يشارك فضيلة الدكتور محمود عكام في مؤتمر " الملتقى الدولي الخامس عشر لمسلمي سويسرا " ببحث عنوانه : " الحوار الثقافي والحضاري في خدمة السلام العالمي " والجدير بالذكر أن شخصيات إسلامية وعربية كبيرة سياسية واجتماعية ودينية ستشارك في هذا المؤتمر من رؤساء دول إلى وزراء خارجية ورؤساء منظمات ومجمعات إسلامية . وذلك بتاريخ 16 / 17 / 18 إيلول / 2005 م في مدينة " فريبورغ " القريبة من مدينة جنيف .
وفيما يلي نص البحث :
الحوار الثقافي والحضاري في خدمة
السلام
رؤية إسلامية
بحث مقدم إلى الملتقى الدولي الخامس عشر لمسلمي سويسرا
المنعقد بتاريخ : 16 / 17 / 18 إيلول / 2005 م في مدينة " فريبورغ " القريبة من
مدينة جنيف .
الحوار الثقافي والحضاري في خدمة السلام
رؤية إسلامية
1- إشكالية
ومقدمة :
لماذا الحوار؟! وهل العالم جاد في تبنيه سبيلا للقاء ؟ وهل هناك اتفاق على
مضمونه ومعناه ؟ مادام الحوار شكلية وصيغة .
من الحكَم في الحوار، ومن المرجع الحاكم على أطرافه ؟
هل الحوار صرعة أو صرخة عابرة ؟أم هو ثابتة إنسانية، تغيب إذ يسود القمع، وتظهر
حين يزول.
هل الحوار إعلان رفض، وردة فعل على سباق التسلح المخيف، ذي التنوع الأكثر من
تعددية فنون الحوار وطرقه ؟ هل قرر العالم بمن فيه الحوار للتعايش ؟ أم هو قرار
الضعيف ليقوى، والقوي ليتمكن ويستولي ؟ ويستعدي ويستعلي ؟ التساؤلات جد وفيرة،
ولازالت في ازدياد.
2- الإنسان والحوار :
أ- الكلمة أس الحوار :
الحوار مراجعة ومواجهة، والمراجعة إنسانية، وما دامت إنسانية فهي في المعنى عبر
الكلمة المنطوقة أو المكتوبة، وربما عبر إشارتها المعهودة لدى من لا يحسن نطقها
أو تناول قلمها. والحوار مواجهة بين من اختصوا بالوجه المعبر، والوجه صفحة
مرسلة ومستقبلة في آن معا :
فالفم فيه: مصدر معرفة مقولة ومرسلة.
والأذن فيه: طريق موصلة للفكر إلى مستقر الصدر، الصدر الحاوي: ( ألم نشرح لك
صدرك ) الشرح/1، و (قال رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري ) طه/25.
وأما العين الباصرة فكفيلة بدعم الفم قائلا مرسلاً ، ودعم الأذن مستقبلة.
الحوار فن في المراجعة والمواجهة، تراجع بينك وبين ذاتك، وتواجه الآخر بما
راجعت وبما حوّرت في خلدك وداخلك، وهو على الكلمة يقوم، وقد غدا اليوم فناً من
الفنون المؤهلة إلى درجة العلوم له قواعده ونظمه وأسسه.
وحاوَرَ : " تعني لقاء على الكلمة، فإذا ما تم اللقاء على سواها الذي لا يمت
إليها، غدا الأمر مسمى بحسب الوسيلة البديل، قاتل " ... إلخ.
على أن الكلمة التي يرتكز عليها الحوار، مراجعة ومواجهة، ليست مطلقة ولا حرة من
قيد يبقيها سمة إنسانية لائقة، فليس القصد في الحوار أن تتكلم، ولكن القصد
والمطلوب أن تصبر على كلام الآخر، فلا تستخدم في مواجهته - ولو كان ما يصدر عنه
غير لائق - إلا اللائق: ( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً ) الفرقان/63.
إن الكلمة الأس في الحوار هي التي تستتبع كلمة أخرى، ولا تفضي إلى حنق أو
إثارة، لأن الكلمة في انطلاقها وغايتها نوعان: فقد تكون أداة فتك وفتنة، وقد
تكون سبيل مواصلة إنسانية، ولم أقل سبيل اتفاق، لأن التواصل بالكلمة - وبغض
النظر عن الاتفاق أو عدمه - هو غاية الحوار: ( وقولوا للناس حسناً )
البقرة/83،.
و "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت " (1) كما قال صلى الله
عليه وآله وسلم .
وشتان بين كلمة مرغوبة تعني الخير وتحمله، وبين كلمة أخرى تعني الشر وتسو قه: "
إن العبد ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم " (2)، كما قال
محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
الحوار في النهاية:
كلمة مناسبة للإنسان الذي اختير أمينا في الأرض، وموضوعا شاغلاً لأهل السماء.
فهل من سبيل إلى تلاق بين الإنسان والحوار، أو إلى إعادة التلاقي، وهما معا
للكلمة ومعها وبها ؟
ب- الكلمة أس الإنسان :
الإنسان تركيبة معقدة، والتعقيد هنا في مقابل البساطة المرفوضة، وهو في النهاية
مجموعة معان تنظمها خصوصية فطرية مستقلة، في قالب خلقي راق: ( لقد خلقنا
الإنسان في أحسن تقويم ) التين/4، تشكل هذه المجموعة وحدة قائمة بذاتها،
وكينونة نواة نوعية للعالم، ونقطة استقطاب واعية، تدور حولها، وفي فلكها،
الأشياء كلها: ( ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض )
لقمان/20 و ( إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق
عن أمر ربه ) الكهف/50 .
وكأني بكل و حدة من هذه الوحدات عالما مستقلا ، ولاغرو و لا غرابة أن تكون
إضافة الرب إلى العالمين، الواردة في كتب السماء بشكل عام، تعني إسنادَ الربِّ
إلى الإنسان، والإنسانِ والإنسان، أي إلى الناس، لأن كل واحد من الناس عالم.
أتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
ولنعد إلى المعاني المكونة - كما أسلفنا - لنجدها تعبيرا صادرا عبر الكلمة، أو
ما يقوم مقامها، أي مقام الكلمة.
ومن هنا كانت الكلمة هذه، الركن الأهم في حد الإنسان وتعريفه ورسمه، فقد قالوا
معر فين: الإنسان حيوان ناطق يأتلف مع بقية المخلوقات الحية في مطلق الحياة
المادية، وينفرد بالنطق، الذي هو صوت الكلمة، وبالكلمة التي هي لبوس المعنى،
وبالمعنى الذي هو المرتكز والأساس ولعله النفحة الإلهية التي ميز بها الإنسان:
( فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ) الحجر/29.
هذه قصة الكلمة والإنسان، اختصرناها وكثفناها.
ج - الإنسان والحوار بجامع الكلمة :
كلاهما يقومان على الكلمة، وتجمعهما الكلمة، فهل يجوز لنا أن نقول: الإنسان
حوار والحوار إنسان ؟
إني لأجيب بنعم، وأنا واثق أن العلاقة وطيدة، والحكم رشيد. وعلى أساس الحوار
يلتقي الإنسان الإنسان ، لأن الحوار فعلة الإنسان الرئيسة، مادامت هذه الفعلة
تتعامل مع الكلمة.
أو ليس الإنسان - حسب معطيات كل الديانات - حامل كلمة ، وناقل كلمة، ومبل غ
كلمة، وتلك مهمته التي كلف بها أمانة يسعى إلى أدائها بكل جدية، فمن : ( اقرأ )
العلق/1، إلى: ( سنلقي عليك قولاً ثقيلاً ) المزمل/5، إلى: ( إن الذين قالوا
ربنا الله ثم استقاموا ) فصلت/30، إلى : ( يا أيها الرسول بلغ ما أ نزل إليك من
ربك ) المائدة/67.
وهل هذا إلا حوار ؟ ما دمنا قد عر فنا الحوار وعر فناه على أنه الكلمة تراجع
ويواجه بها.
فمن أعرض عنها فلم يستقبلها: ( وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في
آذانهم واستغشو ا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا ) نوح/7، أو استبدل بها
سواها في الإرسال ( قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين ) الأنبياء/68;
من كان كذلك فقد بعدت عليه الشقة مع إنسانيته، وأضحى إلى سوء يبعده عن معانيه
التي تحمل سر ه، وغدا حينها منسلخاً ، فمثله كمثل الكلب، إن تحمل عليه يلهث ،
وإن تتركه يلهث .
الحديث، أخيراً ، عن الإنسان والحوار حديث عن نون والقلم، عن الصحيفة والحرف،
حديث عن مجلىً يظهر إنسانية الإنسان.
يقول فروم: " الإنسان بالحب يسمو، وبالقيم يسود، وبالحوار يتقدم "(3) .
3- الإسلام والحوار :
أ – الإسلام أس الكلمة وعليها يقوم :
الإسلام - كغيره من الديانات - قام على الكلمة وأسس عليها، استقبلها من السماء
بأمانة عن طريق الوحي، وأرسلها إلى الناس بوفاء عن طريق التبليغ والدعوة
والرسالة. ولو أحصينا ما جاء في القرآن الكريم والسنة الشريفة عن الكلمة،
وكونها الأصل المرتكز والمحور، لما أبقينا لغيرها شيئا في عالم المصادر.
فالعلم الذي يفترش جل صفحات القرآن الكريم، والتفكير الذي يشغل حيزاً كبيرا في
أسطر هذا السفر العظيم، والدعوة التي ملأت أركان الكتاب الكريم، والسلام والسلم
اللذان دعي إليهما الإنسان مرارا وتكرارا ، والإيمان، والتقوى، و ...، دليل على
أن الإسلام كلمة، لأن هاتيك المصطلحات التي أتينا على ذكرها تواً لا تعني إلا
الكلمة ، والكلمة فقط، فإن رفعتها - أقصد الكلمة - منها - أي من المصطلحات -
غدت الأخيرة هذه حروفا صوتية، أو لفظا دون قول، كما يقول النحاة.
والكلمة في الدين الحنيف تتسم بثلاث سمات:
1- الإنتاجية.
2- قابلية التوريث.
3- البعد الرباني.
أما الإنتاجية: فالدلالة والمعنى المحدد المفهوم، الذي يرى فيه العصر والمكان،
والمؤدي في الأخير إلى سلوك، وإذا لم تملك الكلمة مقومات الإنتاج فهي الثرثرة
المضيِّعة المضيَّعة.
وأما قابلية التوريث: فإمكانية النقل والتعليم لمن يعيها: ( وتعيها أذن واعية )
الحاقة/12، ( وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما ) النساء/113.
وأما البعد الرباني: فالكلمة من الله دون سواه : ( الرحمن علم القرآن خلق
الإنسان علمه البيان ) الرحمن/1-4، ( وعلَّم آدم الأسماء كلها) بقرة/31.
الكلمة في الإسلام لها نسب ، وهكذا ينبغي أن تكون بشكل عام، ومن لا ينسب الكلمة
إلى الله يُسَاءَل عن مصدره المعتمد لكلمته، ولم عدل عن ربه مصدراً يأخذ عنه ؟!
فهل وجد ما ينافي العقل ؟ أم رأى في عقله ما يمكن أن يمده ؟ فليفصح إذاً (قل
هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) البقرة/111.
إن مشكلة الكلمة هذه مشكلة ما قبل الحوار، وعلى الإنسان أن يحل هذه المشكلة
بينه وبين ذاته، قبل أن يثيرها مشكلة مستعصية مع غيره: ( فتلقى آدم من ربه
كلمات فتاب عليه ) البقرة/37.
قدِّر لرجلك قبل الخطو موضعها فمن علا موطناً عن غِرَّة زلقا
ونحن نقول: قد ر لكلمتك قبل الحوار مصدرها.
ب- الإسلام والحوار بجامع الكلمة :
أسُّ كليهما الكلمة، والسمة الأهم لكل منهما الكلمة، وعلى هذا فالإسلام حوار
يبتدئ من الذات ومعها، ويستمر ويتتابع مع الآخر، أعني مع الإنسان، وينتهي
إعلانا مفاده: ( قد تبين الرشد من الغي ) البقرة/256، و( فإن أعرضوا فما
أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ ) الشورى/48.
أما بدايته مع الذات:
فاقرأ معي قصة إبراهيم : ( وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من
الموقنين . فلما جنَّ عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب
الآفلين. فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي
لأكونن من القوم الضالين . فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما
أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون . إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض
حنيفا وما أنا من المشركين . وحاجه قومه … ) الأنعام 75-80 .
وأما متابعته واستمراره ليتجاوز إلى الآخر :
فاقرأ المجادلة: ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله
يسمع تحاوركما ) المجادلة/1.
ورتل أيضا : ( قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم
سواك رجلاً ) الكهف/37.
واتل أيضا: ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ) آل
عمران/64.
وأما نهايته الإعلانية:
( فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد ) غافر/44. و
( وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين ) سبأ/24.
وها نحن نسوق مثالين مستلين من السيرة النبوية، أولهما حوار مع مشرك، والثاني
مع شاب مؤمن يبغي فعل كبيرة ورذيلة.
1- روى ابن خزيمة بإسناده، أن قريشا جاءت إلى الحصين، والد عمران، وكانوا
يعظمونه، فقالوا له: كلم هذا الرجل - أي محمداً - فإنه يذكر آلهتنا ويسبهم.
فجاءوا معه حتى جلسوا قريبا من باب النبي ، فقال: " أوسعوا للشيخ " وعمران
وأصحابه متوافرون، فقال حصين: ما هذا الذي بلغني عنك، أنك تشتم آلهتنا وتذكرهم
؟
فقال النبي : " يا حصين، كم تعبد من إله ؟ ".
فقال حصين: سبعا في الأرض وواحدا في السماء.
فقال النبي : " فإذا أصابك الضر من تدعو ؟ ".
فقال حصين: الذي في السماء.
فقال النبي : " فيستجيب لك وحده وتشركه معهم، أرضيته في الشكر، أم تخاف أن يغلب
عليك ؟! ".
فقال حصين: ولا واحدة من هاتين. قال: وعلمت أني لم أكلم مثله.
فقال النبي : " يا حصين أسلم تسلم ".
فقال حصين: إن لي قوما وعشيرة ، فماذا أقول ؟
قال : " قل اللهم إني أستهديك لأرشد أمري، وأسألك علما ينفعني ".
فقالها حصين. فلم يقم حتى أسلم. فقام إليه ابنه عمران، فقبل رأسه ويديه ورجليه،
فلما رأى ذلك النبي بكى.
2- روى الإمام أحمد في مسنده والطبراني، أن رجلا جاء إلى النبي يستأذنه في
الزنى.
فقال النبي : " أترضاه لابنتك ؟ ".
فقال الرجل: لا.
فقال : " وكذلك الناس لا يرضونه ".
فقال : " أترضاه لأمك ؟ ".
فقال الرجل: لا.
فقال: " كذلك الناس لا يرضونه ".
ثم قر به، ومسح صدره قائلا : " اللهم طهر قلبه، وحصن فرجه، واغفر ذنبه " .
فقال الرجل: دخلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وما شيء أحب إلى قلبي من
الزنى، وخرجت وما شيء أبغض إلى قلبي منه.
4- الحوار سبيلاً للثقافة والحضارة :
أ- الحوار والثقافة :
قبل الشروع حديث عن الثقافة وماذا تعني :
وهي في آخر المطاف ، تحويل المعطى المعرفى إلى سلوك ، أو القدرة على تحويل
المعطيات المعرفية إلى سلوك مناسب ، على أننا نحترز فنؤكد على أن كلا الارتكاب
والاجتناب سلوك ، فالمعطى المعرفي الذي يتضمن توجهاً سلبياً إذا ما طبق ،
فالثقافة حينها تكون بالاجتناب ، والمعطى المعرفي الذي ينطوي على توجه إيجابي
في تطبيقه فالثقافة آنئذ تكون بالارتكاب .
وحتى لا تغرق في المجرد والتجريد نقول : الثقافة سلوك ، وليست ذاكرة ، وإن شئت
قل : هي الذاكرة المفعلة باتجاه السلوك والتطبيق والأمثلة وفيرة ، بيد أننا
نذكر واحداً منها توضيحاً وتثبيتاً ، فنقول : حينما أقدر على تحويل آداب الطعام
– بغض النظر عن مرجعية هذه الآداب – إلى سلوك فأتحلى بها فأنا مثقف ، ولو أنني
أبقيت آداب الطعام في طي سجل الذاكرة وتلافيف الدماغ على أنها معارف مكتسبة فلن
أمنح صفة الثقافة .
- الثقافة والحوار في دائرة الإحسان :
إذاً : إذا كانت الثقافة والمعرفة وفق الشكل الذي ذكرنا ، والمعرفة كلمة أي
تقوم على الكلمة ، وقد قلنا إن الحوار كلمة ، فالتقاطع جلي وواضح فيما يتعلق
بالكمة بين الحوار وبين الثقافة . إلا أننا نريد هنا التوضيح فنقول : الحوار
والثقافة حواران :
حوار ذاتي يجول ويجري في داخلي وأنا أبحث عن صيغ التنفيذ ، لإظهار ما قد عرفته
في قوالب سلوكية .
وحوار مع الآخر يتجلى في حديث معه حول الصيغ المثلى في تجلية مكنون المعرفي
المتعلق بأمر ما .... وهكذا .
وها نحن أولاء في هذا العالم نتنادى ، وعبر المنظمات الإنسانية الدولية
والإقليمية إلى ضرورة الدعوة إلى فتح ملف الحوار والثقافة ، وسينصب ذلك على
البحث عن صيغ إنسانية مناسبة ، ولعلنا نجد مثالاً على هذا الحوار في سورة لقمان
من خلال القرآن الكريم حين توجه لقمان الحكيم إلى ولده قائلاً : ( يا بني أقم
الصلاة وأمر بالمعروف وانهَ عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور
. ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور .
واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ) .
فالحوار الثقافي حوار يتطلع إلى الإحسان في النهاية ، إلى تحقيق الإحسان في
الارتكاب أو الاجتناب ، فإن دعوت إلى خير فليكن ذلك على أساس من إحسان وتلطف ،
وإن نهيت عن شر فكذلك ، وفي النهاية فنحن أمام معادلة :
إحسان في الحوار
الهوامش :
( 1 ) متفق عليه .
( 2 ) أخرجه البخاري .
( 3 ) انظر " الإنسان والقيم " ، ص / 111 .
( 4 ) متفق عليه .
( 5 ) متفق عليه .
( 6 ) أخرجه البخاري.
( 7 ) أخرجه الترمذي .
التعليقات