبة للعلمِ في إِعراضٍ عنهُ صَباح مساء. العلمُ صُورةٌ مُشرقة من صُور جِهادِ الكلمة، فتعلَّموا يا بَني قومي وانكَبُّوا على المعرفةِ والعِلم، فرسُولُكم صَلَّى الله عليه وسَلَّم دَعَاكم إلى ذلك، أسأل الله أن يزيدنا عِلْماً وعَمَلاً وفِقهاً في الدِّين يا ربَّ العالمين، نِعْمَ مَن يُسأَلُ أَنت، ونِعْمَ النَّصيرُ أَنت، أقولُ هذا القولَ وأستغفِرُ الله.

ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السَّلام بحلب الجديدة بتاريخ 17/11/2023

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/oneI-VhEvB   /

https://fb.watch/oneLF0jIsS/

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

 

https://t.me/akkamorg

 

التعليقات

شاركنا بتعليق