آخر تحديث: الجمعة 26 يوليو 2024
عكام


محـــــــاضرات

   
لم لا يغضب العاقل

لم لا يغضب العاقل

تاريخ الإضافة: | عدد المشاهدات: 2889

بدعوة من المركز الثقافي العربي بخان شيخون، ألقى فضيلة الدكتور الشيخ محمود عكام محاضرة بعنوان: (لم لا يغضب العاقل)، وذلك يوم الجمعة الساعة التاسعة مساء.

وبسبب الإقبال الجماهيري الواسع فقد تم تحويل المحاضرة من قاعة المحاضرات في المركز الثقافي إلى صالة أفراح لتتسع لأكبر قدر من الناس.

وبدأ الدكتور محاضرته معلقاً على ما يسمى بالرسوم المسيئة إلى مقام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وبين في البداية أن الرسوم لا تسيء إلى الرسول، بل هي إساءة للإنسانية بكاملها. وبين الدكتور محمود أنه قد رفع دعوى ضد أصحاب الرسوم وتم تسجيلها في بلجيكا، لأن من ارتكب هذه الفعلة ارتكب جريمة توافرت فيها كل العناصر التي تجعل من مرتكبها مجرماً يستحق المحاكمة والعقاب. وعناصر هذه الجريمة هي:

1- الاعتداء على الحرية من خلال التعسف في استعمالها، ونحن إذ ندعو إلى تحديد الحرية فهذا لا يعني تقييداً لها كما يدعي بعضهم في الغرب والشرق، بل هو برمجة تحقق لها معناها الحقيقي إذ تجعلها حرية مسؤولة.

2- مخالفة الشفافية واللطف واحترام الآخر، التي يدعو الغرب نفسه إليها، ويجعل من نفسه حارساً لهذه القيم المرغوبة إنسانياً، فهو يدعي أنه يرفق بالحيوان، لكنه ينأى عن الرفق بالإنسان. ولقد علمنا الإسلام أن نحترم الإنسان أياً كان هذا الإنسان، وها هو سيدنا علي كرم الله وجهه يوصي عامله بمصر : "أشعِر قلبك الرحمة للرعية واللطف بهم، فالناس صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق". ولقد علمنا القرآن الشفافية، فقال: ﴿ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم﴾، وقال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه" قالوا: يا رسول الله: وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: "يسب ابا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه". فنحن لا نشتم الكفر، بل ننقد ونحاور الكفر، وإن اعتدي علينا فإننا نقاتل الكفر.

3- الكذب: فالشخصية التي رُسمت لا تمثل محمداً صلى الله عليه وآله وسلم ولا تشبهه من حيث الشكل، كما إن الوصف الذي ألحقه الرسام بالرسم ليس وصف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

4- الإساءة إلى الإنسانية كافة من خلال الإساءة إلى أحد أكبر رموزها، وأكثرهم عطاء نافعاً للإنسانية. ونحن بالنسبة لنا فرسول الله رمز الرموز، وبالنسبة لكم هو أحد الرموز، وقد اعترف بذلك عقلاؤكم (مايكل هارث) على سبيل المثال، وبفعلتكم هذه فقد أسأتم الى دولة الإنسانية.

 وآخر ما أتوجه للغرب فأقول لهم:

إما أن يكون هذا الذي ارتكب هذه الجريمة مجنون، فاحجروا عليه وضعوه في المكان المخصص للمجانين، وعندها تسقط العقوبة عنه. وإما أن يكون عاقلاً، فعاقبوه لأنه أساء إلى العقلاء من الأمم الأخرى.

لا نطلب منكم اعتذاراً، لأننا لا نمثل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بل نطلب منكم أن تُفَعِّلوا قوانينكم وتعاقبوا هذا المجرم.

ثم ذكر الدكتور عكام أن هذه الدعوى التي أقامها هي شاهد للتاريخ، ولن يحفظ التاريخ صراخنا ومظاهراتنا، بل يحفظ سجلاتنا، فنحن أمة السطر والصدر، ويجب أن نحافظ عليهما معاً.

سألنا الغرب: لم قامت قيامتكم عندما تكلم روجيه غارودي عن إسرائيل والسامية، فأسرعتم لمحاكمته.

إن من فعل هذه الفعلة هو سفيه، وقام بعض منا فردوا على السفاهة بسفاهة (من باب المشاكلة)، لذلك نقول لكم: اضبطوا سفهاءكم كي نضبط سفهاءنا، فإذا لم تضبطوا سفهاءكم فسيحتج علينا سفهاؤنا بكم، وعندما يتصرف السفهاء ويسكت العقلاء فسوف تكون الكارثة.

هذا فيما يتعلق بالغرب وما يجب عليهم فعله، أما فيما يخصنا فما واجبنا حيال النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟

إن لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حقوقاً علينا، ونريد أن تكون هذه الأزمة نقطة انطلاق للعود والرجوع إلى التحقق بحق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علينا، هذا الحق الذي حددناه في ثلاثة أمور أو حقوق:

1- التعرف: ﴿أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون﴾.

2- المحبة: "أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه، وأحبوني بحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي".

3- الاتباع: ﴿قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله﴾.

 ثم أورد الدكتور محمود عكام بعض شهادات عقلاء الغرب في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من خلال مقولات أطلقها علماء وفلاسفة وأدباء وسياسيون وعسكريون فقال:

أريدكم أن تخاطبوا الغرب من خلال ما كتبه عقلاؤه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وها أنذا أورد لكم بعضاً من ذلك:

- يقول برتراند راسل: "إن محمداً نبي المسلمين إنما جاء للبشر جميعاً فكيف يهين إنسان إنساناً قبله جاء للبشر وللإنسانية يهديهم إلى السلام، لقد قرأت عن الإسلام ونبي الإسلام فوجدت أنه دين جاء ليصبح دين العالم والإنسانية، فالتعاليم التي جاء بها محمد والتي حفل بها كتابه ما زلنا نبحث عنها ونتعلق بذرات منها، وتنال أعلى الجوائز من أجلها، وكان محمد بتعاليمه وكتابه أحق بكل الجوائز لأنه لم يسبق إلى ذلك".

- ويقول توماس كاريل في كتابه (الأبطال): "لم يكن رسول الله من محبي الشهرة، ولم يكن في فؤاد ذلك النبي العظيم أي طموح دنيوي، ولو كان يريد ذلك لركن إلى أقوال الذين ساوموه على ذلك ولكنه أقسم أنهم لو وضعوا الشمس في يمينه والقمر في يساره على أن يترك هذا الأمر ما تركه، فأي رجل هذا، وأي نبي كريم هذا الذي واجه أعداء رسالته من أقرب الناس إليه، ومع ذلك استمر يقنع الجميع بالحجة التي أعطاها الله له. ويقول متابعاً: لقد أصبح من أكبر العار علينا وعلى أي فرد متمدن من أبناء هذا العصر أن يصغي إلى تلك الاتهامات التي وجهت إلى الإسلام ونبيه محمد وواجبنا - هكذا يقول هذا الكاتب الغربي غير المسلم - وواجبنا أن نحارب ما يُشاع من مثل هذه الأقوال السخيفة المخجلة فإن الرسالة التي أداها محمد ما زالت السراج المنير".

- ويقول الفيلسوف الفرنسي روسو: "لم يعرف العالم اليوم رجلاً استطاع أن يحول القلوب والعقول من عبادة الأصنام إلى عبادة الإله الواحد إلا محمداً، ولو لم يكن قد بدأ حياته صادقاً أميناً لما صدقه أحد حتى أقرب الناس إليه، وبخاصة بعد أن جاءته السماء بالرسالة لنشرها على بني قومه الصِّلاب العقول والأفئدة لكن السماء اختارته بعناية كي يحمل الرسالة فشبّ متأملاً محباً للطبيعة".

- يقول فولتير الأديب الفرنسي المعروف: "السنن التي أتى بها كلها ما عدا تعدد الزواج قاهرة للنفس مهذبة لها، فجمال تلك الشريعة وبساطة قواعدها الأصلية جذبا إلى الدين المحمدي أمماً كثيرة - ويقول - نريد أن نمحو هذه الأخطاء التي ارتكز عليها الكارهون للإسلام والتاريخ فالذين يكذبون على التاريخ لا يستحقون أدنى احترام، والذين يسبون محمداً لا يستحقون الحياة" هذا ما يقوله (فولتير) الفيلسوف الفرنسي المعروف.

- ويقول نابليون بونابرت: "لو أن القادة العسكريين يتمسكون بمبادئهم كما يتمسك رجال مصر بدينهم لأصبح العالم ملكي لو كنت قائدهم، فأنا لم أكن أعرف أن الإسلام قوي بما يحمل علماؤه في صدورهم وعقولهم، يبدو أن القرآن الذي يحملونه قوة عليا لا تُقهر ولا تُهزم، وأنا لا أستطيع أن أقهر القوى العليا التي تحرك المسلمين -ويقول متابعاً- أحمد الله أني لم أكن موجوداً في العصر الذي كان فيه نبي الإسلام يقود المعارك ضد أعدائه وإلا كنت قد هُزمت بجدارة وإذا كان هذا حال أتباعه فكيف كان حال محمد صلى الله عليه وآله وسلم".

- ويقول هتلر: "لست نبياً، ولست رسولاً، ولست مسلماً، بل لست محمداً، بل أنا هتلر الذي وُلد ليكره اليهود ويذلهم بعذابه إلى الأبد، إن الذي استطاع أن يتعامل مع اليهود ويكسبهم ويُشلّ حركتهم في نفس الوقت هو رسول الإسلام محمد الذي فهم ما تدور به عقولهم وقلوبهم، إنهم لا يستحقون الحياة إلا أن محمداً كان واسع الصدر يملك منطقاً غير عادي تأكدت منه لتعامله معهم بالود الذي لم يألفوه وبالقوة التي شهدوها. أعتقد أنه لو كان محمد في عصرنا هذا لما فعل ما فعلت مع اليهود لكنهم في رأيي لا يستحقون إلا ما قمت به معهم".

- ويقول تولستوي الأديب الروسي الكبير: "أنا واحد من المبهورين بالنبي محمد الذي اختاره الله لتكون رسالته آخر الرسالات ولتكون آخر الرسالات على يديه وقلبه وعقله، وليكون هو أيضاً آخر الأنبياء، لا يوجد نبي حظي باحترام أعدائه سوى محمد، مما جعل الكثرة من أعدائه يدخلون الإسلام، ومما لا ريب فيه أن محمداً من أعظم الرجال المصلحين الذين خدموا الهيئة الاجتماعية خدمات جلية، ويكفيه فخراً أنه هدى مئات الملايين إلى نور الحق وإلى السكينة والسلام وفتح للإنسانية طريقاً للحياة الروحية العالية وهو عمل لا يقوم به شخص إلا مَن أوتي قوة وإلهاماً وعوناً من السماء".

- ويقول المهاتما غاندي الزعيم الروحي للهند: "لقد درست الإسلام وعرفت من خلاله قيمة الإنسان وحقوقه، وإن نبي الإسلام هو الذي قادني إلى المناداة بتحرير الهند، إن كل من يتعرف على النبي محمد تشفّ روحه وتصبح عظيمة وإني من أشد المحبين والمعجبين بمحمد".

 في نهاية المحاضرة استمع الدكتور الشيخ محمود عكام إلى مداخلات المستمعين وأسئلتهم، ومن أبرز الأسئلة:

سؤال: نسمع بأن واجبنا هو الدفاع عن الإنسانية بالكلمة والحوار، فهل هذا يكفي أم لا بد من القوة؟

جواب: نحن نبحث عن الواجبات التي في مُكنتنا، فالذي نقدر عليه نحن هو الكلمة والحوار، وإن كانت المكتبات قد امتلأت كما نقول، غير أن صدرونا وعقولنا لا زالت فارغة لأننا أمة لا تقرأ. نحن نقوم بواجبنا الذي نقدر عليه وهو الكلمة والحوار، أما القوة فهي من اختصاص أولي الأمر، لذلك يجب أن ندعو أولي الأمر ليتحلوا بالقوة ﴿وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة﴾ والمعني بالقوة المادية هم أولو الأمر، لذلك نحن نتوجه لهم ونطلب منهم الإعداد المادي. فالجهاد مربوط بولي الأمر، وعلينا أن نحثه على ذلك.

سؤال: لقد طرحنا المقاطعة الاقتصادية، لكنك قللت من شأنها.

جواب: المقاطعة الاقتصادية ستلخص كل نشاطنا وتدفعنا لأن نقول كلاماً ليس له أثر.

فإن كانوا سيعتذرون من أجل الدولار أو الاقتصاد فلا نريد هذا الاعتذار، فكيف إذا كنا غير قادرين على الضغط عليهم اقتصادياً. نحن نريد تنشيط وتفعيل العقل والقلب والفكر، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طلب منا أن نتخذ موقفاً حاسماً: "لا يكن أحدكم إمعة. يقول: إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساؤوا أسأت. ولكن وطّنوا أنفسكم إذا أحسن الناس أن تحسنوا وإذا أساؤوا ألا تظلموا".

التعليقات

شاركنا بتعليق