آخر تحديث: الثلاثاء 23 إبريل 2024
عكام


أخبار صحـفيـة

   
إذاعة دمشق تحاور الدكتور محمود عكام بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف

إذاعة دمشق تحاور الدكتور محمود عكام بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف

تاريخ الإضافة: 2006/04/10 | عدد المشاهدات: 3406
استضافت إذاعة دمشق على الهواء مباشرة – صباح الإثنين 12 ربيع الأول 1426هـ الموافق: 10 نيسان 2006 الدكتورَ محمود عكام، في حديثٍ لطيف وحوار جميل حول تجليات ذكرى المولد النبوي الشريف، والمعاني الإنسانية الرفيعة، والقيم الراقية التي تمثلها هذه الذكرى الشريفة للإنسانية كافة. وقد بين الدكتور عكام في بداية اللقاء أن ذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هي ذكرى مولد الإنسانية، مولد القيم الحميدة التي ينبغي التحلي بها، وتحويلها إلى واقع. فنحن جميعاً – وأعني الإنسانية كلها – توّاقون إلى تلك القيم، ونتطلع إلى أن نتنفس من تلك الرئة التي تنفس منها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والتي غَدَت الرحمة والاستيعاب واللطف والإحسان بعضاً من مفرداتها ومكوناتها. إذاعة دمشق: هل يعني ذلك أننا يجب أن نلتفت – في احتفالنا بهذه المناسبة وإحيائنا لها - إلى التحلي بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ الدكتور محمود: نعم. هذا صحيح. وأنا أفهم الأخلاق على أنها: أسلوب أمثل في أداء الأفعال والأقوال، وبعبارة أخرى: هي الإحسانية في القول والعمل. فالأخلاق أسلوب، وهو أسلوب أمثل في التعبير والأداء، لأن لكل قول أو فعل أو أمر مستويان: مستوى المضمون ومستوى الأسلوب. والأسلوب أهم من المضمون. وهذا ما نلمحه في قوله تعالى: ﴿قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى﴾. فمن أراد أن لا يتصدق – وقد يكون غنياً وقادراً على التصدق – فلا أقل من أن يرد سائله بعبارة لطيفة وقول حسن، فالأسلوب مهم وهو المنظور إليه، في القول والعمل والمنع والإعطاء. والأخلاق بهذا المعنى يتوجه بها الإنسان إلى كل من حوله وما حوله. ولقد سألني أحد الإخوة عن عبارة يسجلها على لوحة احتفالاً بذكرى المولد، فقلت له: سجّلْ عليها قول الله لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿وإنك لعلى خلق عظيم﴾. إذاعة دمشق: من الملاحظ – فضيلة الدكتور الشيخ محمود عكام – أنكم تركزون في خطابكم على الإنسانية، وتتوجهون إلى الإنسان. الدكتور محمود: لا شك في ذلك. ولقد كنت أقول دائماً، ولا أزال أردد: إن القضية ليست قضية إسلام أو لا إسلام، وإنما قضية إنسان أو لا إنسان، ومتى وُجد الإنسان جدَّ البحث عن الإسلام. ولا شك في أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو الشخصية الإنسانية الأرقى والأوسع، ولذلك مدحه ربه فقال عنه: ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾، ورحمته صلى الله عليه وآله وسلم بالعالمين لا تقتصر على فئة دون أخرى من الإنسان، بل لا تحدها الإنسانية وحدها، فهي رحمة بالموجودات كلها، ولذلك لا نعجب إذا رأينا كيف تتسع رحمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويتسع رِفقه ولطفه ليشمل الحيوانات، فهو القائل على سبيل المثال: "دخلت امرأة النار في هرة حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض"، وهو الذي وسع حبه وشملت رحمته الجمادات، حتى وقف أمام جبل أحد قائلاً: "أحد جبل يحبنا ونحبه"، ووقف أمام مكة موطنه فقال لها: "والله إنك لخير أرض الله وأحب البلاد إليّ"، وخاطب بلاداً اخرى فقال: "اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا". بل إنه صلى الله عليه وآله وسلم شمل بقاع الأرض كلها بحبه ورحمته فقال: "وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً". فقد أعطى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بصمته لكل الأرض على أنها مسجد، ووصْفها بالمسجد يعني أنها طاهرة ومقدسة، فكل الأرض مقدسة، وإن كان هناك أماكن فيها أعطيت بصمة زائدة من القداسة، فإن ذلك يعود إلى خصوص ما فُعل على هذه الأرض من أمور تنفع الإنسان وتعطي الخير للإنسان. وأقول: ما أعظم هذه العلاقة الخيّرة التي شرّعها الإسلام ونسجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين الإنسان والإنسان، وبين الإنسان والحيوان، وبين الإنسان والجماد، وبين الإنسان وكل الموجودات، واسمعي إليه صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول: "المسلم أخو السلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يُسلمه. بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. كل المسلم على المسلم حرام: دمه وعرضه وماله". وهو يقول أيضاً: "لا تبخسوا الناس أشياءهم". إذاعة دمشق: إذن. إذا كنا نحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونريد أن نستذكره فعلاً فهذا يعني أن نتمثل صفاته وأخلاقه ؟ ولا أقل من أن نمسك كتاباً يتحدث عن سيرته الشريفة لنقرأ فيه ؟ الدكتور محمود: أنا أقول دائماً وأكرر: إن لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حقاً علينا، ويجب في مثل هذه المناسبات أن نتفكر في واجباتنا حياله صلى الله عليه وآله وسلم. ولقد حددت هذه الواجبات في ثلاثة أمور هي: 1- التعرف: فإذا جهلنا مَنْ هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسوف نتخبط خبط عشواء في البحث عن شخصية أنموذج نتأسى بها. وأصدقك القول أيتها الأخت الفاضلة: لقد استمعتُ إليك وأنت تقدمين لهذه المناسبة – مناسبة المولد الشريف – فانتابني الخشوع وأنا أسمع لما ذكرته من سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. لقد خاطب الله قريشاً والعرب فقال لهم: ﴿أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون﴾. فإذا لم تعرف رسولك فسوف تنكره، والإنسان عدو ما يجهل ومن يجهل. 2- الحب: الواجب الثاني هو الحب. يجب أن يملأ الإنسان قلبه بالحب، ولا يملأ القلبَ إلا الحب، ومن هو أولى بأن يحبه القلب أكثر من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه، وأحبوني بحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي". ويقول صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين". ولعل سائلاً يقول: كيف نحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أكثر من والدينا وأولادنا ؟ فأقول: يجب أن تحبه صلى الله عليه وآله وسلم أكثر من والديك ومن نفسك ومن ولدك، لأن محبته صلى الله عليه وآله وسلم تجعلك تحب والدك بشكل أفضل وأكبر، وتجعلك تحب أولادك بشكل أحسن، تجعلك تحب القيم والفضائل أكثر. 3- الاقتداء: أي الاتباع، فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به". إذاعة دمشق: يبدو أن هذه الواجبات مرتبط بعضها ببعض، ولا يمكن أن ينفصل أحدها عن البقية. الدكتور محمود: هذا صحيح. فإذا بدأنا بالتعرف عليه صلى الله عليه وآله وسلم فسوف نحبه، وإذا أحببناه فسوف نتبعه ونقتدي به. ولعل هذه الحقوق تكون موضع بحث ودراسة من قبلنا. من أجل أن نتفكر فيها وفي قيامنا بواجباتنا تجاهها. كما نتفكر أيضاً في واجباتنا تجاه الله تعالى، وتجاه القرآن الكريم، وتجاه الإنسان، وتجاه الأرض، وتجاه الوطن، فنحن مقصرون في قيامنا في واجباتنا، ولعلنا نقوم لنطالب بحقوقنا قبل أداء ما يتوجب علينا. أرجو أن تكون هذه الذكرى دافعاً للبحث في هذه الواجبات جميعاً. وكل عام وكل ذكرى للمولد وأنتم بخير، ووطننا وأمتنا وأهلنا بخير وأمان واطمئنان.

التعليقات

شاركنا بتعليق