آخر تحديث: الثلاثاء 23 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
الدعاء هو العبادة

الدعاء هو العبادة

تاريخ الإضافة: 2006/06/16 | عدد المشاهدات: 4082

بمناسبة سفر فضيلة الدكتور محمود عكام إلى الكويت ومصر للمشاركة في بعض الفعاليات العلمية، ألقى الأستاذ أحمد خطيب خطبة الجمعة في جامع التوحيد بالنيابة عن فضيلته.

وهذا نص الخطبة:

الدعاء هو العبادة

أما بعد، أيها الإخوة المؤمنون:

فريضة وعبادة ، أُمرنا بها ونحن بأمس الحاجة إليها، جاء الأمر بها واضحاً وصريحاً في القرآن الكريم، وجاءت تسميتها بالعبادة على لسان رسولنا الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم.

- إنها فريضة الدعاء: وقد قال ربي عز وجل: ﴿وقال ربكم ادعوني أستجب لكم، إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين غافر: 60.

وقال أيضاً: ﴿وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون البقرة: 186.

ووصف المؤمنين الصالحين بقوله: ﴿يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون السجدة: 16، بل وأمر المؤمنين أن يدعوه فقال: ﴿ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين الأعراف: 55.

وأمرنا بهذه الفريضة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال كما روى أبو داود والترمذي عن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: (الدعاء هو العبادة)، وقال أيضاً كما في صحيح الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثر الدعاء). وفعل (أكثروا) هو فعل أمر، والأمر يقتضي الوجوب.

- ولكن ما المقصود بالدعاء ؟ هل الدعاء أن يطلب الإنسان من ربه حاجات معينة، وانتهى الأمر، فقد أزال عن كاهله هذا الِحمل الثقيل، أم إن الدعاء شيء آخر غير هذا ؟!

نظرت بعضَ ما في جعبة أستاذنا الفاضل الدكتور محمود عكام حفظه الله فوجدته يعرف الدعاء بقوله: "الدعاء حركة يتوجها عمل، لا دعاء يحوم فوق خمول وكسل".

لا بد من الحركة قبل الدعاء، بل لا بد من العمل، وإلا كان الإنسان متواكلاً يعتمد على الأسباب ولا يعتمدها، ويعتمد الله دون أن يعتمد عليه.

الحركة والعمل قبل الدعاء، أو هي شرط الدعاء.

والأنبياء كلهم دعوا بعد عمل:

- فنوح عليه السلام قال: ﴿رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً. إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً. رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات نوح: 26- 30. ولكن دعا هذا الدعاء بعد أن عمل، ومكث فيها ألف سنة إلا خمسين عاماً، ﴿قال رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً. فلم يزدهم دعائي إلا فراراً. وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكباراً. ثم إني دعوتهم جهاراً. ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسراراً. فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً. يرسل السماء عليكم مدراراً. ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً نوح: 5- 12.

- وإبراهيم عليه السلام دعا ربه فاستجاب له، ولكن بعد عمل أيضاً. لقد أُمر أن يهاجر من بلده إلى وادٍ غير ذي زرع فهاجر، وأمر أن يترك أهله وذريته في ذلك الوادي القاحل فتركهم، ثم أُمر أن يبني البيت فبناه، وبعد كل هذا العمل دعا ربه: ﴿وإذا قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمناً واجنبني وبَني أن نعبد الأصنام. رب إنهن أضللن كثيراً من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم. ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون إبراهيم: 35- 37.

- أيضاً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر دعا ربه فاستجاب له دعاءه، ولكن بعد عمل أيضاً، وها هو يوم بدر يختار المكان المناسب، ويستمع لآراء أصحابه، ثم يُعد الخطة الحربية، ويصفُّ الصفوف، وبعد كل ذلك يرفع يديه إلى السماء: (اللهم أن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض).

- فلنختر من الدعاء المأثور، ولنبتعد عن الموضوع والمختلق، ففي المأثور ما يكفي، ولنبتعد عن الاعتداء في الدعاء ﴿ولا تكونوا من المعتدين﴾، ولنقل على سبيل المثال:

﴿ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار البقرة: 201.

ولنقل: ﴿ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراماً. إنها ساءت مستقراً ومقاماً الفرقان: 65.

ولنقل: ﴿ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب آل عمران: 8.

ولنقل: ﴿ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرينالبقرة: 286.

ولنقل: ﴿رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا تقبل دعاء. ربنا اغفر لي ولوالدي يوم يقوم الحساب إبراهيم: 40- 41.

ولنقل كما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

(اللهم إني أسألك التقى والهدى والعفاف والغنى) رواه مسلم.

(قل: اللهم اغفر لي، وارحمني، وعافني، وارزقني، فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك) أخرجه مسلم.

وقل كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول كما في صحيح الإمام مسلم: (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر)، نعم من يسأل أنت، ونعم النصير إلهنا، أقول هذا القول وأستغفر الله.

التعليقات

شاركنا بتعليق