رَحَل ولكنه باقٍ رغم أنف
الحاقدين الآثمين الغُزَاة الباغين ، كان رمزاً للمقاومة الفلسطينية
المشروعة وسيبقى كذلك .. بل ستزداد رمزّيته وتقوى ، فهو مؤسّس حَمَاسِ
الفلسطينيين في عصرنا الراهن ، وستكون شهادته تأسيساً لنصر قادم أكيد ،
فالشهادة - كما تعلَّمنا - طريق النصر .
الشيخ الشهيد أحمد ياسين : حياته تجربةٌ غنيةٌ بالحق ، ممزوجةٌ بالعدل ،
قائمة على ابتغاء وجه الله ، فيها كل مقوِّمات الجهاد الحق في سبيل الله ،
وكل مكوّنات السعي لإعلاء كلمة الله من أجل نصرة الضعفاء والمستضعفين ،
ففلسطين عاشت به وعاش بها ، والقدس والأقصى كانا همَّه الذي لا يفارقه ،
وهو في كل أحواله لم يغادر ساحة الاتباع لسيدنا محمد صلى الله عليه وآله
وسلم .
وها هو بعد استشهاده يتحوَّل إلى قيمةٍ نبيلة عظيمة تأخذ رقماً متقدماً في
سلسلة الشهادة النورانية العادلة . لقد ترجَّل " القعيد " وتحرك " المشلول
" ولم يعد الحديث من أي جهة كان عن السلام الخادع والمراوغ مقبولاً ، وعلى
من يهمهم أمر فلسطين والقدس والأقصى وكل المقدسات أن يتجهوا إلى مسار
المقاومة فلا خيار لنا سواها ، قلنا هذا سابقاً ونؤكده اليوم ونحن نبكي
الشهيد أحمد ياسين ، وما أظن أن أحداً يتمتع بقليل إسلام أو عروبة أو مروءة
أو شرف يُصِرُّ على علاقة سلامٍ مع العدو الأثيم بعد هذا الذي حدث ،
ووفاؤنا لقضيتنا المركزية القضية الفلسطينية يُحَفِّزُنا من أجل تحويل
الدموع على الشهيد إلى غاراتٍ نارية نصبُّها على الأعداء والغُزاة وحلفائهم
المختلفة ألوانهم وانتماءاتهم ومبادؤهم .
أيها الشيخ الشهيد : بَلَّغت رسالة المقاومة الحَقَّه بصدقٍ وأدَّيت أمانة
الشهادة بوفاء .
طبت شهيداً شاهداً على الحق المفدَّى ، وطاب دمُك عنواناً على مقاومة
المحتل حتى الإجلاء .
إن العين لتدمع ، وإن القلب ليحزن ، وإنا على فراقك يا شيخَنا لمحزونون ،
وأنتم يا حماس فلسطين ، ويا أهل فلسطين ، ويا شرفاء العالم جميعاً : تابعوا
وجاهدوا واصبروا وصابروا ورابطوا واتَّحدوا وائتلفوا في مواجهة الإثم
والبغي والعدوان والله معكم ، ولتصبروا ولتحتسبوا وإنا لله وإنا إليه
راجعون .
وصدق الله القائل : ( فلا تهنوا وتدعوا إلى السَّلم وأنتم الأعلون والله
معكم ولن يَتِرَكم أعمالكم ) ، والقائل : ( والذين قُتِلوا في سبيل الله
فلن يضل أعمالهم . سيهديهم ويصلح بالهم . ويدخلهم الجنة عَرَّفها لهم )
.
الدكتور محمود عكام
التعليقات