آخر تحديث: الثلاثاء 23 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
عود على فريضة الوحدة الإسلامية

عود على فريضة الوحدة الإسلامية

تاريخ الإضافة: 2006/04/21 | عدد المشاهدات: 3755

أما بعد، أيها الإخوة المؤمنون:

كلما خلوت بنفسي أبحث عن موضوع خطبة وجدتني مضطراً ومدفوعاً للحديث عن وحدة المسلمين، عن ائتلاف المسلمين، عن جماعة المسلمين ولزومها، عن ما يجمع بين المسلمين، عن ضرورة نبذ التفرقة فيما بين المسلمين، عن ضرورة التعاون بين المسلمين. كلما خلوت بيني وبين نفسي قلت ما الذي نحتاجه نحن الذين آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا ؟ ما الذي نحتاجه أكثر، أو ليست الوحدة والاجتماع والتعاون والتباذل هي الحاجة الأهم والحاجة المثلى والحاجة القصوى والحاجة الأكثر ضرورة، أليس ذلك بصحيح ؟

اليوم يا معشر المسلمين: أين مسؤوليتكم تجاه إخوانكم في فلسطين على سبيل المثال، ألا يلزمكم أن تفكروا في فريضة الوحدة معهم وفي فريضة التعاون معهم وفي فريضة التآلف معهم وفي فريضة الاجتماع معهم على الخير وفي فريضة إعلان اللقاء وإعلان التراحم وإعلان التباذل وإعلان التضامن وإعلان الأخوة فيما بينكم وبينهم. إخوانكم اليوم في فلسطين يُحاصَرون، الفلسطينيون خارج فلسطين أيضاً يحاصرون ويهادنون ويراد منهم أن يتنازلوا عن حق العودة إلى فلسطين، يراد منهم أن يكونوا لاجئين من الدرجة العاشرة، يراد منهم ألا يبقى واحداً منهم يفكر في فلسطين موطناً أصيلاً له. هؤلاء إخوتكم الذين هم خارج فلسطين وداخل فلسطين، وهؤلاء هم إخوتكم في كل البلاد العربية يكاد الأمر يكون عاماً دون استثناء، يعانون ما يعانون من ضغوط وقهر فأين اندفاعكم للتحقق بهذه الفريضة، أين اجتماعكم، أين مقولات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي تتعلق بهذه القضية من أجل أن تتمثلوها، أين أنتم من قول الله عز وجل: ﴿إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص﴾ الصف:4. أين أنتم من قول الله عز وجل: ﴿ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم﴾ الأنفال:46. أين أنتم من هذا ؟ أوما فكرتم في هذا ؟ أين أنتم من قول الله عز وجل: ﴿إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون﴾ الأنبياء:92. فهل أمتكم أمة واحدة ؟ وهل تسعون من أجل الأمة الواحدة ؟ وهل يفكر حكامنا في الأمة الواحدة ؟ وهل تفكر شعوبنا بالأمة الواحدة. هذه فريضة فهل نفكر بهذه الفريضة ؟ أين التعاون والتباذل مع إخوانكم في فلسطين، مع إخوانكم في العراق، مع إخوانكم في السودان، مع إخوانكم هنا وهناك، أين التعاون والتباذل ؟ اللهم أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت ربي وأنت رب المستضعفين إلى من تكلني إلى عدو يتجهمني أم إلى قريب ملكته أمري إن لم يكن بك غضب علينا فلا نبالي لكن عافيتك أوسع لنا. يا إخوتي هلا فكرتم بالوحدة ولزوم الجماعة والتعاون والتباذل، على الأقل - يا مسلمون - إن لم تكونوا قادرين على الفعلة فلا أقل من أن تدعوا إلى هذه الفعلة الحميدة، وإن لم تكونوا قادرين على أن تدعوا بألسنتكم وعلمكم ومعرفتكم إلى هذا فلا أقل من أن تتوجهوا في صلواتكم إلى ربكم من أجل أن يجمع شمل الأمة، من أجل أن يجعل الأمة تلتقي على خير ، وتعمل للخير وتسعى للخير. أوتريدون حتى تدعوا ربكم أكثر من هذا الذي يُكال لكم من سوء وشر وضياع وتضييع وإساءة وقهر وإذلال وكل صفات الخوف والجبن والضياع والذل والانكسار والمطاوعة وعدم الاعتراف بكينونتكم الإنسانية ! يا أمة الإسلام توحدي، يا أفراد المسلمين توحدوا واذكروا قول نبيكم عليه وآله الصلاة والسلام كما جاء في الترمذي بسند حسن صحيح: "عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، ومن أراد بحبوحة الجنة فليزم الجماعة" يا أمة الإسلام أتريدون أن تكونوا أفراداً متفرقين وبالتالي فالشيطان مع الواحد غير المجتمع مع أخيه، والشيطان هو عن الاثنين أبعد، ومن أراد بحبوحة الجنة فليزم الجماعة، يا أمة الإسلام اذكروا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في الترمذي بسند صحيح: "يد الله مع الجماعة" والمعادلة بسيطة لماذا لا ننتصر ؟ لأن يد الله ليست معنا، لماذا يد الله ليست معنا ؟ لأننا لسنا مع الجماعة، القضية منطقية ومتسلسلة، لم ننتصر لأننا لسنا جماعة، لأن الله ليس معنا. لماذا لم تكن يد الله معنا لأننا لسنا جماعة. أين انتماؤكم لإخوانكم في فلسطين، أين هذا الانتماء المادي والمعنوي والدعوي ؟ صحيح أن الحكومة قامت مشكورة بفتح باب التبرع لإخوتنا في فلسطين من كان منهم داخل الأرض المحتلة ومن كان خارجها قامت الحكومة مشكورة بفتح باب التبرع لكننا لا نريد أن ننتظر إذن الدولة حتى نتبرع، لكننا نريد ما بعد التبرع، نريد أن نتبرع بالمال، ونريد أن نتبرع بإعلان الأخوة وإعلان الجماعة، وهذا ليس تبرعاً وإنما قلت عنه تبرع من باب المشاكلة، بل القضية قضية فريضة، قضية إعلان الالتزام يتعاليم ديننا الحنيف وإلا فالأمر مشكوك فيه.

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول كما في البخاري: "من فارق الجماعة شبراً – انظروا إلى المسافات التي فارقنا عبرها الجماعة، ليست بشبر وليست بمتر وليست بميل بل إنها بمئات آلاف الأميال والأمتار وملايينها – من فارق الجماعة شبراً فمات إلا مات ميتة جاهلية" يا أمة الإسلام مع الجماعة فلنكن، يا أمة الإسلام فلنتحد، كفانا أن يريق بعضنا دماء بعض، كفانا أن يشتم بعضنا بعضاً، كفانا أن يشتم الشعب الحاكم وأن يقهر الحاكم الشعب، نحن نريد أن يكون الشعب مع الحاكم سامعاً ومعيناً وأن يكون الحاكم مع الشعب رحيماً وعادلاً وأميناً، فالسمع والطاعة والإعانة من الشعب مرتبطة بعدل ورحمة وقيام بالمسؤولية وأمانة من الحاكم، ولذلك لا أوجه الكلام لأحد طرفي المعادلة في حياتنا لكنني أوجه الكلام والنصح إلى طرفي المعادلة، إلى الشعوب والحكام، إلى المسؤول والمسؤول عنه، إلى الأستاذ والتلميذ، إلى الأب والولد، إلى الأم والبنت، إلى المتكلم من الشيوخ وإلى السامعين، تعودنا أن ما يوصلنا إلى الفرقة سلكناه وأن ما يوصلنا إلى الجماعة أهملناه، عندما نسمع شائعة عن مسلم نعرفه نترك الصدق الذي نعرفه عنه لنأخذ بالشائعة الكاذبة أفيجوز هذا ؟! حدثني منذ ساعة شخص قال: هل صحيح أن الأوقاف وزارة ومديريات منعت أذان الفجر والعصر عبر المآذن ؟ قلت له: من أين سمعت هذا وتتكلم أنت على أنه خبر يقيني ؟ قال لي: سمعته ممن سمع – بسند مهلهل – من إحدى القنوات الفضائية الإعلامية الممسوخة. قلت له: أنا لا أعلم بأن وزارة الأوقاف أصدرت هذا وأنا سمعت وزير الأوقاف منذ أسبوع يتكلم عبر التلفاز السوري وقد سئل مثل هذا السؤال فقال: لا ورب الكعبة، ما أصدرنا مثل هذا القرار، ولكن قلنا للمؤذنين بالنسبة لصلاة الفجر وصلاة العصر فلتخفضوا صوت المكبر بعض الشيء لا أكثر ولا أقل لأن هناك أناس نياماً وهناك أطفالاً، قلنا أخفضوا صوت المكبر درجة واحدة، قيل هذا في وزارة الأوقاف فتلقاها المسلمون وتلقفوها على أنها دعوة إلى إبطال أذان العصر وأذان الفجر عبر المكبرات وأن ذلك صدر قانوناً ويكلمك من يكلمك حين يكلمك عن ما يسبب الفرقة بين المسلمين وعن ما يسبب التناحر والتنازع بين المسلمين، يكلمك على أنه واثق، أما حين يكلمك عن أمر يؤدي إلى محبة وتواصل ولقاء يكلمك بلغة - كما يقول علماء الحديث بلهجة تمريضية - يقول ربما أنا لا أعلم، عندما يتكلم عنك بالخير يتكلم بموضوعية سخيفة كما يقال، ولكن عندما يتكلم عنك بالشر يتكلم بحسم وأنه على علم وثيق وعلى اطلاع كبير. استحكمت الفرقة والدعوة إلى الفرقة في أذهاننا لذلك تجدنا أمة تتلقى خبر السوء وتنشر خبر السوء بين المسلمين، وربما أدى هذا الخبر المزيف أن يقتل بعضهم بعضاً، وهذا ما يحصل، أما أن ينشر الواحد منا خبر الخير الذي يؤدي إلى تدعيم الصِّلات وتقوية العلاقات فهذا ما أهملناه، فورب الكعبة إنا لخاطئون إذ نعمل ذلك. قلت مرة عبارة منقولة عن سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال واسمعوا، يا شبابنا، يا أمتنا، يا أبناءنا، يا شعبنا، يا حكامنا، هذا الرجل الصحابي الجليل الفقيه الذي نأخذ عنه ديننا وفقهنا، قال: "والله ما أكرهه في الجماعة أحب إليّ مما أحبه في الفرقة".

هيا إلى تلاقٍ على مساحة إسلامية تريدنا كذلك يا مسلمون إياكم والغيبة فإنها تفجر الجسور الرابطة، إياكم والنميمة فإنها تقتل بسكين غير حادة العلاقات الطيبة فيما بيننا، إياكم والاتهام فإن ذلك يبيدنا، يبيد المتهِم والمتهَم، إياكم والشتيمة فإن ذلك يبعدنا أن نكون محل أنظار الله اللطيفة، إياكم وكل ما يفسد الود فيما بينكم، انصحوا الحكام ولكن على أساس من إرادةٍ خيرة، وكونوا في نصحكم جريئين، ولكن أريدكم في جرأتكم أن تكون الجرأة قائمة على أساس من إخلاص، على أساس من عدم حب الظهور، أن تكونوا مخلصين، وأنتم أيها الحكام كونوا أوفياء لشعوبكم على أساس من شعور بالمسؤولية الملقاة على عاتقكم، وإلا فنحن جاهزون من أجل أن نكون لقمةً سائغة لعدو صهيوني وأمريكي وبريطاني، ولعدو داخلي وخارجي. اللهَ الله في هذه الوحدة التي هي فريضة، هيا إلى وحدة هي فريضة في ديننا، هيا إلى التعاون هيا إلى التباذل، هيا إلى النصرة، إلى نصرة دينكم، إلى نصرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إلى نصرة القرآن الكريم، إلى نصرة الفرائض الإسلامية، إلى نبذ ما نهانا الله عز وجل عنه.

اللهم إني أسألك أن تجعلنا ممن يجتمع عليك، وممن يساهم بحاله وقاله وماله في تحقيق فريضة الوحدة والتعاون فيما بين المسلمين، نعم من يسأل ربنا، ونعم النصير إلهنا أقول هذا القول وأستغفر الله.

التعليقات

شاركنا بتعليق