آخر تحديث: الأربعاء 17 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
مَوقفنا حِيال الزَّمن: (المستقبل)

مَوقفنا حِيال الزَّمن: (المستقبل)

تاريخ الإضافة: 2022/07/15 | عدد المشاهدات: 556

أمَّا بعد، فيا أيُّها لإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

تحدَّثنا في أسابيع مضت عن الزمن وقيمته في ديننا الحنيف، وذكرنا ما الذي يجب علينا اتخاذه من مواقف حيال الماضي وحيال الحاضر، أما مع الماضي فالعبرة والاعتبار، وأما مع الحاضر فالوعي والاستحضار، وأما مع المستقبل، وقبل أن أتحدَّث عن الموقف الواجب اتخاذه نحو المستقبل أحبُّ أن أقول بأن جُلنَّا يخافُ من المستقبل، ويكادُ ترتعد فرائصه من غدٍ، أقول هذا الكلام وأنا أنظر الوجوه وأريد أن أعدل عن وصفِ هذا المجتمع الذي نعيشه بهذا الذي وصفت، فيا أيها الناس: المستقبلُ خَيِّر، المستقبل طيب، المستقبل بين يدي الله عزَّ وجَل، والله لا يريدُ بعباده الصَّالحين المؤمنين إلا الخير، فاطمئنوا ولا تقلقوا ولا تضطربوا، المستقبلُ طيِّب وخَيِّر وجيِّد ومُمتاز ما دمتَ تُؤمن بربٍّ هو القادر على كل شيء، وهو العظيم وهو المعطي وهو الذي يمنع، وهو الذي يضرُّ وينفع، ويُعطي ويمنع، ويُفرِّق ويجمع ويخفض ويرفع فلا تقلق، (مَن عَمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمنٌ فلنُحيِينَّه حياةً طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) المهم ألا تخاف من المستقبل، بل عليك أن تسعى من أجل العلم الصالح القائم على الإيمان، وعدٌ من الله، ووعدُ الله حاشا أن يُخلفَ اللهُ وعده: (مَن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى) اعمل صالحاً، والعملُ الصَّالح هو العمل المشروع والعمل المفيد، والعمل المناسب، إن فعلتَ عملاً مشروعاً مفيداً مناسباً على أساسٍ من إيمانٍ بالله فثِق بأنَّ مُستقبلك مستقبل رائع، ستكونُ أنت من الذين يَحيون حياةً طيبة، هكذا وعَدَ الله وهكذا أكَّد ربنا وهكذا قرَّر ربنا (فلنُحيينه حياةً طيبة) بكل أبعادها المادية والمعنوية والروحية: (ولنجزينَّهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).

موقفنا مع المستقبل الاستبصار: والاستبصارُ اليقين بأنَّ ما تُؤمِّل وقوعه في المستقبل من خير سيقع: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون عُلواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين) سيقع هذا الذي تُؤمِّله من خير شريطة تنفيذ الشروط: (ولا تَهِنوا ولا تَحزنوا) يا أمةَ محمد لا تضعفوا ولا تستكينوا ولا تحزنوا (ولا تهِنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون) أنتم الأعلون بشرط (إن كنتم مؤمنين) فإذا كنت مؤمناً فاطمئن، وإذا كنت تعمل صالحاً على أساس الإيمان فاطمئن ولا تخف من المستقبل فالمستقبل مشرق وأبيض ناصع لا شك في ذلك ولا ريب (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) لن يرث الأرضَ فاسد، لن يرثَ الأرض مفسد، هذا وعد الله فاطمئن أيها الصالح، الأرض سترثها أنت هنا في الدنيا، وسترث أرض الجنة في الآخرة، لن يرث الأرض فاسد، قد يمر الفاسد على الأرض مروراً عابراً، ويتبدَّى بشكلِ وارث، ولكنه ليس بوارث ورب الكعبة، تلك سُنة الله، ذلك وعدُ الله وأمر الله: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) من هم الصالحون (إن في هذا لبلاغاً لقوم عابدين. وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) الصَّالحون هم الرحماء، هم الذين يستظلون بالرحمة المهداة بالنبي عليه الصلاة والسلام الذي قال عنه ربه: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) وقال عن نفسه صلى الله عليه وسلم: (إنما أنا رحمة مهداة) والرحمة عطاء نافع برفق، إذا كنت رحيماً تستظل بظل الرحمة المهداة عليه الصلاة والسلام فسترث الأرض، لا تصدقوا وعود غير الله فوعد الله هو الذي يقع وهو المصَدَّق وهو الصادق وهو الواقع وهو الحتمي: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين) فلا تخافوا واطمئنوا لكن شريطة أن نشتغل بتحقيق الشروط: بتحقيق الإيمان في نفوسنا، بتحقيق العمل الصالح تقوم به جوارحنا وتنطلق به حواسنا وتنطلق به ألسنتنا لأن العمل الصالح يشمل حركة وقولاً، فعلاً وقولاً، لا تخشوا من المستقبل إن كنتم مؤمنين صالحين متقين، الله معنا، هيا إلى تنفيذ الشروط من إيمان وعمل صالح وتقوى وتعاون على البر والتقوى وتضامن وتباذل فيما بيننا، ودعوا هذا الذي يُفرق بيننا لأنكم إن سلكتم طريق التفريق فيما بيننا فقد اخترقتم الشروط التي تجعلكم من الذين يحيون حياة طيبة، كونوا معاً، تناصحوا فيما بينكم، تضامنوا فيما بينكم، العدو يبحث اليوم عن فجوة بينكم، عن ثغرة بينكم، إياكم أن تتركوا فجوة بين بعضكم فسيندسُّ هذا العدو الذي لا يريد إلا أن يجعلنا أذلاء، والذي لا يريد منا إلا أن يحشرنا في خيامِ الذل تحت وطأة كبريائه وعنفوانه القائم على الاستكبار والإفساد لا أكثر ولا أقل.

يا شبابنا، يا أجيالنا، يا أبناءنا: المستقبل لنا، لا تخافوا، ولكن هيا إلى العمل، هيا إلى الإيمان، هيا إلى التقوى، هيا إلى الصلاح، هيا إلى الإصلاح، هيا إلى التعاون، هيا إلى التضامن، هيا إلى التفاعل، هيا إلى التناصح، هيا إلى التسامح، هيا إلى كل ما جاء به هذا الدستور العظيم القرآن الكريم: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) اللهم اجعلنا من أهل هذا القرآن، فأهل القرآن هم أهل الله وخاصته، نِعْمَ مَنْ يُسْأَلُ ربنا، ونِعْمَ النَّصيرُ إلهنا، أقولُ هذا القول وأستغفر الله.

أُلقِيت في جامع "السيِّدة نفيسة عليها السلام" بحلب الجديدة بتاريخ 15/7/2022

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/ehx1GS8Pzv/

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

التعليقات

شاركنا بتعليق