آخر تحديث: الثلاثاء 23 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
الإسلام نصوص ووقائع

الإسلام نصوص ووقائع

تاريخ الإضافة: 2005/10/21 | عدد المشاهدات: 2413
أما بعد ، أيها الأخوة المؤمنون الصائمون : ديننا نصوص ووقائع ، نصوص محكمة ووقائع انبثقت عن هذه النصوص ، فمن النصوص حديث عن الصيام ـ على سبيل المثال ـ ومن الوقائع أن ناساً منَّا صاموا وأحسنوا الصيام ، في نصوصنا حديث عن الصلاة ، وفي تاريخنا وفي حاضرنا وقائع عن أناس صلوا وأقاموا الصلاة وأعطوها حقها ، في نصوصنا حديث عن الجهاد والقتال ، والحديث عن الجهاد والقتال حديث عن فريضةٍ نحتاج من أجل أن نفهمها إلى وقائع يُتحدث عنها على أنها وقائع منضبطة بالنصوص . وهل هناك وقائع أكثر انضباطاً بالنصوص من معارك كان فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهل هناك من وقائع منضبطة ومقيدة بالنصوص من تلك الغزوات التي عاشها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وعلى هذا فإني آمل من رجالنا ونساءنا وشبابنا ومثقفينا أن يتوجهوا إلى النصوص فيتقنوها ، وإلى الوقائع فيتعرفوا عليها ، وإني أقول كلمة فيما يخص هذا الشأن أتوجه فيها إلى المدرسين وإلى الخطباء وإلى الشيوخ وإلى المتحدثين في التلفاز وإلى كل أولئك المتصدرين لتدريس الدين ، أتوجه إليهم قائلاً : كما أنكم تضبطون أنفسكم عندما تتحدثون عن النصوص ـ بعبارة أخرى ـ كما أنكم تتلون القرآن وتقرؤونه دون زيادة أو نقصان وإنما أنتم ملتزمون بالنص القرآني وتسعون من أجل أن تلتزموا برواية النص الحديثي كما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بضبطٍ وإتقان ، حاولوا واسعَوا وكونوا أوفياء وأنتم تنقلون الوقائع بلا زيادة ولا نقصان ، كونوا منضبطين بضبط الرواية وأنتم تنقلون الوقائع ، أقول هذا لأني أسمع كثيراً من نفسي ومن غيري ، أسمع كثيراً من المساجد وعلى التلفاز ، من الدروس وعلى المنابر ، أسمع أناساً يذكرون ما يسمى بالوقائع أو القصص التاريخي أراهم غير منضبطين بصحة الرواية ، يتحدثون ويضيفون على الرواية الواقعية ـ إن صح هذا التعبير ـ وكأنهم استسهلوا الإضافة على الوقائع في الوقت الذي كانت عندهم الإضافة على النصوص غير مقبولة ، أنا أقول لهؤلاء إن الإضافة أو النقصان على النصوص ومن النصوص كالإضافة على الوقائع سواء بسواء من حيث عدم الجواز . كوارث عندما تسمعون من أناسٍ يتصدرون للتدريس ، كوارث عندما تسمعون هؤلاء يتحدثون عن الصحابة الكرام بقصص ما أظن أن الكتب الموثّقة أو التاريخ الموثق ذكرها ، تسمعون من هؤلاء ما لم يكن قد وقع في التاريخ فعلاً . إن علينا أن نقول لهؤلاء : إن النية السليمة لا تكفي ، ولكننا بحاجة إلى أن نكون منضبطين ومضبوطين في نيَّتنا وفي سداد قولنا وفي صحة عملنا ، وكما قلنا في أكثر من مرة وعلى هذا المنبر وفي أمكنة أخرى : إن الصحة والإخلاص مبدءان أساسيان لصالح العمل أو للعمل الصالح ، هنالك شرطان اثنان ، الشرط الأول : أن تكون النية في العمل هذا خالصة لوجه الله عز وجل ، لأن سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم قال كما جاء في صحيح الإمام مسلم : " إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً وابتغي به وجهه " . وبعد النية الخالصة لله عز وجل وكما قال أيضاً سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حسبما جاء في البخاري ومسلم : " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " . العمل الصالح يستلزم نية خالصة ، ويستلزم صواباً ، ويستلزم تسديداً أو تصويباً للعمل ، أن يكون موافقاً لشرع الله عز وجل وهذا يقتضي منك أن تعرف الآية أو النص الذي يدعوك ، معرفة واعية ، النص الذي يدعوك إلى تطبيق هذا الأمر أو ذاك ، أو الذي ينهاك عن هذا الأمر أو ذاك ، وإلا نحن في حياتنا الآن نقول على الدين ما لم يقله الدين ، وبالتالي لا يمكن أن يؤثر ما لم يقله الدين في الناس كما يؤثر الدين . وهذا هو أحد الأسباب الذي جعل المسلمين اليوم لا يطبقون . قال لي سائل في يوم من الأيام : لماذا لا يُطبق المسلمون اليوم الإسلام ؟ يسمعون ولكنهم لا يطبقون . قلت لهذا السائل : إنهم لا يطبقون الإسلام لأنهم لا يسمعون الإسلام ، اعذروني إن قلت هذا ، لأنهم لا يسمعون الإسلام ، إنهم لا يسمعون إلا حكاياتٍ قد تجافيها الصحة ، وهل يسمعون إلا قصصاً قد تبعد عنها الموثوقية ، لذلك هم يطبقون ما يسمعون ، ولو أنهم سمعوا الإسلام كما سمع الصحابة الكرام الإسلام خالصاً صافياً صائباً من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لطبقوه دون تردد ، قولوا لي بربكم : هل فكر واحد منكم وكنت قد هيأت نفسي من أجل أن أقرأ عليكم قصة بدر ولكنني الآن وقد قطعت عدداً من الدقائق أحببت أن أبقى في هذا الموضوع الذي بدأت فيه وسأرجئ الاطلاع على غزوة بدر لكم أنتم من الكتب الموثقة لا من التلفاز ، فالتلفاز لا يُعلّم ـ صدقوني ـ التلفاز أداةٌ في أحسن أحوالها للتسلية ، للإثارة ، إثارة الخبر حيث لا خبر . وكما يقول أصحاب القنوات لاستباق الحدث ، يستبقون الحدث ويستبقون التحليل ويحللون بحسب ما يرون ، أو بحسب ما لا يرون ، وهذا هو الأغلب . أقول لكم هل بيننا من سمع الآن ، وكلنا سمعنا بأن غزوة بدر مرت ذكراها البارحة في السابع عشر من رمضان ، هل توجه واحدٌ منا إلى كتاب موثَّق من أجل أن يقرأ قصة بدر ، وليسألني عن كتاب موثق وسأدله ، ولا أريد أن يقتصر هذا الإنسان المسلم على السماع من التلفاز أو من الشريط ، لا أريد أن يقتصر على هذا وهو يسمع ، فالسّماع من التلفاز أو الرؤية من التلفاز لا تُعلم لأنك لست متوجهاً بكليتك إليه ، وإنما أنت منشغل بالصورة التي تظهر أمامك ، ومنشغل بحديث يجري معك من قبل أهلك ، من قبل أخيك ، من قبل هذا الذي بجانبك ، التلفاز لا يعلم ولو كان الذي يتكلم عالماً ، أنا لا أقول عمن يظهر في التلفاز من العلماء الجادين وهم قلة ، أقول هؤلاء علماء ، ولكن التلفاز بحد ذاته لا يعلم ، وإنما الذي يعلم هم هؤلاء العلماء عندما تكونوا بين أيديهم ، لقد نسينا أنَّ طلبَ العلم يحتاج إلى جلسة خاصة منضبطة ، " يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك " وتوجه بأنظارك ، وليكن قلبك مستحضراً ، وليكن عقلك متفتحاً ، " يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك ، فإن الله يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض بوابل السماء " . غزوة بدر بحاجة إلى أن تدرسوها من الكتاب ، من كتب السيرة هنالك كتاب في السيرة النبوية لابن هشام ، هنالك كتب في الأحاديث النبوية البخاري ومسلم وجامع الأصول الذي جمع هذه الكتب الستة وهذه الكتب حوت تفاصيل تتعلق بغزوة بدر . مالي أراكم أيها الناس لا تقرؤون ، مالي أراكم أيها الطلاب يا طلاب العلم لا تكتبون ، قال لي أحد الأخوة بالأمس : الآن أصبحنا لا نكتب وإنما نكتب بما يسمى بالحاسوب ، قلت له إن القلم سيبقى هو الوسيلة الضرورية التي لا غِنى لنا عنها ، الله عز وجل قال : ﴿ ن . والقلم وما يسطرون ﴾ القلم : 1 القلم فيه سر ينبغي ألا نستغني عنه ، القلم لا يُستغنى عنه ، أرأيتم يا إخوتي لما استغنينا عن القلم واستغنينا عن الكتاب واستبدلنا بالقلم الحاسوب ، أنا لا أدعو إلى أن نرفض الحاسوب ، لا ، ولكن أدعو إلى أن لا نرفض القلم ، إلى أن يكون القلم حاضراً دائماً مع الحاسوب ، وأنا لا أدعو يوم استبدلنا بالكتاب التلفاز ، أنا لا أدعوا إلى أن نُعرِض عن التلفاز بالمرة ، ولكن أدعو إلى عدم الإعراض عن الكتاب وأن لا يكون التلفاز بديلاً للكتاب . كم تقرؤون من الكتب فيما يتعلق بالنصوص وفيما يتعلق بالوقائع ، كم تقرؤون أنتم أيها الطلاب في الجامعة وفي الثانوية ، أنتم أيها الأساتذة أنتم أيها الموظفون الحاصلون على إجازات جامعية ، أين القراءة في عصرنا أين القراءة في مثقفينا أين القراءة في طلابنا ، أين الاطلاع ، أين ذاك الذي يجب أن نرجع إليه ، لو أننا اقتصرنا على الحاسوب لما كان هنالك من ضرورة من أجل أن نطبع المصاحف فهل تعتقدون بأننا سنستغني عن المصاحف يوم نلتفت فقط إلى الأقراص الليزرية التي نسجل عليها ؟ فهل سنستغني عن المصاحف ؟ للمصاحف قوتها وهي الحاكمة ، المكتوب المقروء حاكم على المرئي المسموع شئنا أم أبينا . في بلاد الغرب سعيٌ حثيث للمحافظة على القلم والكتاب ، ولا يزال الكتاب في الغرب يُسطّر فيباع منه ملايين النسخ ، والواحد منا يظن أن الغرب ما عاد يستخدم الكتاب ، لا أيها الإخوة في الغرب ملايين الجرائد وملايين المجلات ويصدر الكتاب ، ولا تزال الجوائز الكبرى تُعطى لأصحاب الكتب وللذين بيعت كتبهم ، انظروا كم يمكن أن يباع من النسخ لأفضل كتاب هنا ، يباع منه عشرات الآلاف في أحسن الأحوال ، أما في الغرب فتباع من بعض الكتب ملايين النسخ ، كم كتاباً اشتريت أنت في رمضان وثمن الكتاب قد لا يعدل ثمن قرص من المعجنات اعذروني إن قلت هذا ، في كل يوم تشتري وتتفقد بيتك من أجل أن يكون فيه دائماً هذا الطعام من المعجنات أو الحلويات المختلفة ، كم قرصاً من المعجنات اشتريت في رمضان ؟ لقد اشتريتَ الكثير ، وهنيئاً وأنت تأكل هذا ، ولكن كم كتاباً اشتريت وثمن الكتاب الذي تشتريه في كل رمضان لا يكاد يعادل ثمن ما تشتريه في يوم واحد من طعام قد لا تحتاجه وإنما تضعه في الثلاجة ليبقى إلى اليوم التالي وهكذا دواليك ؟ وفّروا من طعامكم لأنكم صائمون واشتروا كتباً ، يجب أن يكون في كل بيت من بيوتنا مكتبة ، ركن للكتاب وليس للزينة ، ركن للكتاب نقرأ فيه أمام أبنائنا ويقرأ فيه أبناؤنا وتقرأ فيه نساؤنا ، أقول لك أنت أيها الذي تزوجت امرأة مثقفة تحمل شهادة ، يوم دخلَتْ بيتك انخرَطت في العمل المنزلي العادي ونسيت القراءة والكتابة ، كثيراً ما أسمع بأن فلاناً تزوج امرأة تحفظ القرآن الكريم غيباً وبعد سنتين أسأل هذه المرأة : هل مازلت تحفظين القرآن الكريم ، وإذ بها تقول وبكل وضوح نسيت ما كنت أحفظه . كثيراً ما أسمع بأن فلاناً تزوج امرأة تحمل شهادة في الأدب العربي ، أي تعرف النحو والأدب السيرة والإسلاميات لأنها قرأت في الكلية هذا ، وكتبت يوم أن كانت طالبة قصة أو شعراً في ميادين الخير والفضيلة ، وبعد مرور سنوات على زواجها وإذ بالمرأة تغدو مادة أو عنصراً مادياً من عناصر البيت لا أكثر ولا أقل للطبخ والطهو كما يقال ، وللاستقبال والتوديع وإقامة بعض الحفلات وإقامة بعض السهرات وصار لها عدد من البرامج التلفازية في أحسن أحوالها من أجل أن تنظر إليها ، بعض البرامج التلفازية المتدينة ، وأنا أرفض قناةً مُتديّنة وأريد من الرجال والنساء لاسيما المثقفين ، أرفض منهم أن يعتمدوا التلفاز وسيلة ثقافية أو علمية ولكنني ألحّ عليهم من أجل أن يقرؤوا الكتاب ، وأن يستعيدوا الحالة التي كان عليها سلفنا الصالح . مِنْ سلَفنا : البخاري وهو أعجمي كتب كتاباً يعتبر الكتاب الصحيح في ميدان الحديث الشريف ، وفي تاريخنا أيضاً مسلم النيسابوري وليس عربياً كتب كتاباً يعتبر من الكتب الصحيحة الموثّقة في ميدان الحديث الشريف ، وكان ذلك يوم كانت الأوراق قليلة إلا أن إنتاجهم في ميدان الورق كان كثيراً ، إقرؤوا سيرة النووي ، إقرؤوا سيرة الشافعي وهؤلاء لم يُعمّروا كثيراً ، فالنووي مات على رأس الخمسين ، أما الشافعي مات على رأس الرابعة والخمسين ... وهكذا دواليك ، ونحن ، وعندما نكون في سن الأربعين والخمسين سواءً كنا ذكوراً أو إناثاً للواحد منا برامج تلفازية ، ينظر للشيخ الفلاني في برنامجه وأنا على يقينٍ بأنه لا يستوعب هذا الذي يقوله الشيخ في التلفاز ، وأن الشيخ في التلفاز لا يستوعب هذا الذي يقوله ، وعندما أقول هذا حين يطلب مني بشكل واضح أعتمد على أشياء محققة وأنا أتكلم . البارحة كنت أسمع هكذا وبشكل عابر ، أنظر التلفاز فسمعت حديثاً دينياً كان المتحدث أولاً يتحدث باللغة العامية الدارجة المصرية ، فقلت في نفسي : ما الذي سيقدمه من الفائدة سوى أنه سيعلم أبناءنا اللهجة المصرية ثم بعد ذلك وأنا أستمع إليه في بعض النقاط التي يحكيها عن التاريخ وجدته في النحو ساقط اللسان ، وجدت لسانه غير صائب ، ثم عندما تحدث عن بعض القصص التي تتحدث عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإذ ببعض هذه القصص لا تَمُتُّ إلى الصحة بشيء ، أو في أحسن الأحوال لا تمت إلى الصحة بشيء كبير. بعد هذا تريد منا أن ننهض على أننا نعرف العجيب ، إنني أسمع من الناس اليوم أنهم يقولون الحمد لله ، العلم بالإسلام كثر ، هكذا نسمع ، أين العلم بالإسلام ؟ يا إخوة أين العلم بالإسلام وأنا أسمع الشيوخ المتصدرين الكبار بحسب الظاهر ـ أسمعهم يتكلمون بغير علم ، أين العلم ؟ هل تحكمون على عصرٍ مضى من أربعين سنة بأنه كان عصراً ليس فيه علم شرعي والآن في عصرنا هذا هنالك علم شرعي ؟ أين الكتاب الذي تقرأ منه ؟ أين الكتاب الذي تدرسه ؟ على أي شيخ تحضر فتقرأ معه الكتاب الفلاني ؟ هنالك دروس في مساجدنا إلا أن هذه الدروس مُعَنوَنة بعنوان الوعظ ، وكلمة الوعظ أضحت كلمة مطاطة الآن ، يتحدث فيها الشيخ عما هبَّ ودبَّ ، كم من مناماتٍ تروى على مسامع الناس في أحاديث الوعظ التي يلقيها شيوخنا ، وكم من قصص يرويها طلاب العلم اليوم عن أنفسهم وعن آباءهم وأمهاتهم ، وتدخل زوراً وبهتاناً في سجلات الوعظ التي يقومون بإلقائها وطرحها على الناس ؟ أهذا هو الإسلام ؟! أو أهذا هو العلم الذي تتحدثون عن اتّساعه وانتشاره ؟ إني لأرى ذلك بخلاف ما يرى بعضكم ، إن كان يرى هذا البعض بأن القلم قد كثر واتسع . يوم كنا طلاباً وكان شيوخنا الذين يُتهم عصرهم بأنه لم يكن عصر علم ، كان شيوخنا على قلة وسائل الطباعة يكتبون ويؤلفون ، منذ ثلاثين أو أربعين سنة إذا عددت الشيوخ في حلب على سبيل المثال أربعين شيخاً وجدت منهم ثلاثين تركوا مؤلفات علمية قيمة بعد أن توفاهم الله عز وجل ، الآن نعدُّ في حلب مئة شيخ ما أظن أن عشرة يكتبون ويؤلفون وفق المنهج العلمي والطريقة العلمية ، وقس هذا على المجالات الأخرى ، على عالم الثقافة ، على عالم الجامعة ، على عالم التدريس في الثانويات ، كنا نرى كتباً كثيرة وقد كتب عليها تأليف فلان المدرس في ثانويات حلب في ميدان الجغرافية والتاريخ والتربية الإسلامية والعلوم و ، و ... الخ . لكننا الآن لم نعد نرى كتاباً قد كتب عليه من تأليف فلان المدرس في ثانويات أو إعداديات حلب ، وثانويات حلب كانت لا تتجاوز الاثنتين أو الثلاثة ، أما اليوم فثانويات حلب تتجاوز العشرين ، الثلاثين ، الأربعين ، تتجاوز العدد الكثير ، لكن الأساتيذ فيها منشغلون بدنيا فارغة تافهة ، ومنشغلون بوسائل لا تقدم ولا تؤخر . خلاصة ما أريد أن أطرحه عليكم اليوم أن تلتفتوا إلى الكتاب ، يا أمة الكتاب ، نحن أمة اقرأ ، أو هكذا نقول عن أنفسنا ، نحن نقول للآخرين : إن الإسلام دين العلم ، أوَليست الآية الأولى جاءت بالكلمة الأولى ﴿ اقرأ ﴾ العلق : 1 ، فنحن أمة القراءة ، هكذا نقول للآخرين ، أنتم أمة اقرأ ولا قارئ ! كيف تكونون أمة القراءة ولا قارئ فيكم ، كيف تكونون أمة الكتاب ولا كتاب منتشر بينكم ، كيف تكونون أمة تنتسب لسيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي قال كما جاء في الطبراني ، تنبهوا واسمعوا وعُوا : " إذا أتى عليَّ يوم لا أزداد فيه علماً يقربني إلى الله فلا بورك لي في شمس ذلك اليوم " أعتقد أننا ندعوا على أيامنا كلها في ألا يبارك الله عز وجل في شموسها ، لأننا لا نزداد علماً في كل يوم ، بل نتناقص من حيث العلم ، وننقص من حيث العلم ، وكما قلت لكم في المستهل : الواحد منا يكون حائزاً على شهادة من كلية من الكليات إلا أنه بعد فترة ولا سيما في عالم النساء اللواتي استبدلن أيضاً بالعلم الدروس والجلسات التي لا تقدم بل تؤخر ، بل تؤخر . نعم وإنها كلمة واضحة ، ويجب أن نتواصى بالحق وأن نتواصى بالصبر ، صحيح أنه منذ أربعين سنة أو خمسين سنة لم تكن هذه الجلسات النسائية ، إلا أن المرأة كانت في ذلك الوقت وأقول في ذلك الوقت ليس تعلقاً بالتاريخ وارتباطاً به لمجرد أنه تاريخ ، ولكنني أتحدث عن واقع عايشته وأعيشه إلا أن المرأة في ذلك العصر كانت امرأة صالحة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى ، كانت أمية لأنها قد حُكم عليها بأن لا تدرس ، إلا أنها كانت واعية ، إلا أنها كانت خاشعة ، إلا أنها كانت مدبرة . أما اليوم فأنا أتكلم عن المرأة المتدينة ولا أتكلم عن الجميع ودائماً لي قاعدة أقول : ( من عمَّم فقد أخطأ ) لكنني أتكلم عن مظاهر أصبحت كثيرة ومتفشية ، أتكلم عن جلسات كثرت للنساء ولكن انظروا ماذا يتعلمن في هذه الجلسات ؟ إنهن يلتقين ببعضهن من أجل أن تدبر كل واحدة منهن للأخرى كلاماً لا صلة له بالإسلام ، ومن أجل أن تفرض عليها مشيخة ، ومن أجل أن تكون لها مريداتٍ يطعنها ويخالفن أزواجهن ، ويخالفن آباءهن ، ويخالفن أمهاتهن ، على لا شيء أو على ما يخالف وهو باسم الدين كما يُدعى . أدعو الجميع إلى لحظة رشد ، أدعو الشيوخ ، أدعو نفسي طبعاً أولاً فالكلام أوجهه لنفسي أولاً وأيم الله ، وأدعو الشيوخ الآخرين ، وأدعو الشيخات ، أدعو المدرسين وأدعو المدرسات ، أدعو الإخوة الحاضرين ، أدعو الإخوة السامعين ، أدعو الإخوة القارئين ، أدعو كل من يحكي حكاية الإسلام إلى الوفاء والإتقان ، إلى الصدق والإخلاص والصحبة ، أدعو هؤلاء جميعاً إلى هذا ، والآن أطلب منكم لأني لم أقرأ عليكم قصة بدر ، أدعوكم إلى أن تقرؤوها في بيوتكم وإنها لأمانة ، أن تقرؤوها في بيوتكم من كتب صحيحة من كتب موثقة ، ومن أحاديث موثقة لا من التلفاز ، واسمعوا لي هذه المرة فستجدون خيراً كثيراً ، أدعوكم إلى ذلك والله عز وجل هو الذي يتولانا . اللهم إني أسألك أن تردنا إلى عقلنا وإلى ديننا وإلى ذِكرنا وإلى كتبنا التي تحكي إسلامنا حكاية موثقة صحيحة أن تردنا إلى ذلك رداً جميلاً . اللهم ردنا إلى القرآن الكريم كتاباً نتدبره ، نقرؤه ، نتلوه ، اللهم ردنا إلى القرآن الكريم والحديث الشريف وما ورد عن أولئك السلف الذين تقيدوا بهذا الدين تقيداً واعياً ، أسألك أن تردنا إلى ذلك رداً جميلاً بحق من قبلت من المسلمين صيامه ، وبحق من قبلت من المسلمين قيامه ، وبحق من قبلت من المسلمين قراءته للقرآن الكريم ، اللهم آمين نعم من يسأل أنت ونعم النصير أنت أقول هذا القول وأستغفر الله .

التعليقات

شاركنا بتعليق