آخر تحديث: الجمعة 19 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
استشراف المستقبل

استشراف المستقبل

تاريخ الإضافة: 2001/06/15 | عدد المشاهدات: 3399
أما بعد : أيها الأخوة المؤمنون هنالك دراسات جديدة جادة موضوعها استشراف المستقبل، ومضمون هذه الدراسات استشعار المستقبل من خلال قراءة واعية للحاضر وأحداثه، هذه الدراسات الاستشعارية والاستشرافية والمستقبلية صار لها مؤسسات، ففي فرنسا انبثقت مؤسسة رسمية عن وزارة الخارجية حملت اسم المؤسسة العامة لاستشراف المستقبل ، وكذلك في أمريكا. لا أريد أيها الإخوة أن أتحدث عن هذه المؤسسات لكنني جعلتها مقدمة لضرورة الاطلاع على أحاديث النبي أو على بعض أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي تخبرنا عما سيأتي، والتي تحدثنا عن مستقبل آتٍ، وعن استشراف نوراني واستشعار مدده رباني لما سيأتي في المستقبل والرسول عليه وعلى آله الصلاة والسلام إذ يقول هذا فمن أجل تحذير مما يجب التحذير منه ومن أجل دعوة وترغيب وحضٍ على ما يجب الحض عليه، - أقول لكم لا أريد أن أطيل - لكنني سأقرأ أمامكم وعلى مسامعكم أحاديث شريفة صلى الله على من قالها وعلى آله وأريد ونحن نسمعها أيها الاخوة أن نتذكر ضرورة دراسة المستقبل لنَحْذَرَ مما يجب الحذر منه، ولنعي ما يجب وعيه، ولنتطلع إلى حياة قادمة تكون هذه الحياة وفق معايير شرعنا وإسلامنا. يروي الإمام مسلم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله قال: " لتتبعن سُنن بني إسرائيل شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى لو دخل رجلٌ من بني إسرائيل جُحر صنب لتبعتموهم، قلنا يا رسول الله آليهود والنصارى ؟ قال : فمن؟ " نعم اليهود والنصارى. لا أريد أن اعلق لكنني أترك التعليق للمستمعين الكرام . يقول عليه الصلاة والسلام : " حتى لو أن أحدهم جامع أمَّه لفعلتم مثله " ، ويروي الحاكم في مستدركه أن النبي عليه وعلى آله الصلاة والسلام قال : " لتنقضن - وهذه تحذيرات ثم سنأتي على بعض الأحاديث التي تُرَغب وتدعو للانضواء تحت لواء الخير - لَتَنْقُضُنَّ عرى الإسلام عروة عروة ولتركبن سنن الأمم قبلكم حذو النعل بالنعل " ومن دون تعليق. ويروي البخاري أن النبي صلى الله وعلى آله وسلم قال: " إذا ضيعت الأمانة فانتظروا الساعة ، قال قائل كيف إضاعتها ؟ قال: إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة " ويروي صاحب الجامع الصغير والحديث صحيح أن النبي صلى الله عليه وعلى آله قال : " سَيَلِي أموركم بعدي رجال يطفئون السنه ويعملون بالبدع ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها. فقلت يا رسول الله - والقائل ابن مسعود - إن ادركتهم كيف أفعل ؟ قال النبي صلى الله عليه وعلى آله: تسألني يا ابن أم عبد كيف افعل ! لا طاعة لمن عصى " ، ويروي أبو داوود وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله قال: " ليأتين على الناس زمان لا يبقى منهم أحد إلا أكل الربا فمن لم يأكله أصابه من غباره " ، ويروي صاحب الجامع الصغير والحديث صحيح " إن أخوف ما أخاف على أمتي في آخر زمانها النجوم - أي ما يسمى اليوم بالذهاب إلى بعض المشعوذين النجوم إتيان الكهنة، إتيان العرافين، وقد كثرت أيها الاخوة - النجوم وتكذيب بالقدر وسيف السلطان " . ويروي صاحب الجامع الصغير أيضا والحديث صحيح أن النبي صلى الله عليه وعلى آله قال: " أخاف عليكم ستاً: إمارة السفهاء، وسفك الدماء، وبيع الحكم - وبيع الحكم في القضاء - ، وقطيعة الرحم، وأناساً يتخذون القرآن مزامير، وكثرة الشُّرَط " أي كثرة الحراس القائمين لكثرة الجريمة، ويروي صاحب الجامع الصغير والحديث صحيح : " ليأتين زمان على الناس لا يبالي المرء بما أخذ من المال أمن حلال أم من حرام " ، ويروي صاحب الجامع الصغير أيضاً والحديث صحيح أن النبي صلى الله عليه وعلى آله قال: " سيصيب أمتي داء الأمم: قالوا يا رسول الله وما داء الأمم ؟ قال: الأَشَر الأشر - التكبر - والبطر والتكاثر بالمال والتفاخر والتناجش بالدنيا - كل يسعى من أجل ان تكون دنياه أفضل من دنيا الآخر - والتباغض والتحاسد حتى يكون البغي " هذه الأمور تؤدي إلى البغي إلى الظلم إلى التطاول، ويروي الإمام مسلم في صحيحه : " إن أول ما هلك بنو إسرائيل " وفي روايه " إن أول ما أهلك بني إسرائيل أن امرأة الفقير كانت تكلفه - أي تكلف زوجها الفقير - من الثياب أو من الصيغة ما تكلف امرأة الغني " تطلب إمراة الفقير ما تطلبه امرأة الغني، ويروي الإمام مسلم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله قال: " ليست السَّنة - أي الشدة والقحط - بأن لا تمطروا ولكن السَّنة أن تمطروا وتمطروا ولا تنبت الأرض شيئاً " . و لا زلنا في دمشق نعاني بالرغم من المطر - أيها الاخوة - ولا زالت الأنهار في جفاف، ويروي صاحب الجامع الصغير أيضاً - والحديث صحيح - أن النبي صلى الله عليه وعلى آله قال: "لتستحلَّن طائفة من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها "، ويروي الترمذي أن النبي صلى الله عليه وعلى آله قال: " إن لكل أمة فتنه وإن فتنة أمتي المال "، ويروي صاحب الجامع الصغير - والحديث صحيح - أن النبي صلى الله عليه وعلى آله قال:" إذا زخرفتم مساجدكم - ونحن نلح على هذا ويتباهى أئمتنا وخطباؤنا بزخرفة المساجد والسعي الجاد من أجل هذا ليكون الأمر على حساب المضامين - إذا زخرفتم مساجدكم وحلَّيتم مصاحفكم فالدمار عليكم "، ويروي صاحب الجامع الصغير أيضاً أن النبي صلى الله عليه وعلى آله قال: " عذاب هذه الأمة جُعل بأيديها في دنياها "، جعل بأيديها: لأن السوري يعذب المصري، والمصري يعذب السوري، والأردني يعذب الفلسطيني، والفلسطيني يعذب السوري، واللبناني يعذب السوري، والمسلم السُنِّي يعذب المسلم الشيعي، والمسلم الصوفي يعذب السلفي، والشيعي يعذب السني ... جُعل عذاب هذه الأمة بأيديها في الدنيا ونحن أيها الاخوة وكما أبرزت إحصائية عن قتلى المسلمين في آخر القرن أو في العشر سنواتٍ الأخيرة من القرن الماضي أن من قتل من المسلمين على أيدي المسلمين يعادل عشرين ضعفاً عن قتلى المسلمين بأيدي غير المسلمين، ما قتل في البوسنة من المسلمين على أيدي غير المسلمين وما قتل في الشيشان وما قتل في كوسوفا وما قتل في فلسطين أقل بكثير ممن قتل من المسلمين على أيدي المسلمين، جُعل عذاب المسلمين، عذاب هذه الأمة جعل بأيديها في دنياها، ويروي أبو داوود أن النبي صلى الله عليه وعلى آله قال: " يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. قال قائل: أمن قلةٍ نحن يومئذ يا رسول الله ؟ قال : لا أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله المهابة منكم من قلوب أعدائكم وليقذفن في قلوبكم الوهن. قالوا وما الوهن يا رسول الله ؟ قال:حب الدنيا وكراهية الموت " هذا تحذير ولكن كلنا أصحاب أمل ان كنا جادين في أن نكون رواد الأمل أو أن نكون من أهل الأمل أو نكون من أهل الله أو أن نكون من الأمة الناجية أو أن نكون من الطائفة الظاهرة على الحق هذا بمكنتنا أيها الاخوة فلقد قال صلى الله عليه وعلى آله كما يروي صاحب الجامع الصغير - والحديث صحيح - : " في كل قرن من أمتي سابقون " لمَ لا تكونوا من السابقين ؟ لمَ لا تحاول بأن تجعل نفسك في عداد السابقين ؟ وهذا تقرير من سيد البشر، من محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله في كل قرن من أمتي سابقون. اليأس لا يدخل قلوبنا، لأن شمعة الأمل دائماً في حالة ضياء لأن شمعة الأمل في إضاءة، مضاءة بإخبار من أخبرنا ومن استشعر بنور الله لا شك في ذلك استشعر المستقبل، بمن استشرف المستقبل، بمن نظر إلى المستقبل ليحذِّر أمته من المساوئ وليبلغها الأمل أيضاً إذا ما أرادت الأمل والانضواء تحت علم وراية الأمل. ويروي النسائي - والحديث صحيح - "لن يبرح هذا الدين قائماً يقاتل عليه جماعة من المسلمين حتى تقوم الساعة ". فكن منهم واسأل الله أن يجعلك في عدادهم. ويروي النسائي أيضاً وصاحب الجامع الصغير أن النبي صلى الله عليه وعلى آله قال: " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها " والمجدد ليس شخصاً واحداً، إنما المجدد جماعة فكن مع المجددين وكن في ركابهم، ولُج ساحتهم، وقف تحت غيمتهم المعطاءة وناشدهم الله أن يجعلوك معهم وكن مع الصادقين. ويروي الإمام مسلم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله قال: " بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء - مَن هم الغرباء ؟ - الذين يحيون ما أمات الناس من سنتي " عن علمٍ أيها الاخوة، عن دراية. إذا كنت تحيي سنة النبي فأنت من الغرباء الذين قال لهم النبي بأن الطوبى لهم. لكنك إذا كنت في جانب ينأى عن جانب السنة النبوية الشريفة فما عساك تفعل ؟ يقول صلى الله عليه وعلى آله كما يروي صاحب المشكاة والحديث صحيح: " خير الناس في الفتن رجل آخذ بعنان فرسه خلف أعداء الله يخيفهم ويخيفونه "، ومن هنا من هذا الحديث يمكن أن نقول إن إخواننا في فلسطين، في جنوب لبنان لعلهم من خير الناس. ويروي صاحب الجامع الصغير أن النبي صلى الله عليه وعلى آله قال: " إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم " فيا أهل الشام لا تفسُدُوا، ويا أهل الشام لا تُفسِدُوا، ويا أهل الشام أنتم محل قدوة، وأنتم محل تطلع. ولطالما سمعنا من إخوان لنا أعاجم إذا ما ذكروا الشام قالوا: شامٌ شريف، - ولا أعني بالشام دمشق وأنما أعني بالشام بلاده بلاد الشام - فهل الشام لا زالت تتطلع إلى محافظةٍ على شرف تمتعت به ؟ الشام الشريف ، إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم. لا تُفسِدوا ولا تَفسُدوا يا أهل الشام. يا أهل الشام رسول الله نعمة فلنحافظ على الانتساب إليه . يا أهل الشام إلى أين ؟ يا أهل الشام ما أظن أن غير القرآن وما أعتقد سيكون سبيل هداية. يا أهل الشام توبوا إلى الله جميعاً وأعلنوا التزامكم بقرآنكم، والتزامكم باتباعكم وتأسيكم بالنبي محمد صلى الله عليه وعلى آله. يا مثقفي بلاد الشام يا كل أهل الشام يا عمال أهل الشام يا علماء أهل الشام: الشام بركة فلا تشتغلوا فيها بما يناقضها بما يعارضها بما هو مجافٍ عنها ولها. أناشدكم الله يا أهل الشام أن تذكروا وأن تتذكروا دوركم الريادي. اللهم إني أسألك حفظاً لأهل الشام ولكل المسلمين. أسألك يا ربنا أن تجعلنا من أولئك الذين يُعنون بدراسة المستقبل من خلال أولاً: ما سجله القرأن الكريم، ومن خلال ثانياً ما سجله الحديث الشريف، ومن خلال ثالثاً ما يسجله العقلاء . اجعلنا ربنا من الذين ينظرون إلى الماضي باعتبار، والى الحاضر بجد ونشاط، والى المستقبل بوعي وفهم واستدراك، فالماضي يحتاج إلى عبرة والحاضر يحتاج إلى عمل والمستقبل يحتاج إلى أمل و أمل المستقبل ينشأ في أحضان ديننا، ينشأ في ربوع إسلامنا. أمل المستقبل من هذا القرآن من سنة النبي من حركة صحيحه واعيه تدور في فلك القرآن. ومعيارنا النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله " لقد تركت فيكم ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي " " كتاب الله وسنتي " اللهم وفقنا لذلك. نعم من يسأل أنت ونعم النصير أنت أقول هذا القول واستغفر الله .

التعليقات

شاركنا بتعليق